لماذا يثير الصراع في السودان قلق الدول المجاورة؟

: 4/27/23, 4:54 PM
Updated: 4/27/23, 4:54 PM
الدول المجاورة تتاثر بالصراع في السودان ولها مصلحة مشتركة في استقراره
الدول المجاورة تتاثر بالصراع في السودان ولها مصلحة مشتركة في استقراره

الصراع الدائر في السودان، بات عبئا ثقيلا ليس فقط على مواطنيه، بل أيضا على جيرانه، سواء من الناحية الأمنية أو الاقتصادية.

وتراقب بلدان الجوار مثل مصر وتشاد وجنوب السودان بقلق تطورات القتال وانعكاسات الوضع الأمني.”السودان أصبح في قلب أزمة قد يطول أمدها”، هذا ما تراه مارينا بيتر، مؤسِسة منتدى السودان وجنوب السودان في مقابلة مع DW.

وبحسب الخبيرة “عندما ينشب صراع في إحدى هذه البلدان، سواء كانت مصر أو ليبيا أو تشاد أو جمهورية أفريقيا الوسطى أو جنوب السودان أو إثيوبيا أو إريتريا أو – بالنظر عبر البحر الأحمر إلى المملكة العربية السعودية، فإن البلدان المجاورة سرعان ما تتأثر”.

في السودان، الذي يعاني من عدم الاستقرار السياسي منذ سنوات، يستعر الصراع الآن بين أقوى جنرالين وقواتهما من أجل السيادة على كامل التراب السوداني، القوات العسكرية بقيادة الفريق عبد الفتاح البرهان ضد قوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي). وتؤكد بيتر أن اندلاع أعمال العنف في السودان يزيد من أخطار زعزعة الاستقرار في المنطقة.

جنوب السودان: النفط كمصدر للدخل

تقول مارينا بيتر إن جميع الدول تعتمد على علاقات جيدة معالسودان. لكن هناك روابط خاصة ومختلفة مع دولة جنوب السودان، البلد الذي أعلن استقلاله عن الشمال عام 2011، وذلك بعد صراع طويل وحرب أهلية أسفرت عن مقتل مئات الآلاف.

ومن بين حوالي 11 مليون نسمة في جنوب السودان، فر عدة ملايين إلى البلدان المجاورة أو أجزاء أخرى من جنوب السودان، هربا من الحرب الأهلية التي اندلعت عام 2013 وأودت بحياة مئات الآلاف. وانتهت الحرب الأهلية رسميًا عام 2020، “لكن ّالسلام هناك لا يزال هشا”، بحسب ما تقول بيتر.

من ناحيته يتفق غيرت كورتس، الخبير في مجموعة أبحاث إفريقيا والشرق الأوسط في مؤسسة برلين للعلوم والسياسة مع أقوال بيتر، ويقول في مقابلة مع DW “إن التاريخ المشترك يربط بقوة بين الناس في كلا البلدين”، ويضيف بأن كثيرين “يعيشون في السودان وفي جنوب السودان، بما في ذلك اللاجئون، وبالطبع هناك أيضًا علاقات سياسية واقتصادية وثيقة”.

ووفقًا لكورتس، يعتمد جنوب السودان على العملات الأجنبية من مبيعات النفط الخام. فحوالي 95 بالمائة من الإيرادات العامة تعود إلى هذه المبيعات. لذلك يلعب السودان دورا في استقرار هذه المبيعات وتدفقها، إذ يمر خط الأنابيب عبر السودان إلى البحر الأحمر. ولهذا فإن حكومة جنوب السودان مهتمة للغاية بالحفاظ على هذا الاتصال.

بيد أن الانقسام يتحكم بالحكومة السودانية نفسها، فقد لعب زعيم قوات الدعم السريع دقلو دور الوسيط مع جنوب السودان حتى الآن. “والآن تحاول الأطراف في جنوب السودان بطريقة ما النأي بنفسها بمعزل عن الصراع الدائر في الشمال، إذ أن هذا الصراع قد يفجر الوضع السياسي في جنوب السودان أيضا ويؤدي إلى جر المنطقة إلى ىوامة العنف”، بحسب كورتس.

الأزمة الإنسانية في تشاد

في سياق متصل يقول الجيش في تشاد، الدولة المجاورة للسودان، إنه نزع سلاح 320 مقاتلا من الفصائل شبه العسكرية من السودان كانوا قد عبروا الحدود الاثنين الماضي. ويتوافد اللاجئون المدنيون بالفعل من مناطق الصراع في غرب السودان إلى تشاد، كما أكد وزير الاتصالات التشادي عزيز محمد صالح لـ DW. وهذا على الرغم من حقيقة أن الحدود مع السودان التي يبلغ طولها 1500 كيلومتر مغلقة.

وقال صالح إن تشاد، هو بلد مضياف بطبعه، لا يمكنه إغلاق حدوده بالكامل في هذه الظروف، وأضاف “نناشد الشركاء الدوليين لدعمنا في هذه الأزمة الإنسانية التي تلوح في الأفق”.

وبحسب الوزير التشادي فإنه ينبغي ألا يغيب عن البال أن بلاده ترعى بالفعل أكثر من 500 ألف لاجئ متواجدين لديها سابقا. ويخشى صالح من أن الحرب الجارية يمكن أن يكون لها تأثير دائم على منطقة الساحل بأكملها، بما في ذلك التجارة بين الدول.

تاريخيا كان هناك الكثير من حركة المرور على الحدود بين الجارتين تشاد والسودان. وخاصة من الرعاة الذين كانوا يتركون قطعان الماشية ترعى على جانبي الحدود، بيد أن العلاقة بدأت بالتدهور خلال نزاع دارفور.

مصر ..الدولة الحليفة

يمكن لمصر أيضًا أن تنظر إلى تاريخها الطويل مع السودان، ليس فقط كشريك تجاري. فقد كان السودان يتبع مصر في زمن الفراعنة وكان يسمى النوبة. ومع ذلك، ولفترة قصيرة، حكم النوبيون مصر أيضًا، وفي وقت لاحق كان كلا البلدين تحت الحكم الاستعماري البريطاني.

والبلدان ثقافاتهما متشابهة، والعلاقة بين بعض النخب في السودان ومصر وثيقة، وبحسب الخبير في برلين كورتس فإن: “كثيرين من النخب السودانية درست في مصر وتم تدريب القوات المسلحة السودانية لفترات متعاقبة في مصر”. وعند اندلاع الصراع الأخير، كان أفراد من القوات الجوية المصرية في السودان أيضًا للتدريب. وأعلنت السودان في وقت لاحق عن نقل 177 شخصا إلى مصر.

ويرى النظام في مصر أن الحكومة العسكرية في السودان أقرب إلى الحليف: “فالعلاقات وثيقة، لا سيما من جانب القوات المسلحة والجيش”، كما يقول كورتس.

جانب آخر مهم يجب التركيز عليه وهو قضية الخلاف على مياه النيل، موضوع الساعة منذ أن قامت إثيوبيا، الواقعة في أعلى النهر، ببناء سد النهضة لمحطة الطاقة الكهرومائية الضخمة. ويقول الخبير من برلين إن مصر تريد “إدخال السودان إلى معسكرها الخاص في الصراع”. والمفاوضات مع أثيوبيا مستمرة منذ سنوات لكن لا يوجد اتفاق نهائي بين الدول الثلاث.

وقدمت مصر وجنوب السودان نفسيهما في وقت مبكر كوسيط في الصراع بين الجيش وقوات الدعم السريع. فسودان مستقر، أضحى مصلحة مشتركة لجيرانه.

مارتينا شفيكوفسكي/ علاء جمعة

ينشر بالتعاون بين مؤسسة الكومبس الإعلامية و DW

Alkompis Communication AB 559169-6140 © 2024.