ثقافة

لوحات ” وَحشتي الروحية” للفنانة عُلا حسامو في معرض وسط ستوكهولم

: 9/22/23, 10:26 AM
Updated: 9/22/23, 10:26 AM
الفنانة علا حسامو في معرضها وسط ستوكهولم
الفنانة علا حسامو في معرضها وسط ستوكهولم

الكومبس – ثقافة: بعنوان وَحشتي الروحية “ماما فو” (MY spiritual monster) وعلى مدار ثلاثة أيام من 15 إلى 17 سبتمبر أقامت الفنانة السورية عُلا حسامو، معرضاً في غاليري Bordsvägen 49 وسط ستوكهولم. تضمن المعرض رسومات، وكتابات، وتصاميم مرسومة يدوياً على الملابس، وعلب الكرتون، وأقنعة، والبزل، وبطاقات معايدة، ولوحات.
تقول علا “أحياناً يكون البيت سجنُك، وتكونين أنتِ العفريتة! أخبروني أنني مختلفة بسبب القرين، أخبروني أن حياتي صعبة، وحظي سيئ بسبب القرين”.

ما هو القرين؟!

تروي علا قصة معرضها والذاكرة التي أثرت في لوحاتها بالقول: في تلك البقعة من العالم، في أجزاء من ريف حماة، مسقط رأس أمي، بعض الناس ما زالوا يعتقدون أنّه كلما ولدَ طفل، خُلِقت معه عفريتة، اسمها القرين، أو (التابعة) وهي عفريتة شريرة تلاحق الطفل طوال حياته لتغويه بارتكاب الخطايا، وتحوّل حياته إلى جحيم. ولتحمي العائلات أطفالها من شر هذا القرين، تقيم طقوساً دينيّة، تحبس خلالها هذه العفريتة في قارورة أو علبة محكمة الإغلاق، ويخبّئونها في مكانٍ بعيد، لا يمكن أن تهرب منه، مثل أساسات البيت.

كبرت وبدأت شخصيّتي تتبلور واختلافاتي عنهم تصبح أكثر وضوحاً.

يا للعار! يا للمصيبة!

لقد حلّلوا وفكّروا تُرى كيف نعيد عُلا إلى الطريق المستقيم!

حتّى أعلنت جدّتي ذات يوم: يبدو أن (تابعة) عُلا قد هربت من سجنها، ولا بدّ لنا من حبسها مرّة أخرى.

إذا لم تتبعي خطا أهلك ومجتمعك، إذا لم تمض في الطريق الذي رسموه لك، ستكونين فريسةً للقرين، وكأنك ذات الرداء الأحمر، وقرينك هو الذئب. لذا أكره هذه القصة.

يا لها من قصة مرعبة للأطفال، وبالنسبة لي كانت مرعبة وقوية كفايةً كي تلتصق في رأسي وقتاً طويلاً.

رغم أنني آمنتُ باختلافاتي، وكنت أكثرَ حريّةً مما يتمنون، فإن مشاعر الذنب، والخوف، والقلق من العفاريت، من آراء الآخرين، وخاصةً من “قريني” التصقت بي عمراً.

في سوريا عشتُ كمناضلة، أخوض غمار الحياة، أرفع صوتي وأطالب بحقوقي وحقوق الآخرين، أتغلّب على المصاعب، الظلم، والقمع، وأساعد الآخرين على المضي قدماً.

في السويد، ما حدث مع الجنود العائدين من حرب وحشيّة، حدثَ معي. كل صدماتي النفسية ومخاوفي عادت للظهور مجدداً، أمامي مباشرةً، عفريتتي الشريرة ظهرت أيضاً. صرت في ظلمتي الحالكة محاطة بالعفاريت والأشباح. وفي لحظةٍ ما قررتُ “يجب أن أُنهي حياتي بيدي!”.

“لكن.. عُلا انتظري، لديك الكثير من الأحلام والطموحات والمسؤوليات تجاه نفسك والآخرين، لا تفعلي هذا، لديكِ كل ما تحتاجينه للبدء من جديد، لبناء حياةٍ أفضل، عيشي!” بدأ صوتٌ عميقٌ واضحٌ يردّد في داخلي. كان قويّاً وواثقاً كفاية كي يشجّعني على أن أبدأ رحلة شفائي.

حان وقت المواجهة!

وضعتُ نفسي أمام نفسي، أدوات الرسم هنا، حسناً ها قد بدأتُ أفهم نفسي ومخاوفي أكثر من خلال الرسم والتلوين، بدأت “ماما فو” تتجلّى أمامي على الورق، على الكانفاس، على الكرتون، الملابس، الأقنعة، وبدأت أصبحُ أكثر قوّة.

فكرة القرين بدأت تتغيّر، أراها الآن عفريتة طيّبة تُخلق مع الأطفال لتساعدهم، لتشجّعهم على أن يخلقوا تجربتهم الإنسانية كما يرغبون هم، أن يحبّوا أنفسهم، ويحافظوا على اختلافهم، أن يدافعوا عن فرادِتهم، تميّزهم، وعن أحلامهم الخاصّة. إنها ليست عفريتة شريرة، إنها عفريتة طيبة سأسمّيها وَحشتي الروحية “ماما فو”.

Alkompis Communication AB 559169-6140 © 2024.