ماذا تجني السويد من انهيارات اسواق النفط ومالذي تخسره؟ أسعار الطاقة المتراجعة توفر بعض الأموال في جيوب المواطن السويدي

: 1/13/16, 5:23 PM
Updated: 1/13/16, 5:23 PM
ماذا تجني السويد من انهيارات اسواق النفط ومالذي تخسره؟ أسعار الطاقة المتراجعة توفر بعض الأموال في جيوب المواطن السويدي

الكومبس – إقتصاد: ضربة موجعة تعرضت لها اسواق النفط العالمية مع مطلع العام الجديد، هي استكمال لضربات متلاحقة يتلقاها برميل النفط منذ منتصف العام 2014، لتهبط باسعار الذهب الاسود الى أدنى مستوياته منذ 12 عاما ، مع كسر برميل النفط الامريكي حاجز 30 دولارا هذا الاسبوع، وهو الذي وصل قبل عام ونصف العام الى حوالي 100 دولار، متراجعا منذ بداية العام الجديد لوحده 15% .

بنظرة مبسطة وجردة حساب سريعة يمكن القول انه انهيار كبير لاسعار هذه المادة الثمينة، انهيار أحزن البعض وأسعد البعض الاخر، فهناك من استفاد من هذه التراجعات كالدول المستوردة للنفط، على خلاف الدول المصدرة له، لاسيما تلك التي يعتمد اقتصادها بشكل كبير على انتاج النفط واموال تصديره.

لكن ماهي العوامل التي دفعت النفط الي سلسلة التراجعات تلك؟ بالطبع أسباب عدة تقف وراء ذلك، لعل ابرزها، الضعف في النمو الاقتصادي العالمي لاسيما في الصين، التي تعتبر احدى اكبر الدول استهلاكا للنفط ، فضلا عن حالة الانكماش التي مر ويمر بها الاقتصادان الاوروبي والامريكي، ساهم ذلك بضعف الطلب العالمي على هذه السلعة، مع زيادة كبيرة في المعروض منها الى حد التخمة.

فالتراجعات الكبيرة على الاسعار لم تمنع دولا رئيسية منتجة كالسعودبة ودول الخليج العربي الاخرى على خفض انتاجها، قابل ذلك الطفرة في قطاع الطاقة بالولايات المتحدة الأمريكية، مع تزايد انتاج مايعرف بالنفط الصخري. زد على كل ماذكر التوترات الجيوسياسية والامنية في منطقة الشرق الاوسط، التي تضم اكبر الدول انتاجا للنفط .

لا تأثير مباشر لتراجعات أسعار النفط على الاقتصاد السويدي ولكن!!!

وكما يقال مصائب قوم عند قوم فوائد، فإن الضربة التي تلقتها الدول النفطية كانت موجعة، تسببت لدى البعض بعجز في الميزانية، دفعها إلى اتخاذ بعض الاجراءات الاقتصادية لتنويع مصادر الدخل لديها، وعدم الاعتماد على النفط فقط.

في المقابل فإن الدول المستوردة للنفط لاسيما الصناعية منها استفادت من هذه التراجعات بشكل او باخر.. والسؤال الذي تطرحه الكومبس هنا هو كيف استفادت السويد من هذه التراجعات؟ وماهو مدى تأثيرها على اقتصادها الوطني؟

received_10153756634156327

الخبير الاقتصادي والمالي مازن سلهب ( الكومبس )

يتوقع في هذا الصدد الخبير الاقتصادي والمالي مازن سلهب وهو المؤسس والمدير التنفيذي لشركة ماس للاستشارات الفنية ومقرها دبي أنه قد لا يكون هناك تأثير مباشر لتراجع أسعار النفط على السويد كما هو الحال في الجارة النرويجة، لكن هذا التراجع سيدعم بشكل اساسي الاستهلاك الداخلي للسويديين، فهو يساعد المستهلكين على التوفير في مصروف الطاقة، وهذا الفائض يرفع من قدرة المستهلك السويدي على الاستهلاك والصرف في قطاعات اخرى، على اعتبار أن فاتورة الطاقة كانت تشكل جزءا مهما من الاستهلاك اليومي عند الإنسان العادي السويدي.

باختصار يقول سلهب سيأتي تراجع أسعار الوقود لصالح المستهلكين اولا، مع تلميحه في ذات الوقت الى أن تراجع الطلب العالمي على السلع، سيكون له عواقب اقتصادية معينة لأن الاقتصاد السويدي يعتمد بشكل واسع على الصادرات كالحديد اضافةً الى السيارات والمعدات الثقيلة.

ويؤكد سلهب أنه مع بقاء سياسة البنك المركزي السويدي متكيفة مع التطورات العالمية فمن المتوقع ان يحقق الاقتصاد السويدي نمواً جيداً خلال 2016 قد يصل الى 2.9% مرتفعاً عن توقعات العام الفائت. ولكنه قد يكون من الصعب تحقيق هذه الأرقام برأيه وسط تراجع الاقتصاد الصيني، وبقاء نمو اقتصاد منطقة اليورو بطيئا تدريجياً، اذ تشكل الدول الأوربية الشريك التجاري الأهم للسويد، معتبر أن أسعار الاسكان ومستويات الدين الداخلي المرتفعة تبقى من أهم التحديات الحالية للسويديين.

الأمر ليس مشابها في الجارة النفطية .. النرويج

وماتستفيد منه السويد من تراجعات اسعار النفط، لن يكون الحال مشابها في الجارة النرويجية التي تعتبر اكبر منتجي النفط العالميين لكنها لا تعتمد في اقتصادها عليه لوحده تقريبا، كما هو الحال في دول الخليج العربي وفنزويلا وغيرها. وهنا يقول سلهب في حديثه للكومبس انه مع تراجع أسعار النفط الى أدنى مستوياتها في اثني عشر عاماً ، تراجع الكرون النرويجي خلال سنة واحدة مقابل الدولار الأمريكي الذي كان عند مستويات 7.57 كرون لكل دولار في بداية العام الفائت ليصل الى مستويات 8.93 خلال الشهر الجاري متأثراً بتراجع أسعار النفط.

ويضيف انه لا شك فيه بأن تراجع العملة النرويجية يدعم صادرات هذا البلد، ويرفع من مستويات التضخم الذي يرغب البنك المركزي النرويجي بتحسينه، لكنه في نفس الوقت يضغط على اقتصاد الدولة الاسكندنافية، مع أن الاقتصاد النرويجي يعتبر اقتصادا متنوعاً.

وتشير الأرقام هنا الى أن 28% من عوائد الحكومة النرويجية أتت من قطاع صناعة النفط في السنوات الماضية، وتشكل صادرات النفط والغاز قرابة 50% من مجمل الصادرات، أي ما يعادل قرابة 20% من الناتج المحلي الاجمالي الذي وصل الى 420 مليار دولار حسب تقديرات العام 2015، وهذا ما يعني أن قرابة 85 مليار دولار تأتي من النفط وقطاع الصناعة النفطية ككل، حيث تعتبر النرويج خامس أكبر مصدّر للنفط في العالم وثالث أكبر مصدّر للغاز.

ويرى الخبير الاقتصادي أن تراجع النفط سيترك تحديات أمام الاقتصاد النرويجي لكنها لن تصل الى مرحلة الأزمة، مشيرا الى وجود توقعات بأن ينمو الاقتصاد النرويجي بنسبة 1.6% خلال العام الجاري، بعد أن حقق 2.2% في عام 2014.

وقد يكون تراجع أسعار النفط سبباً هاماً في اعادة هيكلة الاقتصاد النرويجي، لتخفيف الاعتماد على الصناعة النفطية مع العلم أن الصندوق السيادي النرويجي يعتبر الأكبر في العالم بأصول تصل الى 850$ مليار تستخدم للاستفادة من عوائد النفط.

هاني نصر – الكومبس ( خاص )

Alkompis Communication AB 559169-6140 © 2024.