الكومبس – خاص: أصبح معروفا أن قضية الهجرة واستقبال لاجئين جدد، هي القضية الأبرز في السياسة السويدية، خاصة الآن ونحن في مرحلة ما بين معركتين انتخابيتين، انتخابات انتهت قبل حوالي ثلاثة أشهر وانتخابات مقبلة بعد أيضا حوالي ثلاثة أشهر.
قضية الهجرة واللجوء التي ساهمت بأزمة حكومية من نوع جديد على السويد، لا تتعلق فقط بمجرد أرقام لعدد اللاجئين ممن يجب ان تستقبلهم السويد، وقد تتعدى أيضا أرقام الميزانية التي يجب أن تخصص لهم، فالخلاف الحقيقي هو بين فكرين وايديولوجيتين، فكر يسعى للانفتاح وللمحافظة على صورة السويد المشرقة في العالم من ناحية المبادئ الديمقراطية والإنسانية، ويؤخذ بنفس الوقت بعين الاعتبار المصالح الاقتصادية والوطنية، وبين فكر آخر يريد أن ينغلق ويغلق السويد وراءه، يستخدم أسلوب الترويع والتخويف من خطر الأجانب والمهاجرين.
خطورة الفكر الانعزالي الجديد، لا تتوقف على معارضته لاستقبال لاجئين جدد، بل على إصراره تقسيم المجتمع بين ما هو سويدي أصلي من وجهة نظر إثنية وعرقية وبين ما هو غير ذلك، وهذه الخطورة يمكن أن تطال الجميع حتى من قضوا كل حياتهم في السويد وعاشوا بها لسنين طويلة، وذنبهم أنهم ليسوا سويديين حسب تصنيف الفكر النازي الذي تحمله بعض الأحزاب والتيارات.
في هذه الفترة بين معركتين انتخابيتين نرى كيف تتحدث الصحافة ورجال السياسة والمجتمع حول اللاجئين والمهاجرين والسويديين الجدد، وكيف يدافع العديد عن حقوق هؤلاء، لأنه يدافع بالتالي عن المجتمع والدولة السويدية. ولكن في المقابل نرى حالات عدم مبالاة من قبل أصحاب القضية نفسها، بل يمكن أن نجد من يتفهم الفكر المعادي لهم وللسويد كما يجب أن تبقى وتكون دائما بدون أسوار انعزال حولها.
من النقاشات التي تشهدها السويد حاليا نلاحظ كم هو مهم أن نشارك نحن أيضا بالتأثير ولا نبقى فقط مجرد قضية أو ملف تتحدث عنه وتعمل به الأحزاب ووسائل الإعلام. الجميع يستطيع أن يؤثر عندما يشعر أنه مسؤول، وأنه مشارك، وأنه معني، حتى على الأقل عندما يشارك بالانتخابات وباستخدام حقه بالتصويت، وهذا أقل ما يمكن فعله. كل عام وانتم بخير.
رئيس التحرير
د. محمود الآغا