استبيان أجرته منظمة المجموعات الفلسطينية في السويد يوضح كيف تنظر الأحزاب للاحتلال الإسرائيلي؟
الكومبس – ستوكهولم: أعلنت منظمة المجموعات الفلسطينية في السويد (Palestinagrupperna i Sverige (PGS أنها أجرت استبياناً بين الأحزاب السويدية البرلمانية حول القضية الفلسطينية، من خلال توجيه مجموعة أسئلة إلى قيادات هذه الأحزاب، وتلقت المنظمة إجابات رسمية منها.
وتعتبر منظمة المجموعات الفلسطينية في السويد، منظمة مستقلة، وتهدف من خلال عملها الإعلامي إلى منح الفلسطينيين صوتاً في السويد، وزيادة المعرفة بالاحتلال ووضع الشعب الفلسطيني وإشراك مزيد من الناس في العمل من أجل فلسطين حرة.
وفي الاستبيان، سألت المنظمة عن الخط الرسمي للأحزاب بالنسبة لفلسطين. وطلبت منها توضيح موقفها وتقديم وصف لما فعلته أو تعتزم القيام به لتعزيز السلام العادل.
وقالت المنظمة إن الهدف من الاستطلاع هو أولاً وقبل كل شيء “أن نكون قادرين على تقديم إرشاد لكل من يعتقد أن السياسة الخارجية مهمة عند الإدلاء بأصواتهم”. وطرحت المنظمة على الأحزاب الأسئلة التالية:
· هل تدافع الأحزاب عن القانون الدولي في جميع المواقف؟
· ما الذي يجب أن يفعله الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة والسويد لتحقيق سلام عادل؟
· ما هو رد الحزب على حقيقة أن العديد من منظمات حقوق الإنسان أثبتت في تحقيقات قوية أن إسرائيل تمارس الفصل العنصري (Apartheid) وهي جريمة ضد الإنسانية؟
· كيف يعتقدون أنه يجب التعامل مع الآثار المناخية والبيئية السلبية التي يطبقها الاحتلال الإسرائيلي على الفلسطينيين؟
· ما هو رأيهم في حصار إسرائيل المستمر منذ خمسة عشر عاماً وهجماتها العسكرية المتكررة على غزة؟
· كيف سيتم إقناع إسرائيل بوقف توسيع المستوطنات غير الشرعية والتهجير القسري للفلسطينيين؟
· كيف يجب ضمان حرية الصحافة وسلامة الصحفيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة؟
· هل من الصواب أن يقوم جيش الدفاع السويدي بشراء معدات عسكرية من شركة إسرائيلية تستخدم أسلحتها ضد المدنيين الفلسطينيين وتسويقها على أنها “مختبرة قتالية”؟
من الصعب تصنيف الأحزاب تبعاً لموقفها من فلسطين والسلام العادل، لأنه غالباً ما يكون هناك فرق بين الأقوال والأفعال. وتشير عدة أحزاب إلى القانون الدولي، لكن عندما تنتهك إسرائيل هذا القانون في التعامل مع الفلسطينيين، يسود صمت من غالبية أحزاب البرلمان. ويوجد فقط ثلاثة من أصل ثمانية أحزاب تعبر عن ذلك.
وهناك أيضاً آمال في إجراء مفاوضات بين إسرائيل وفلسطين، ويعتقد العديد من الأحزاب أن الطرفين بأنفسهما يتحملان مسؤولية حل النزاع. بالنسبة لمنظمة PGS، من المهم التأكيد على أن الأمر لا يتعلق بطرفين متساويين يجب دفعهما للجلوس ومناقشة كيفية توزيع الأراضي بينهما، بل الأمر يتعلق بقوة احتلال عسكرية وسكان محتلين. ويبدو أن عددًا قليلاً فقط من الأحزاب لديها نظرة ثاقبة حول كيفية ظهور علاقات القوة في مثل هذا الموقف التفاوضي.
وعند مقارنة إجابات الأحزاب بمواقف منظمة PGS نرى أن 3 أحزاب تتصدر التوافق مع توجهات المنظمة وهي: حزب البيئة، وحزب اليسار، والمبادرة النسوية. تتخذ هذه الأحزاب موقفاً واضحاً مفاده أن المجتمع الدولي بحاجة إلى الضغط على القوة المحتلة لإحراز تقدم. وهم يعتقدون بأن انتهاكات القانون الدولي يجب أن تكون لها عواقب وأن العقوبات ضد إسرائيل يجب أن تُفرض وتعليق الاتفاقيات التجارية للاتحاد الأوروبي. ويريد حزب اليسار، والمبادرة النسوية، من السويد التحرك من أجل فرض حظر عسكري داخل الاتحاد الأوروبي حتى تحترم إسرائيل القانون الدولي وحقوق الإنسان. وينتقد حزب البيئة التعاون العسكري السويدي مع إسرائيل في شكل شراء معدات عسكرية.
إن الطريق إلى الأمام الذي يراه الاشتراكيون الديمقراطيون، والمحافظون، والليبراليون، وحزب الوسط، و الديمقراطيون المسيحيون، هو الحوار والتعاون مع كل من فلسطين وإسرائيل، والطرفين فيما بينهما.
ويصف المسيحيون الديمقراطيون إسرائيل بأنها الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط ومثال في العالم المحيط بها. كما يؤكد الحزب أنه يعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل. في الوقت نفسه، فإن المسيحيين الديمقراطيين، مثل جميع الأحزاب باستثناء ديمقراطيي السويد، يدعمون حل الدولتين على أساس مبدأ دولتين جارتين وديمقراطيتين تعيشان بسلام جنباً إلى جنب داخل حدود آمنة ومعترف بها.
لكن المسيحيين الديمقراطيين يرون أن الجانب الفلسطيني يقول بشكل قاطع لا لمحادثات السلام. وقد طرح هذا الرأي أيضاً ديمقراطيو السويد الذين يعتقدون بأن “الجماعات الإرهابية” الفلسطينية، حسب وصفهم، تهاجم إسرائيل باستمرار، ما يجعل محادثات السلام مستحيلة. ويرى ديمقراطيو السويد أيضاً أن إسرائيل لديها دعم في القانون الدولي والقواعد المقبولة دولاً “لضمان حماية سكان البلاد وبقاء البلاد من خلال التواجد في يهودا والسامرة (الضفة الغربية المحتلة)”.
يعتقد الاشتراكيون الديمقراطيون، أن إسرائيل، بصفتها الطرف الأقوى، تتحمل المسؤولية الأكبر، لكنهم يحملون المسؤولية أيضاً إلى الجانب الفلسطيني. ويرى الحزب أنه يجب إنهاء الاحتلال وسياسة الاستيطان غير الشرعية وهدم الجدار الإسرائيلي على الأراضي المحتلة.
ويعتقد حزب الوسط بأن على السويد والاتحاد الأوروبي أن يكونا أكثر وضوحاً بشأن عدم قبول المستوطنات على الأراضي المحتلة. كما يريد حزب الوسط العمل على إجراء انتخابات حرة ونزيهة في فلسطين، مؤكداً مسؤولية الجانب الفلسطيني في تهدئة الوضع، عن طريق مكافحة التطرف.
أما حزب البيئة، وحزب اليسار، والمبادرة النسوية، فهم وحدهم من حدد احتلال فلسطين واضطهاد الفلسطينيين باعتبارهما السبب الجذري للعنف والتطرف. كما أن الأطراف الثلاثة نفسها على دراية بأهمية مفهوم الفصل العنصري في السياق.
في حين أن الاحزاب الأخرى إما أنها لا تعتبر استخدام مصطلح الفصل العنصري (Apartheid) أمراً مفيداً أو تعتقد أنه غير صحيح. ويرد حزب الوسط قائلاً “إنها استنتاجاتهم ولا نشاركهم وجهة نظرهم و يقصد استنتاجات منظمات مثل:
“منظمة العفو الدولية Amnesty ومنظمة مراقبة حقوق الإنسان Human Rights Watch ، منظمة بتسلم B’Tselem، منظمة هناك قانون Yesh Din والعديد من المنظمات الخاصة للأمم المتحدة” ، وهو ما يعبر عن هذه الأحزاب التي لا تريد استخدام مصطلح الفصل العنصري (Apartheid). ومن اللافت للنظر مدى سهولة رفض بعض الأحزاب لتقييم منظمات حقوق الإنسان الرائدة في العالم.
ويتجه ديمقراطيو السويد، إلى حد وصف منظمة العفو والمنظمات الأخرى بأنها “معادية للسامية”. وفي الوقت نفسه، يستندون في برنامجهم الحزبي إلى تقييم منظمة العفو الدولية في سياقات أخرى، مثلا عندما تنتقد منظمة العفو السلطة الفلسطينية. إجابات ديمقراطيو السويد، لا تدعم الحقائق على الإطلاق ولا تستند على محتوى مادي من الحقائق، ويتجهون نحو مزيد من الاتهامات الخطابية والشرسة ضد الفلسطينيين.
ردود استطلاع المحافظين، والليبراليين، موجزة ويصعب تحليلها لأنهم في حالات عدة لا يجيبون على السؤال. نحن نفسر إجاباتهم على أنها تقسم المسؤولية على الطرفين وهناك توجه واضح لإلقاء اللوم على الجانب الفلسطيني، تماماً كما هو الحال مع المسيحيين الديمقراطيين، وديمقراطيي السويد. تصر هذه الأحزاب على أنه يجب على الفلسطينيين التوقف عن استخدام العنف، رغم حقيقة أن عنف إسرائيل ضد السكان المدنيين الفلسطينيين المحتلين أكبر بكثير.
ويعتقد الليبراليون، أن الحزب يتصرف بقوة والتزام من أجل حل سلمي للنزاع وفقاً لقواعد القانون الدولي، لكنهم لا يقدمون أمثلة على كيفية القيام بذلك. أكثر إجابة لحزب الليبراليين واقعية وملموسة تعلقت بقضية الحصار الإسرائيلي على غزة، حيث يعتقد الحزب بأن المعابر إلى غزة يجب أن تكون مفتوحة أمام المساعدات الإنسانية والاستيراد التجاري للأفراد. المسيحيون الديمقراطيون، واضحون أيضاً بأن إسرائيل بحاجة إلى تحمل المسؤولية لضمان ألا تؤدي السياسة المتبعة تجاه غزة إلى نتائج عكسية وأن الإمدادات والسلع التجارية يمكن أن تدخل غزة.
لدى الليبراليين، موقف سلبي من المقاطعة كأسلوب، وهو رأي تشاركه الأحزاب الأخرى باستثناء حزب البيئة، وحزب اليسار، والمبادرة النسوية. ويعارض حزب الوسط، المقاطعة لكنه يعتقد بأنه من المهم الحصول على معلومات عن المنشأ وفقًا للوائح الاتحاد الأوروبي وأنه يتم اتباعها.
وتجدر الإشارة إلى أن المسيحيين الديمقراطيين وديمقراطيي السويد، يوجهون اتهامات خطيرة ضد حركة المقاطعة (BDS) التابعة للمجتمع المدني الفلسطيني (التي تدعو العالم إلى المقاطعة وسحب الاستثمارات والعقوبات حتى ينتهي الاحتلال واحترام القانون الدولي). حركة المقاطعة BDS هي حركة مناهضة للعنصرية تعمل من أجل سلام عادل على أساس مبادئ اللاعنف.