مجلس التعاون الخليجي في مواجهة سيناريو إغلاق مضيق هرمز…

: 9/17/12, 2:59 AM
Updated: 9/17/12, 2:59 AM
مجلس التعاون الخليجي في مواجهة سيناريو إغلاق مضيق هرمز…

دشنت دولة الإمارات العربية المتحدة خط أنابيب لنقل النفط من الصحراء في غرب البلاد إلى ميناء الفجيرة على خليج عُمان. وتكمن أهمية الخط الجديد في أنه يخلص نحو ثلثي صادرات النفط الإماراتية من حتمية المرور بمضيق هرمز.

دشنت دولة الإمارات العربية المتحدة خط أنابيب لنقل النفط من الصحراء في غرب البلاد إلى ميناء الفجيرة على خليج عُمان. وتكمن أهمية الخط الجديد في أنه يخلص نحو ثلثي صادرات النفط الإماراتية من حتمية المرور بمضيق هرمز. وفيما تكرر إيران تهديداتها بإغلاق المضيق الحيوي رداً على محاولات خنقها اقتصادياً، تبحث بلدان الخليج الأخرى عن حلول لتصدير نفطها عبر موانئ بعيدة عن الخليج. ومع ارتفاع حظوظ السعودية بالنجاح في تصدير نفطها عبر اتجاهات مختلفة، فإن الكويت وقطر ستبقيان معتمدتين بشكل كامل على شحن صادراتهما عبر مضيق هرمز، كما يعاني العراق في إيجاد خطوط بديلة لشحن نفط الجنوب.

خطوة إماراتية مهمة…

تدفق النفط الإماراتي لأول مرة في ميناء الفجيرة دون المرور بمضيق هرمز في 15 يوليو/تموز 2012. وبعد أربع سنوات من العمل على بناء خط الأنابيب الواصل من حقول النفط في إمارة أبوظبي استطاعت الإمارات تصدير أول شحنة إلى باكستان. ويتجاوز طول الخط 400 كيلومتر منها أربعون كيلومترا في مناطق جبلية. ويقول مسؤولون إماراتيون إن خط الأنابيب سوف ينقل نحو (1.5) مليون برميل يوميا، ويمكن رفع طاقته إلى (1.8) مليون، مما يشكل ثلاثة أرباع انتاج الامارات المتحدة البالغ (2.4) مليون برميل.

ويبدو أن أبوظبي خططت باكرا لامكانية تطور النزاع بين الغرب وإيران، واحتمال إغلاق مضيق هرمز في وجه صادرات النفط، إذ تزامن تدشين خط الأنابيب الجديد مع تهديدات أطلقها مسؤولان عسكريان إيرانيان من أن إيران قد تمنع مرور النفط من الممر الملاحي المهم. ولم تبخل الإمارات بنحو 4 مليارات دولار من أجل مشروع تكميلي لايجاد بديل حسب ما صرح به وزير النفط الإماراتي محمد بن ظاعن الهاملي الذي أشار إلى أن "هذا مشروع استراتيجي للغاية. إنه يمنح عملاءنا خيارات لنقل كميات أكبر (من النفط)… ويمنحنا القدرة على الاختيار من أكثر من طريق تجاري".

ومع تخلص الإمارات من الاعتماد الكامل على مضيق هرمز في تصدير منتجاتها النفطية، فإن قطر والكويت مازالتا تعتمدان بشكل كامل على المضيق الحيوي للاقتصاد العالمي.

نتائج كارثية في حال إغلاق هرمز…

تشير دراسات خبراء النفط والغاز إلى أن أي إغلاق لمضيق هرمز سوف يتسبب في حصول نقص ما بين 16.5 و20 مليون برميل يوميا، فضلا عن ارتفاع كبير في أسعار النفط. فحسب بيانات وكالة الطاقة العالمية يمر عبر هرمز يوميا 17 مليون برميل نفط، ما يشكل 20 في المئة من حجم السوق النفطية، و35 في المئة من حجم النفط المشحون بحراً. ويأمل خبراء خليجيون في أن يشكل خط الأنابيب الجديد نقطة الارتكاز في المشروعات الخليجية لتجنب سيناريو إغلاق المضيق، إذ من الممكن أن يتم توسيعه وربطه بشبكة لتصدير نفوط الكويت وقطر وجنوبي العراق، وجزء من انتاج السعودية، تكون محطتها الأخيرة ميناء سلالة على خليج عُمان.

السعودية … استعداد للأسوأ

وتملك المملكة، وهي أكبر منتج للنفط في العالم، خيارات عديدة للتصدير لكنها لا تفي بالغرض كاملا في الحاضر، وتحتاج بعضها إلى توفير أجواء في المنطقة، وإجراء عمليات الصيانة والتحديث. ومن أهم خيارات الرياض التحول شرقا باستخدام خط أنابيب الشرق-الغرب من رأس تنورة إلى ينبع على شاطئ البحر الأحمر، وتبلغ الطاقة الفعلية للخط نحو (4,5) مليون برميل يومياً. ولا يعمل الخط بطاقته القصوى حتى الآن، وربما احتاج إلى بعض أعمال الصيانة لتحسين مستويات الضخ.

ويمكن للسعودية إعادة تأهيل خطي أنابيب متوقفين منذ عقود أولهما خط أنبوب العراق- السعودية. ويربط الخط المذكور البصرة مع خط الشرق- الغرب، وينقل النفط العراقي مباشرة إلى ينبع على ساحل البحر الاحمر. وفي حال تم التوافق بين حكومتي بغداد والرياض على إعادة تفعيله إثر توقفه عن العمل منذ العام 1991 فقد يلعب دورا في نقل قسم من نفط جنوب العراق، وكذلك النفط السعودي. ويبقى مصير خط النفط العربي "تابلاين" من حقول القيصومة إلى الزهراني في جنوب لبنان رهنا بتطور الأمور في سورية في ظروف العلاقات المتردية بين الطرفين، ولا يتطرق المسؤولون السعوديون الى الحديث عن الخط الذي بات جزءا من تاريخ المنطقة إثر توقفه منذ العام 1976.

ولايبدو واقعيا الحديث الآن عن مشروع قديم تمت دراسته سابقا لنقل النفط من منطقة الربع الخالي إلى المكلا في حضرموت على بحر العرب، لكنه يبقى احتمالا واردا في حال تمكنت السلطات اليمنية الجديدة من القضاء على تنظيم القاعدة المتمركز في جنوب اليمن.

خيارات العراق والكويت وقطر

وفي مقابل الاحتمالات المتنوعة للسعودية فإن خيارات الكويت وقطر والعراق تبدو أقل، مع أفضلية نسبية للأخير، ويحتم الجغرافيا على هذه البلدان البحث شرقا عن إمكانية تصدير نفوطها.

ويمكن أن تعيد بغداد تفعيل خط الأنابيب من كركوك إلى ميناء بانياس السوري على البحر المتوسط، وربما تبدأ بغداد بالتفكير جديا في تفعيل خط آخر لا يقل أهمية وهو كركوك –البداوي الذي يستطيع نقل نحو 700 ألف برميل يوميا عبر الأراضي السورية إلى طرابلس شمالي لبنان، ويحتاج تشغيله إلى قرار سياسي.

ويستطيع العراق تصدير كميات من النفط شمالا باتجاه ميناء جيهان التركي، لكن طاقة الأنبوب الصغيرة نسبيا، وتوتر الأوضاع ألأمنية في جنوب شرق تركيا يقلل من أهمية هذا الخيار. كما أنه لا يمكن نقل نفط البصرة لأن خط "العراق الاستراتيجي" (يربط جنوب العراق بشماله) متوقف منذ زمن بعيد.

ويبدو أن قطر والكويت هما أكثر المتضررين في حال إغلاق هرمز لأنهما تعتمدان بشكل كامل على الجيران، وربما لعبت المواقف السياسية دورا في تضييق امكانيات التفاهم حول شحن صادراتهما.

إيران تهدد والعالم يبحث عن خطط..

بالتزامن مع تدشين أنبوب النفط الجديد أكد رئيس هيئة الأركان المشتركة الإيرانية حسن فيروز آبادي أن تحذيرات إيران بأنها قد تغلق مضيق هرمز الاستراتيجي ليس مجرد تهديد دون تنفيذ.

ونقلت وسائل الإعلام الإيرانية قول آبادي "ربما يعتقد الغرب أننا نهدد فقط دون تنفيذ بإغلاق المضيق ولكننا لدينا بالفعل بعض الخطط الجيدة لكيفية فعل ذلك". كما أكد قائد القوة البحرية للحرس الثوري الايراني العميد علي فدوي قدرة بلاده على اغلاق مضيق هرمز في شكل كامل.

ورغم أن التهديدات نظرية إلى حد بعيد فإن الولايات المتحدة بعثت رسائل واضحة تؤكد أنها سوف تضرب عسكريا في حال إقدام طهران على هذه الخطوة، وقامت في الآونة الأخيرة بحشد مزيد من القطع البحرية في الخليج.

وعلى صعيد آخر من الاستعدادات أعلنت الوكالة الدولية للطاقة أنه يجب الافراج عن نحو 14 مليون برميل يومياً من مخزونات أوروبا وآسيا والولايات المتحدة لمدة شهر كامل في حال أقدمت إيران على تنفيذ تهديداتها وأغلقت مضيق هرمز. وفي حال تم تنفيذ خطة الوكالة فإنها سوف تكون الأكبر في التاريخ وتعادل خمسة أضعاف أكبر عملية إطلاق للمخزونات تمت في العام 1990 عقب غزو العراق للكويت.

واستطراداً فإن تدشين خط لنقل النفط دون المرور بمضيق هرمز يعدُّ خطوة مهمة تحسب للامارات العربية المتحدة، لكنها لن تكون حاسمة في دعم سوق النفط العالمية في حال اندلاع حرب في المنطقة، فالأنبوب لن ينقل بطاقته القصوى أكثر من عُشر ما يمر عبر المضيق. فإيران قد تقدم على ضرب ميناء التصدير أو استهداف حقول الانتاج في جميع بلدان الخليج العربي بصواريخها وطائراتها.

سامر الياس

روسيا اليوم

16 يوليو 2012

Alkompis Communication AB 559169-6140 © 2024.