مقارنة في تعامل دول أوروبا مع الأزمة الأوكرانية وأزمات اللجوء السابقة

: 3/5/22, 9:13 AM
Updated: 3/5/22, 9:13 AM
سويديون يجمعون التبرعات لأوكرانيا في يوتيبوري أمس
  
Foto: Adam Ihse / TT
سويديون يجمعون التبرعات لأوكرانيا في يوتيبوري أمس Foto: Adam Ihse / TT

الكومبس – أوروبية: اتفق وزراء الداخلية الأوروبيون في بروكسل على منح “حماية موقتة” في الاتحاد الأوروبي للاجئين “الفارين من الحرب” في أوكرانيا، موجة اللجوء بسبب الحرب على أوكرانيا تذكر بموجة سبقتها عام 2015 آنذاك فتحت ميركل الأبواب ولاقت انتقادات كثيرة

وأجمع الوزراء على ضرورة توفير حماية مؤقتة للأوكرانيين الهاربين من الحرب في بلادهم، وذلك من خلال اللجوء إلى مذكرة تعود إلى العام 2001 تسمح لهم بالبقاء لمدة تصل إلى ثلاث سنوات في الاتحاد الأوروبي وبالعمل فيه.

ولم يوضح الوزراء ما إذا كان هذا الإجراء سينطبق أيضا على اللاجئين الذين فروا من أوكرانيا لكنهم لا يحملون الجنسية الأوكرانية، علما أنها قضية تثير انقساما بين الدول الأعضاء في ظل معارضة بعضها مثل بولندا والنمسا.

وكان الوزير النمساوي غيرهارد كارنر أبدى ترددا حيال شمول هذا التدبير اللاجئين غير الأوكرانيين.في حين رفضت لوكسمبورغ أي تمييز. وقال وزير خارجيتها يان اسلبورن “أتوقع أن نقرر حماية موقتة لجميع الأفراد الآتين من أوكرانيا، مهما كان لون بشرتهم ولغتهم أو ديانتهم، علينا ألا نمارس تمييزا الآن”.

إجماع أوروبي حول الترحيب بالأوكرانيين!

هذا الإجماع الأوروبي على الترحيب باللاجئين الأوكرانيين، اتضح بعد أيام قليلة فقط من بدء الحرب على أوكرانيا، إذ بدأ الاتحاد الأوروبي بالتفكير بإجراءات ستسمح للأوكرانيين بالحصول على تصاريح إقامة مؤقتة إضافة لإمكانية الحصول على وظائف وخدمات رعاية اجتماعية.

وصدرت عن مسؤولين وسياسيين أوروبيين العديد من التصريحات المرحبة بالأوكرانيين كلاجئي حرب في عموم الدول الأوربية. كان من بينها تصريح للرئيس البلغاري رومين راديف الذي قال “لا توجد دولة أوروبية واحدة الآن تخشى الموجة الحالية من اللاجئين”.

من جهتها قالت مفوضة الشؤون الداخلية بالاتحاد الأوروبي إيلفا جوهانسون إن معظم الأوكرانيين الوافدين لديهم جوازات سفر بيومترية ويمكنهم البقاء بدون تأشيرة لمدة 90 يوما في الاتحاد الأوروبي، ولكنها شددت على ضرورة الاستعداد بعد ذلك لوصول “ملايين” الوافدين.

وأضافت جوهانسون “أعتقد أن الوقت حان لتفعيل توجيه الحماية المؤقتة”.وهو التوجيه الذي تم إنشاؤه استجابة للنزاع في يوغوسلافيا سابقا من دون أن يتم استخدامه أبدًا، وينص على منح حماية مؤقتة في حالة التدفق الجماعي للنازحين، ويشتمل على تدابير لتوزيعهم بين دول الاتحاد الأوروبي.

حكومة بولندا مثلا، التي رحبت بالفارين من الحرب في أوكرانيا. كانت قد تعرضت قبل أشهر قليلة مضت لانتقادات دولية حادة لصدها موجة طالبي اللجوء من بيلاروسيا، الذين ينحدر أغلبهم من الشرق الأوسط وإفريقيا.

أوروبا للأفغان.. ابقوا في دول الجوار!

قبل أشهر فقط من الحرب الروسية الأوكرانية، بالضبط خلال أغسطس/ آب 2021، ناقش الاتحاد الأوروبي، أهمية الحرص على تجنب تدفق المهاجرين الأفغان “بشكل غير مضبوط” بعد سقوط كابل في يد طالبان وبسط سيطرتها على البلاد.

كانت تصريحات المسؤولين الأوروبيين، تصب في اتجاه مساعدة الدول المجاورة لها على استضافة اللاجئين الفارين من طالبان عوض استقبالهم. فدعم الدول المجاورة لأفغانستان من أجل استضافة لاجئين فارين من طالبان، سيجنب أوروبا تدفق المهاجرين.

الدول الأعضاء ضمن الاتحاد عبرت عن قلقها من خطر الإرهاب، وتعهدت بـ”بذل جهدها لضمان ألا يؤدي الوضع في أفغانستان إلى مخاطر أمنية جديدة على مواطني الاتحاد الأوروبي”. كما كان هناك تشديد على وجوب “تنفيذ عمليات البحث الأمني في الوقت المناسب حول من تم إجلاؤهم من أفغانستان”.

الموقف الألماني لم يبتعد عن التوجه الأوروبي، ونقله بداية وزير الداخلية هورست زيهوفر الذي قال في تصريحات “يجب أن نعمل على نطاق عالمي لإبقاء الأشخاص قريبين من ديارهم وثقافتهم” مشيرا إلى أن “الأشخاص الأكثر عرضة للخطر” فقط سيتمكنون من المجيء إلى الاتحاد الأوروبي.

أما الوزير النمساوي كارل نيهامر، فقد اتخذ موقفا حازما للغاية إلى جانب نظيريه الدنماركي والتشيكي، وشدد على أن “الرسالة التي يجب بعثها هي: ابقوا في مكانكم وسندعم المنطقة”. من جانبها، أكدت فرنسا على ضرورة “التوفيق بين استقبال اللاجئين وصرامة الضوابط”. وقال الوزير الفرنسي جيرالد دارمانان إن الهدف هو “مساعدة كل الأشخاص الذين ساعدونا والذين تلاحقهم طالبان، لكننا لا نقبل بهجرة غير منضبطة”.

سوريا.. أحدثت انقساماً بين الأوروبيين!

بالعودة إلى سنة 2015، حين اشتداد أزمة اللجوء السورية، فقد كانت ألمانيا في طليعة الدول التي استقبلت سوريين فارين من الحرب وفتحت أبوابها لنحو مليون طالب لجوء خلال أزمة الهجرة التي باغتت الدول الأوروبية.

القرار الذي اتخذته ميركل حينها، لاقى في البداية ترحيباً، لكن سرعان ما انقلبت الأمور وخاصة بعد أحداث ليلة رأس السنة في مدينة كولن. ليصبح استقبال اللاجئين غير محبذ لدى البعض. وخرجت تظاهرات ضده في العاصمة الألمانية برلين تعبيراً عن رفض سياسة المستشارة تجاه اللاجئين. كما كان موقف أحزاب اليمين المتطرف صارمة جداً، وعبروا صراحة عن رفض استقبال اللاجئين في بلادهم.

رفض فتح باب المساعدة أما اللاجئين السوريين الفارين من بطش بشار الأسد بدعم الرئيس الروسي بوتين، عبر عنه أيضا وزراء وسياسيون بارزون في الساحة السياسية الألمانية، من بينهم: هورست زيهوفر رئيس وزراء بافاريا آنذاك، المنتمي لحزب الاتحاد الاجتماعي المسيحي، والذي يعد من أبرز حلفاء ميركل، الذي اعتبر أنّ الأوضاع في ألمانيا “معقدة وأن النهج الذي يتم على أساسه حلّ المشكلات غير مرضٍ”، معبرًا عن رفضه الاستمرار في تقبل اللاجئين برحابة صدر.

في خضم أزمة 2015، أعرب رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك عن قلقه إزاء “الانقسام بين شرق الاتحاد الأوروبي وغربه”. وقال “بعض الدول الأعضاء لا تفكر إلا في وقف موجة المهاجرين”، مشيراً إلى السياج الذي أقامته المجرعلى حدودها مع صربيا حينها.

رغم ما كانت القارة الأوروبية تشهده من توسع لليمين المتطرف، فقد أعلنت فرنسا وألمانيا حينها عن مبادرة “لتنظيم استقبال اللاجئين وتوزيع منصف في أوروبا” للأسر التي تفر من الحرب في سوريا.

كل الجهود المبذولة، رغم قساوة المشاهد التي نقلتها وسائل الإعلام للاجئين الذين كانوا يموتون غرقاً حين محاولاتهم العبور بحراً من تركيا نحو اليونان، وأخبارُُ تنشر يوميا عن وفيات بالمئات للنازحين داخل وخارج سوريا، إلا أن العديد من الدول الأوروبية تشبتت بموقفها الرافض لاستقبالهم. مما اضطر المفوضية الأوروبية خلال شهر مايو/أيار 2016، إلى اقتراح فرض عقوبات مالية على الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي التي ترفض استقبال حصتها من طالبي اللجوء.

اليوم، يتساءل اللاجئون والحقوقيون من مختلف البلدان التي عاشت حروبا وأزمات، الدول الأوروبية عن ازدواجية معايير تضامنها مع اللاجئين. ومما عمق من جرح المقارنة، التصريحات التي بثت على قنوات عالمية، تحدث خلالها سياسيون وإعلاميون أوروبيون بألفاظ عنصرية في مقارنتهم بين اللاجئين الأوكرانيين المتحضرين، عكس الآخرين الذين رسمت صورة قاتمة عن مستواهم الفكري والتعليمي.

وبينما تعرض فرص الشغل على الكفاءات الأوكرانية الفارة من الحرب، يتسائل الكثيرون عن تلكئ أوروبا في الاستعانة بآلاف الأطباء السوريين، الذين مازالوا يعيشون عالة على دول أوروبية بسبب البيروقراطية وشروط تعجيزية تحول دون ممارستهم مهنة يحتاج الأوروبيين مختصين فيها ويسعون لاستقطاب المتمرسين فيها من بلدان خارج الاتحاد.

ماجدة بوعزة – مهاجر نيوز

Alkompis Communication AB 559169-6140 © 2024.