الكومبس – وكالات : أصدر منتدى سكول العالمي في جامعة أوكسفورد البريطانية تقريرا جديداً لمؤشر التقدم الإجتماعي العالمي الجديد، أعتبر فيه السويد أكثر الدول تقدماً في العالم على الصعيد الإجتماعي.
والمنتدى هو منبر عالمي لتحفيز الاتجاهات الريادية والحلول المبتكرة للتحديات الاجتماعية الأكثر إلحاحاً في العالم. وتحتل المملكة المتحدة المرتبة الثانية من بين الدول المختارة، متقدمة بذلك على ألمانيا التي تحتل المرتبة الخامسة، والولايات المتحدة (المرتبة السادسة)، واليابان (المرتبة الثامنة).
ومن بين الدول الخمسين التي شملها المؤشر، تحتل خمس من دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مراتب متقدمة في هذا المجال وهي: الامارات العربية المتحدة وتونس والاردن والمغرب ومصر. وقد احتلت الإمارات العربية المتحدة في هذا الاطار المرتبة 19 من بين الدول الأكثر تقدماً إجتماعياً في العالم وفق هذا المؤشر، في حين احتلت دول المنطقة المتبقية ما بين المرتبة 25 و 40 على الشكل التالي: تونس (28)، الأردن (31)، المغرب (37)، ومصر (40).
هذا وقد قام البروفسور مايكل بورتر بتصميم مؤشر التقدّم الاجتماعي، الذي يصنف الدول وفقاً لأدائها الاجتماعي والبيئي، بالتعاون مع مبادرة التقدّم الاجتماعي (The Social Progress Imperative)، وبمساعدة خبراء اقتصاديين من معهد ماستشوستس للتكنولوجيا والمؤسسات الدولية المختصة بالريادة الاجتماعية، والشركات، والأعمال الخيرية، والأوساط الأكاديمية، بما في ذلك ديلويت، وسيسكو، ومؤسسة سكول، ومؤسسة أفينا، ومصرف كومبارتاموس.
ويتميّز مؤشّر التقدّم الاجتماعي بأنّه يرتكز على التدابير الاجتماعية والبيئية بالكامل والتي تتضمّن الاحتياجات الإنسانية الأساسية، وأسس العيش الكريم والفرص المتاحة. ويشير المؤشر إلى النقاط التي يجب أن تركّز الدول جهودها عليها بهدف تحسين المستوى المعيشي لشعوبها. ويستخدم المؤشر تقنية إحصائية دقيقة بالإضافة إلى أفضل البيانات المتاحة من المصادر المعترف بها دولياً، بما في ذلك البنك الدولي ومنظّمة الصحة العالمية.
في هذا السياق، قال البروفسور بورتر ‘إن الربيع العربي في العام 2011 والذي كان له الأثر في المنطقة بالاضافة الى التحديات التي واجهتها المكسيك في العقد الأخير، قد جسّدا الشوائب التي طالت النمو الاقتصادي والتقدّم الاجتماعي بمكان، الأمر الذي أثّر على إلمامنا بكيفية إنجاح عملية نمو الشركات والمجتمع على حدّ سواء. وقد أسهمت الجهود السابقة لتخطي القياس الاقتصادي وحده في وضع أسس هامة، ولكننا ما زلنا بحاجة إلى مقاربة أكثر شمولية ودقّة. فمؤشّر التقدّم الاجتماعي يشكّل محاولة لمعالجة هذه الثغرات وتوضيح هذه الفرص’.
وأضاف بورتر ‘يعتمد التقدّم الاجتماعي على خيارات السياسات والاستثمارات وقدرات التنفيذ لدى العديد من الأطراف المعنية – كالحكومات والمجتمع المدني والشركات. ولا بد من تحفيز العمل على المستوى المحلي لكل دولة. وأنا واثق من أن التقدم الاجتماعي سيتسارع عبر تثقيف وتحفيز تلك الأطراف المعنية للعمل معاً وتطوير مقاربة أكثر شمولية للتطور’.
وتؤكّد مبادرة التقدّم الاجتماعي أنّ المؤشرات التقليدية للنمو الاقتصادي لا تفصح عن كامل نواحي التقدّم الذي يحققه بلد ما. مما لا شكّ فيه أنّ المدخول الأعلى يؤدّي إلى مستويات عيش أرقى، إلا أنه من الممكن تحقيق مستوى عالياً من التقدّم الاجتماعي مقابل دخل متواضع نسبياً، أو أن نشهد حتى تراجعاً في مستوى النمو مع الوقت. علماً أن أي دولة لم تسجّل علامات عالية في المكونات الإثنتي عشرة لمؤشر التقدّم الاجتماعي وهي التغذية والرعاية الصحية الأساسية؛ الهواء والماء والصرف الصحي؛ وتأمين المأوى؛ والسلامة الشخصية؛ والنفاذ إلى المعرفة الأساسية؛ والحصول على المعلومات والتواصل؛ والصحة والعيش الجيد؛ والنظام البيئي المستدام؛ والحقوق الشخصية؛ والتعليم العالي؛ والحرية الشخصية وحرية الاختيار؛ والإنصاف والاندماج.
وتتضمّن بعض الخلاصات الأساسية لمؤشر التقدّم الاجتماعي المعلومات التالية:
· إن الأرقام المتعلقة بمكونات الصحة والرفاهية والواردة في المؤشر لا تظهر أي رابط بالإنفاق على الصحة كنسبة مئوية من مجموع الناتج المحلي بالنسبة إلى الدول الستة عشرة المنتمية إلى منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية. الأمر الذي يطرح تحديات أساسية للبلاد الأكثر إنفاقاً على الرعاية الصحية. فالولايات المتحدة، مثلاً، تتصدر لائحة منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية لناحية مجموع الإنفاق على الرعاية الصحية للفرد الواحد، في حين تحتل المركز الحادي عشر فقط بين الدول الستة عشرة المنتمية إلى منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية في مؤشّر التقدّم الاجتماعي حول الصحة والرفاهية.
· من بين دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الخمس التي يشملها المؤشر حالياُ، احتلت الامارات العربية المتحدة مراكز متقدمة في عدة تصنيفات؛ فاحتلت المركز التاسع عشر بشكل عام، والحادي عشر لناحية ترتيب احتياجات الانسان الأساسية، والتاسع للسلامة الشخصية. كما احتلت المركز الثلاثين لناحية الفرص والذي يشمل الحقوق الشخصية والحصول على التعليم العالي والحرية الشخصية وحرية الاختيار.
· تحتل كل من السويد وبريطانيا المرتبة الأولى والثانية في مؤشّر التقدّم الاجتماعي مقارنة مع أدائهما في مؤشر الأمم المتحدة للتنمية البشرية، وذلك لأدائهما الثابت في إطار أبعاد التقدم الاجتماعي الثلاثة– الاحتياجات الأساسية، وأسس الرفاهية، والفرص– مقابل الولايات المتحدة الأضعف من حيث أسس الرفاهية، وألمانيا وفرنسا الأضعف لناحية الفرص. أما في ما يتعلق بالنظام البيئي المستدام، فتقدّم كل الدول الغنية تقريباً أداء ضعيفاً في هذا السياق، وخصوصاً الدول الكبرى التي تتمتع بفائض في الموارد الطبيعية مثل أستراليا (46) وكندا (47) والولايات المتحدة (48).
ويقول مايكل غرين، المدير التنفيذي في مبادرة التقدم الاجتماعي ‘يدل مؤشّر التقدّم الاجتماعي إلى أنّ الدول التي حظيت بمستويات متشابهة، لجهة إجمالي الناتج المحلي، قد تظهر مستويات شديدة الاختلاف في التقدم الاجتماعي. ومن هنا فاننا نتوقّع تحولات هامة في المعرفة خلال السنوات القليلة المقبلة، مع عمل أصحاب الأداء المميّز– من حكومات ومجتمعات مدنية وشركات– إلى توثيق مقارباتهم والمشاركة بها’.
وتقول هيثر هانكوك، المديرة التنفيذية في ديلويت توش تهماتسو المحدودة ‘نؤمن في ديلويت بالدور الأساسي الذي تضطلع به الشركات في صياغة وصناعة مجتمع المستقبل. ومن هنا، فاننا نرى أن حلّ المسائل الكبرى التي نواجهها اليوم على الصعيدين العالمي والإقليمي، سيكون متاحا فقط من خلال تعاون الحكومات والشركات والمجتمع المدني للعمل معاً بطرق مبتكرة وجديدة لتصميم وتقديم حلول تؤمّن مستقبلاً مستداماً ومزدهراً للجميع. ونحن على ثقة بأنّ مؤشر التقدّم الاجتماعي سيسهّل على الشركات فهم حيثية وكيفية مشاركتها الفاعلة في المجتمع، مما يساعد على تحديد أولوية قرارات الاستثمار الاجتماعية وتحفيز العمل الجماعي’.