مهدي شاوي: مواهب متعددة في التشكيل والفوتوغراف والمسرح

: 6/18/17, 11:21 AM
Updated: 6/18/17, 11:21 AM
مهدي شاوي: مواهب متعددة في التشكيل والفوتوغراف والمسرح

الكومبس – ثقافة: يقال ان الموهبة تولد مع الإنسان وتكبر معه كونها ذات أصل جيني، وباكتساب المهارات الأكاديمية والقدرات النفسية والعقلية المتعلقة بالوراثة والبيئة، يولد الابتكار والإبداع والتميز، لكن هذه الموهبة قد تبقى حبيسة في الرؤوس، إذا لم تعزز بالبحث والمثابرة وتصقل بالعمل والتجريب، وغالباً ما ينفرد الأشخاص الموهوبين بنوع واحد من أنواع الإبداع، إلا أن لكل قاعدة استثناء كما هو معروف، فهناك أشخاص يمتلكون قدرات عقلية متعددة تكشف عن أنماط متنوعة من الإبداع، ترفد الإنسانية بمنجزات العلم والمعرفة وتلون بالأمل والفرح حياة الناس، وقد يكون الفنان العراقي المغترب (مهدي شاوي) واحداً من هؤلاء الأشخاص الموهوبين، الذي فازت لوحته (البوستر) عن مرض (الإيدز) بالجائزة الرابعة، واختارتها مجلة صحة الناس في مدينة يتبوري (كوتنبيرغ) صورة الغلاف الأولى، وأرسلت لوحته الفائزة إلى منظمة اليونسكو.

اكتشاف الموهبة

ولد قاسم مهدي شاوي في مدينة العمارة محافظة نيسان جنوب العراق عام (1959)، وقد فاجئ المعلمين والطلاب وهو في الصف الثالث الابتدائي، عندما رسم صورة لجندي في كتاب القراءة ونقلها إلى السبورة، وعلى إثرها أعفي من مادة الرسم في المدرسة، وفي الصفين الخامس والسادس شارك في معارض النشاط المدرسي، وقدم أعمالاً متميزة في النحت والتخريم، أثناء الدراسة المتوسطة بدأ بالرسم والتخطيط لصور المشاهير في العالم، منها صور لأدباء عرب مثل الأديب (نجيب محفوظ)، وكان يشجعه ويرعاه حينذاك أستاذه الفنان الراحل (عاصم نجم)، وفي الصفين الثاني والثالث المتوسط ظهرت عنده موهبة التمثيل، وبمساعدة من المدرسيين وتشجيع من الأهل والأصدقاء، عمل في المسرح وتجاوز حدود مدينته إلى رحاب المدن العراقية الأخرى، من الأعمال المسرحية التي قدمها: (مجنون ليلى، وثمن الدم)، والأوبريت (أغنية إلى أرض الزيتون، سولارا، وكلكامش)، بعدها قدم طلباً للدراسة في معهد الفنون الجميلة في البصرة عام (1977)، لكن طلبه رفض من قبل إدارة المعهد نتيجة لميوله السياسية اليسارية.

تعدد المنافي

في مرحلة الدراسة الثانوية قدم مسرحية (مهزلة العدالة الأمريكية) ومسرحية الجمهور يكتب النهاية)، وعمل في مجال التصوير الفوتوغرافي في مدينة العمارة في العراق، ونتيجة لصعوبة مواصلته الدراسة الجامعية في العراق، والمضايقات السياسية والأمنية التي تعرض لها، أضطر شاوي إلى مغادرة العراق باتجاه إيران في منتصف عام (1980)، أي قبل اشتعال الحرب العراقية الإيرانية بثلاثة أشهر تقريباً، ومكث في إيران أكثر من خمس سنوات، خصص جلها للقراءة والمطالعة وحضور الفعاليات الثقافية المتنوعة، إضافة إلى عمله في أستوديو للتصوير الفوتوغرافي، بعدها توجه إلى سوريا منتصف عام (1986)، التي كانت بمثابة واحة أدبية وفنية له، لكثرة النشاطات الثقافية وتنوعها في العاصمة دمشق، ولتعدد المراكز الثقافية العالمية فيها مثل: المركز الثقافي الروسي والمركز الثقافي الفرنسي وغيرهما، بعدها قرر الذهاب إلى الإتحاد السوفيتي عام (1988)، لدراسة الأدب الروسي في (جامعة كوبان) في مدينة (كراسندار) جنوب روسيا، واقتصر نشاطه الثقافي على إقامة معرض فني تشكيلي مشترك واحد خلال فترة دراسته في الاتحاد السوفيتي.

المسرح والتشكيل

بعد أن تنقل شاوي في المنافي لأكثر من عشر سنوات، حط رحاله في السويد عام (1991)، وبدأ مشواره الفني مع فرقة (سومر) المسرحية في مدينة يتبوري، وقدم العديد من الأعمال المسرحية مع الفنانة (زينب)، منها: (صور وصور شعبية من إعداد الفنانة (زينب)، الصخرة للكاتب (فؤاد التكرلي) إخراج الفنان (داود جرجيس)، الموت والعذراء إخراج الفنان (لطيف صالح)، كما أعد وأخرج أوبريت غريب على الخليج للشاعر (بدر شاكر السياب) قدمه مع الفنانة (أنوار البياتي)، شارك الفنان مهدي شاوي مع الفنان حمودي شربة في تأسيس فرقة التراث الإيقاعية، التي شاركت في مهرجان (فالون) الموسيقي السنوي، إضافة المهرجانات والفعاليات الثقافية في مدينة يتبوري، ساهم في العديد من المعارض التشكيلية المشتركة منها: المعرض الذي أقامته مجلة الصحة والناس في عام (1997)، والذي شارك فيه أكثر من (40) فناناً تشكيلاً من مختلف أنحاء العالم، وفازت لوحته (البوستر) عن مرض (الإيدز)، بجائزة التشكيل الرابعة ضمن ستة جوائز، وأصبحت صورة الغلاف الأولى لمجلة الصحة والناس، وحصل شاوي على شهادة تقديرية من لجنة التحكيم، وأرسلت لوحته ضمن الأعمال الفائزة إلى منظمة اليونسكو.

لغة الألوان

أسس شاوي بالتعاون مع مؤسسة المدى، (مكتبة بغداد) العربية في مدينة يتبوري، وعمل فيها بين أعوام (1998 – 2002)، كما أنه عمل في الإذاعة العربية السويدية في المدينة بين أعوام (1999 – 2011)، معداً ومقدماً ومخرجاً لبرامج إخبارية وثقافية، أسس بعدها إذاعة (المساء العربي) في عام (2013) التي استمرت حتى عام (2015)، مثل فيلماً تسجيلياً قصيراً عن المهاجرين في سوق العمل عام (2000)، لبرنامج (موزايك) في القناة الرابعة في التلفيزيون السويدي، منذ عام (2007) يعمل شاوي في المجال الثقافي مع كبار السن في دار للمسنين في مدينة يتبوري، وقد خصص ضمن هذه النشاطات يوماً للرسم، بدأها شاوي بالرسم المباشر وتقديم أعماله لكبار السن، حتى ألتحق كافة المسنين المقيمين في الدار ببرنامج (الجميع يرسمون)، والآن هو يعرض أعمال هؤلاء المسنين وأقام لهم معرضين، وقد حضي هذا الإنجاز بالقبول والاستحسان من أهل المدينة وكتبت عنه مجلة (سنيور ليف) المحلية.

إيقونة الصورة

إضافة إلى الأعمال التشكيلية التي قدمها في السويد، قدم كذلك أعمالاً نحتية من مادة الألمنيوم المستعملة، منها عملاً مميزاً يمثل مجموعة من القوارب النهرية (المشاحيف)، ينجز أعماله في مرسمه الخاص المسمى (قبو الألوان)، وقد درس شاوي التصوير من كاميرات سهلة وبسيطة إلى كاميرات متقدمة ومتطورة، يركز الآن على (البورتري، الفوتوغراف، والتشكيل)، وإضافة إلى المدرسة التجريدية فهو ينتمي إلى المدرسة (اللا تشخيصية)، وقدم أعمالاً عديدة في هذا المجال، لديه مشروع جديد له علاقة بالبيئة، وقد أقام معرضه الشخصي الأول للفوتوغراف في ربيع هذا العام، الذي حمل اسم (ذاكرة كاميرا)، وقد ضم (26) عملاً، لديه مساهمة الآن في معرض مشترك مع مجموعة من الفنانين من مختلف دول العالم، وقد أفتتح المعرض قبل أيام في إيطاليا وسينتقل إلى دول أخرى، ويبقى مهدي شاوي يرسم الناس في (قبو الألوان) ويصورهم في بيئتهم الطبيعية ويحاكيهم بلغة التنوع الثقافي.

محمد المنصور

Alkompis Communication AB 559169-6140 © 2024.