بعد حادثة قتل مرتبطة بالسكر قبل نحو 70 عاما حظر مؤسس السعودية الملك عبدالعزيز الكحول في البلاد لكن نجاح السعودية في نيل استضافة “إكسبو 2030” ومونديال 2034 أدى لتغذية شائعات عن اقتراب الرياض من السماح بالكحول لجهات ما.
وأفاد أحد مصدرين مطلعين على المشروع لوكالة فرانس أن المشروبات الكحولية “ستُباع للدبلوماسيين غير المسلمين”، الذين اضطروا في السابق إلى استيراد الكحول عبر الحقيبة الدبلوماسية.
بينما قال مصدر مطلع لرويترز وكذلك أظهرت وثيقة اليوم الأربعاء أن السعودية تستعد لفتح أول متجر في العاصمة الرياض لبيع المشروبات الكحولية سيقدم خدماته حصريا للدبلوماسيين غير المسلمين.
وذكرت الوثيقة أن الزبائن سيكون عليهم التسجيل عبر تطبيق على الهاتف المحمول للحصول على رمز دخول من وزارة الخارجية وسيتعين عليهم أيضا احترام الحصص الشهرية المخصصة لمشترياتهم.
وبحسب رويترز، ذكرت الوثيقة أن المتجر الجديد موقعه الحي الدبلوماسي في الرياض حيث توجد سفارات ويقيم دبلوماسيون وستقتصر مبيعاته “حصرا وبصرامة” على غير المسلمين.
ولم يتضح بعد إن كان مقيمون آخرون من غير المسلمين سيسمح لهم بالشراء من المتجر. ويعيش ملايين الوافدين في السعودية لكن أغلبهم من المسلمين من آسيا ومصر.
وقال مصدر مطلع على الخطط إن من المتوقع أن يفتح المتجر أبوابه خلال الأسابيع المقبلة.
ولم ترد الحكومة السعودية بعد على طلب من رويترز للحصول على تعقيب.
الكحوليات موجودة رغم العقوبات الرادعة
وأصدر الملك السعودي الراحل عبد العزيز آل سعود، مؤسس المملكة، حظراً على المشروبات الكحولية في البلاد في أوائل خمسينيات القرن الماضي، بعد فترة وجيزة من حادثة سكر فيها أحد أبنائه، وقتل غاضباً دبلوماسياً بريطانياً بالرصاص. وبات الحظر قانون البلاد مذاك الحين، تاركاً معظم سكان المملكة البالغ عددهم 32 مليون نسمة، مع وسائل محدودة لشرب الكحول.
وتطبق السعودية قوانين صارمة على شرب الكحوليات وتشمل العقوبات الجلد والغرامات والسجن وقد يتم ترحيل المغتربين والوافدين لهذا السبب. وفي إطار تعديلات تم استبدال عقوبة الجلد في الغالب بفترات سجن.
ومن قبل، لم يكن بالإمكان الحصول على المشروبات الكحولية في المملكة إلا عبر البريد الدبلوماسي أو من خلال السوق السوداء. فتقدّم البعثات الأجنبية المشروبات في الحي الدبلوماسي بالرياض. وبعض الناس يصنّع النبيذ محلياً، فيما يلجأ آخرون إلى السوق السوداء، حيث يمكن أن تباع زجاجات الويسكي بمئات الدولارات قبيل الأعياد على غرار ليلة رأس السنة. وأبعد من ذلك، فإن الخيار الحقيقي الوحيد هو السفر، سواء عن طريق البر إلى البحرين أو أماكن أخرى.
تغيرات في المملكة تغذي الشائعات
وتمثل الخطوة علامة فارقة في جهود المملكة بقيادة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في دفع البلد الخليجي المحافظ نحو الانفتاح لتعزيز السياحة وجذب أنشطة الأعمال. والخطوة جزء أيضا من خطط أوسع نطاقا معروفة باسم رؤية 2030 لبناء اقتصاد يبتعد عن الاعتماد الكبير على النفط.
وخففت السعودية في السنوات الماضية القيود الاجتماعية الصارمة مثل الفصل بين الرجال والنساء في الأماكن العامة وإلزام النساء بارتداء العباءات السوداء. وترافق إحكام ولي العهد الأمير محمد لقبضته على السلطة مع تغييرات شملت فتح البلاد أمام السياحة غير الدينية وإقامة الحفلات الترفيهية والسماح للنساء بقيادة السيارات بالإضافة إلى التضييق على المعارضة والخصوم السياسيين. وتشمل رؤية 2030 أيضا تطوير القطاعات والصناعات المحلية ومراكز اللوجستيات بهدف إتاحة مئات الآلاف من فرص العمل للسعوديين.
وقد أثارت الوتيرة السريعة للإصلاحات الاجتماعية الأخيرة، بما في ذلك إعادة فتح دور السينما والسماح بتنظيم مهرجانات موسيقية مختلطة بين الجنسين، تكهنات واسعة النطاق بأن حظر الكحول قد يُرفع، أو على الأقل يتم التساهل بشأنه مع بروز مرافق سياحية جديدة على غرار مدينة “نيوم” المستقبلية بكلفة تصل إلى 500 مليار دولار. وأدى النجاح في نيل استضافة معرض “إكسبو 2030” وبطولة كأس العالم لكرة القدم عام 2034، إلى تغذية تلك الشائعات، رغم تأكيد المسؤولين علناً أن أي تغيير في تلك السياسة أمر غير مقبول.
لكن بياناً رسمياً سعودياً الأربعاء أفاد بأن السلطات تقدم “إطاراً تنظيمياً جديداً… لمواجهة التجارة غير المشروعة في السلع والمنتجات الكحولية التي تتلقاها البعثات الدبلوماسية”. وأضاف “ستركز العملية الجديدة على تخصيص كميات محددة من السلع الكحولية عند دخولها إلى المملكة، لوضع حد للعملية السابقة غير المنظمة التي تسببت في تبادل غير منضبط لبضائع مماثلة في المملكة”.
الموكتيل بدلا من الكوكتيل؟
وفي ما وصفه سعوديون توجّهاً يتماهى مع حملة أوسع نطاقاً يقودها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لتحويل بلاده المعتمدة في مصادر دخلها على النفط، إلى مركز تجاري وسياحي وترفيهي جاذب للأجانب، غزت الـ”موكتيلات”، مؤخراً السوق التجارية في الرياض.
ورغم أن الفكرة بدت مثيرة للجدل في بدايتها، أُدخلت “كوكتيلات” خالية من الكحول في قوائم المطاعم الراقية في المدن الرئيسية بالسعودية، جاذبة سقاة متمرّسين من مدن أكثر تحرراً على غرار دبي وبرلين لخدمة الزبائن الأثرياء في المملكة.
و”الموكتيلات” مؤلّفة من خليط من المشروبات بعضها مشابه بالاسم والشكل لمشروبات كحولية لكنها في الواقع خالية من الكحول.
وكان الزبائن حذرين من التجربة بداية، لكن آل الأمر بحانة فتحت أبوابها لفترة وجيزة خلال شهر رمضان العام الماضي، إلى تحقيق نشاط تجاري سريع. ويسلّط نجاحها الضوء على اتساع نطاق الإقبال بجرأة أكبر على المشروبات غير الكحولية، حتى مع بقاء المشروبات الكحولية نفسها محظورة بشكل صارم في المملكة الخليجية.
ص.ش/ع.ش (أ ف ب، رويترز)
ينشر بالتعاون بين مؤسسة الكومبس الإعلامية و DW