الأسرة تفتقد الاهتمام الرسمي وتسأل عن مسؤوليات الحكومة
الصحافة تحدثت عن خبر ولادتها المبكرة جداً.. والآن عن وفاتها المبكرة
الكومبس – خاص: “أشعر أني لست حاضراً بين الناس مازلت أعيش معها في عقلي أفكر بها.. اشتقت لها كثيراً.. إنها سهى ابنتي البكر، الأم في حنانها والأخت في رعايتها والعطوفة بين أهلها وأصدقائها. رحيلها وكل هذا الضجيج لا يشبه حياتها وشخصيتها الهادئة”. بهذه الكلمات عبّر سامر سعد والد الشابة سهى، التي ذهبت ضحية تفجير استهدف منزلاً مجاوراً لمنزل الأسرة في أوبسالا الأسبوع الماضي، عن مأساة رحيلها.
يضيف سامر “رحلت نائمة في بيتها مطمئنة وأخذت معها كل شيء. أنا ووالدتها وإخوتها الثلاثة متألمون جداً صعب ومفجع ما نعيشه”.
في الحديث عن فاجعة أب وأسرة فقدت قطعة منها بلا ذنب تبدو الكلمات عاجزة عن وصف الحالة. الكومبس زارت أسرة سهى سعد في أوبسالا معزية برحيلها ووقفت على أوضاع العائلة بعد الحادثة في حديث خاص مع والدها.
لحظة الانفجار
يقول الأب “لم أستوعب في البداية أن هناك انفجاراً وقع ،اهتز كل شيء من حولنا ركضت وزوجتي لغرف أولادنا عثرت على الجميع إلا سهى. سألتُ والدتها فقالت إنها نائمة في الطابق السفلي، كنت أركض على الدرج مسرعاً ولا أرى شيئاً. دخان وصراخ وزجاج في كل مكان لم أعرف معالم المنزل. ناديت سهى فلم تجب. الدقائق مرت كساعات. تملكني خوف شديد لم أشعر به في حياتي وكأني فهمت أنها رحلت. أخرجت أسرتي من المنزل بمساعدة الجيران الذين استكملوا البحث عن سهى حتى عثروا عليها في الطرف الآخر من المكان الذي كانت تنام فيه”.
“أذكر تفاصيل يومها الأخير رافقتها إلى عنوان مدرستها حيث كانت تتدرب للعمل، ثم تسوقنا وتحدثنا كثيراً. ليت الوقت توقف هناك. جهزنا وجبة الغداء معاً قبل عودة والدتها. طلبت سهى أن تعد وجبة طعام تحبها كثيراً. كانت تطهو بحماس. أكلت من الوجبة وهي في قمة ساعدتها واحتفظت بجزء منها لتأخذه لصديقتها في العمل. لم تكن تعلم أن لا غد في حياتها”، يقول الأب قبل أن يضيف ” سعيد أنها أكلت ما تحب قبل أن ترحل”.
بشوشة الوجه طيبة القلب
وعن علاقته بابنته الكبرى سهى، يقول الأب “ابنتي الكبرى بشوشة الوجه طيبة النفس بشكل لا يوصف. كنت أخشى عليها من الدنيا لكثرة براءتها وكرمها. تحب أن تسعد الجميع. محبة لعائلتها الصغيرة والكبيرة وتحرص دوماً أن نجتمع، ترسل دوماً أموالاً لأي شخص تسمع أنه محتاج. تحب أن تدعم وتساعد”.
يضيف سامر “ولدت سهى في الشهر السادس من الحمل، والمفارقة أن الصحافة السويدية كتبت عن خبر ولادتها حينها لصغرها ونجاتها في ذلك الوقت، لكنها اليوم لم تنج للأسف وكتبوا خبر رحيلها. السؤال الذي لا يفارقني لماذا؟ لماذا حرمت كأب من دفء وجودها ومن أن أفرح بها في وقت بدأت تحصد فيه تعب سنوات الدراسة، حيث كانت تستعد لتبدأ أولى خطواتها المهنية كمعلمة”.
الساعات الأخيرة
في الساعات الأخيرة من حياة سهى كانت مع والدتها في الطابق السفلي ونامت على الكنبة وبقيت هناك حتى توفيت. يقول الأب “أريد أن أخبرها بأننا نحبها ومشتاقون جداً لكل تفاصيلها، لصوتها ولمكانها الفارغ بيننا، وبانتظار استلامها لتشييعها إلى مثواها الأخير. الجميع يسأل وتقديراً لكل المتعاطفين سنعلن كأسرة عن موعد تشييع جثمانها”.
ويضيف “أعيش في السويد منذ35 عاماً. أطفالي الأربعة ولدو هنا وعاشوا في هذا المجتمع الذي نشكره كثيراً على رسائل الحب والدعم وخاصة جيراني وسكان منطقتنا، علمت بكل جهودهم التي بذلوها لدعمنا. نحن مشتاقون لهم ونحبهم ويؤسفنا إبلاغهم أننا لن نعود لمنزل توفيت فيه سهى”.
وعن أوضاع الأسرة بعد الفاجعة يقول سامر “في الساعات الأولى من الانفجار قدم لنا السوسيال (الخدمات الاجتماعية) ولأطفالي تحديداً الدعم النفسي. ولاحقاً أعطتنا البلدية بيتاً مؤقتاً لنقيم فيه وستتكفل شركة التأمين بدفع الإيجار إلى حين انتهاء أعمال صيانة المنزل. ومنعتنا الشرطة في البداية من دخول البيت لوجود احتمال انهياره قبل أن تسمح لنا بأخذ بعض الأمور منه”.
وعن الاهتمام الرسمي بوضع العائلة بعد فقد ابنتها، يقول سعد “أنا أسأل معنوياً، نحن عائلة سويدية دفعت ثمناً لا ذنب لها فيه، كنا ننتظر أن نستمع لرسائل الدعم من حكومتنا. كنا ننتظر أن تقف إلى جانبنا إنسانياً المؤسسات المعنية أن تزورنا معزية على الأقل”.
ويتابع “عائلتنا الصغيرة تحتضننا وكذلك اجتماعياً هناك دعم كبير، لكن الموقف الرسمي صادم بالنسبة لنا أنا أحمّل مسؤولية ما حدث لمن قصر في تأمين حياتنا. لماذا لم نُبلغ عن احتمالية القلق أو الخطورة خصوصاً أن الأجهزة الأمنية كانت على علم باحتمالية وجود الخطر. اليوم رحلت ابنتي ولاشك أننا كأسرة نعيش أوقات صعبة نفسياً وأعتقد أن هناك مسؤوليات تقع على من نحن تحت مسؤوليتهم ورعايتهم”.
ويختم الأب حديثه بتوجيه كلمة شكر “شكراً لكل من سأل عنا وواسانا في مصابنا الكبير وشكراً للأصدقاء والأهل والجيران وزملاء سهى وكل من أحبها وعزانا برحيلها”.
وكانت الشابة سهى البالغة من العمر 24 عاماً توفيت يوم الخميس 28 سبتمبر جراء تأثرها بانفجار ضخم استهدف منزلاً مجاوراً لمنزل عائلتها. وقالت الشرطة إن الانفجار جزء من موجة عنف العصابات التي تضرب السويد منذ فترة.