يهود ومسلمون ..معا من أجل السلام وضد الكراهية

: 5/24/21, 11:05 AM
Updated: 5/25/21, 9:46 AM
مونيكا بونك وبلال الزيات صديقان قديمان أسسا جمعية تكافح من أجل الحوار والتعايش بين المسلمين واليهود.
مونيكا بونك وبلال الزيات صديقان قديمان أسسا جمعية تكافح من أجل الحوار والتعايش بين المسلمين واليهود.

إنها جمعية فريدة من نوعها في مدينة ماربورغ الألمانية، تضم يهودا ومسلمين يكافحون معا من أجل الحوار وضد الكراهية. هل يمكن أن تنجح هذه الجمعية في مساعيها؟ وكيف يمكن تشجيع التعايش والحوار بين اليهود والمسلمين في ألمانيا؟

قصفت حماس إسرائيل بنحو 4 آلاف صاروخ، وردت إسرائيل بقصف نحو ألف هدف في غزة، ونظم مناصرون للفلسطينيين مظاهرات في ألمانيا رددوا خلالها شعارات معادية للسامية، وسط هذا المشهد يحدث شيء مختلف في مدينة ماربورغ الألمانية حيث يكافح يهود ومسلمون معا من أجل إنهاء العنف في الشرق الأوسط.

“لن نجلب الصراع إلى ماربورغ، حيث لا نستطيع حله” هذا ما ردده مجددا مونيكا بونكت وبلال زيات أثناء في وقفة بمشاركة نحو 100 شخص من أجل السلام في إسرائيل والمناطق الفلسطينية. إنه أمر ليس بالعادي أن يتعاون يهود ومسلمون وينظمون نشاطا مشتركا، والأكثر لفتا للانتباه هو أن مونيكا وبلال أسسا قبل عام جمعية “معا.. مجتمع ماربورغ من أجل الحوار اليهودي الإسلامي”.

أزمة الشرق الأوسط تلهب مشاعر الطرفين!

لا يمكن حل صراع الشرق الأوسط في ألمانيا، لكن ربما تكون مدينة ماربورغ نموذجا لتعلم كيفية تجنب نقل الصراع إلى ألمانيا. مونيكا وبلال: يهودية ومسلم، عالمة لاهوت وطبيب جراح، حصلا على جائزة ولاية هيسن للاندماج، يعرفان بعضهما منذ عشرين عاما، وكلاهما يثقان ببعضهما إلى أبعد الحدود.

هذه الثقة المتبادلة بين الجاليتين (المسلمة واليهودية) في ماربورغ تمر بامتحان صعب على خلفية الصراع في الشرق الأوسط. فبعض أبناء الجالية المسلمة التي يبلغ عدد أفرادها نحو 5 آلاف شخص، فلسطينيون من غزة. وأحد هؤلاء فقد عمه الذي قتل في غارة على غزة حين كان خارج منزله، يقول بلال، ويضيف “إنهم ينكفئون على أنفسهم. ويقول أحدهم لا أستطيع الآن، اتركوني بعيدا عن النشاطات”.

قبل سبع سنوات أثناء حرب غزة عام 2014 كان على بلال ومونيكا لعب دور الوسيط. حيث تمت دعوتهما إلى دار البلدية وطُلب أمر محدد منهما: “افعلوا شيئا ما. اعملوا على ألا تندلع حرب صغيرة هنا في ماربورغ” يقول بلال ويهز رأسه حين يتذكر ذلك. ويضيف “إنه هراء. أولا نحن في ألمانيا. وثانيا: طبعا يمكن انتقاد إسرائيل ولكن بعقلانية وموضوعية وليس من خلال اللافتات والمظاهرات وأمام الكنس”.

نعم لحرية الرأي ولكن يجب عدم تجاوز الحدود!

إلى جانب الثقة المتنامية، الثابت الآخر في الجمعية اليهودية الإسلامية هو الفصل التام بين الأشخاص والدين والسياسة. فرغم كل الاختلاف في الرأي، هناك أساس مشترك وهي الإرادة في التعايش بسلام في ماربورغ، رغم الخلاف والجدل والنقاش السياسي الحاد.

ويقول بلال إنهم تعلموا على مر السنين “تفهم الطرف الآخر بشكل أكبر وأفضل”. تسارع مونيكا وتضيف “رغم أن هذا ليس طرفا آخر، لأنه ليس خصما”. وتتذكر مونيكا الخلاف مع بلال حول نشر صور النبي محمد الكاريكاتورية، حيث كان الخلاف بينهما حول مدى حرية الرأي.

بعد الوقفة الاحتجاجية تحدثت مونيكا مع صديق مسلم نشر على الانترنت خريطة لإسرائيل مغطاة تماما بالوشاح الفلسطيني، وقالت له “لك أن تنتقد سياسة إسرائيل بكل سرور، لكن ليس نفي الاعتراف بها وبوجودها. هنا تكون قد تجاوزت حدودي. رجاء احذف هذه الصورة”. وتضيف بأنه رد عليها قائلا “أنت على حق فيما تقولين. لم أفكر في الأمر أبدا”. وفي الوقت الذي تساهم وسائل التواصل الاجتماعي في تأجيج الصراع بين الأديان، يحاول أعضاء الجمعية، حل الكثير من القضايا من خلال الحوار.

ما يربط المسلمين واليهود أكثر بكثير مما يفرقهم

شعار أعضاء الجمعية الرئيسي هو: نحن المسلمون واليهود ما يجمعنا أكثر مما يفرقنا. حين تعرض العديد من الرجال اليهود للهجوم لارتدائهم الكيبه (القلنسوة اليهودية)، فكر بلال ومونيكا في النساء المسلمات المحجبات اللواتي يتعرضن لمواقف عدوانية بسبب حجابهن، فنظما على عجل نشاطا “يوم الحجاب والكيبه”.

وكلاهما يتذكران الاحتجاجات المشتركة الناجحة التي شارك فيها مسلمون ويهود عام 2012 من أجل قانون “ختان الأطفال” لليهود. ومراسم الدفن المتشابهة في الديانتين: الإسلام واليهودية. وتقول مونيكا “علينا الاقتراب من بعضنا بحذر وليس الوقوع في شرك الصراع في غزة مباشرة”.

مسلمو ماربورغ يزرون معسكر الاعتقال بوخنفالد

حين تم تدشين المسجد الجديد في ماربورغ، شارك عشرون من أبناء الطائفة اليهودية الذين يبلغ عددهم 320 في ماربورغ، في حفل الافتتاح. وينظم بلال مع مونيكا رحلة مشتركة ليهود ومسلمين ومسيحيين لزيارة معسكر الاعتقال النازي بوخنفالد. وفي المستقبل يريدون تشجيع التقارب من خلال مسابقات للشطرنج والطبخ، لأن الطعام دائما يجمع الناس.

“لقد استطعنا تحريك شيء ما، لكن لا أعرف إن كنا سنرى بأن العيش المشترك سيصبح هو الأكثر طبيعية في العالم” تقول مونيكا متطلعة إلى المستقبل، وتضيف بأنه دائما يقول الناس لهما بأنهما مثال يحتذى به. وبدوره يقول بلال “نحن المسلمون في ألمانيا يجب أن نفهم أن الشراكة مع اليهود هنا ستساعدنا، والعكس صحيح”.

أوليفر بيبر/ عارف جابو

ينشر بالتعاون بين مؤسسة الكومبس الإعلامية و DW

Alkompis Communication AB 559169-6140 © 2024.