أعلنت مديرية إدارة الهجرة التركية “مغادرة” نحو 22 ألف سوري أغسطس الماضي، ليصبح عدد المعادين منذ بداية العام نحو 200 ألف سوري. وتندد منظمات وحقوقيون بظروف ترحيل السوريين “القسرية” إلى الشمال السوري.
أوردت مديرية إدارة الهجرة التركية أرقاما جديدة بشأن أعداد السوريين الذين “غادروا” الأراضي التركية “بشكل فردي”. ففي شهر آب/أغسطس، بلغ عدد “المغادرين” نحو 21,634، ليصل العدد الإجمالي للمعادين إلى الشمال السوري منذ بداية العام الجاري إلى 205,894 سوريا.
وانخفض، حسب الأرقام المعلنة، عدد السوريين المتواجدين حاليا في تركيا حتى تاريخ إعلان المديرية في 7 أيلول/سبتمبر إلى ثلاثة ملايين و293 ألفا و934 شخصا، بعدما كان يبلغ حوالي ثلاثة ملايين و700 ألف في العام 2022.
ومن بين السوريين المتواجدين حاليا في تركيا، يوجد حوالي 75 ألف شخص في 9 مراكز مؤقتة في 7 محافظات.
ثلث العدد الإجمالي المتبقي في تركيا هو من الأطفال ما دون العاشرة من العمر. و52,5% منهم رجال في حين أن نسبة النساء 47,5%.
معدل من “غادر” من السوريين خلال آب/أغسطس يبلغ 721 شخصا يوميا وهؤلاء “رحّلوا قسريا” إلى الشمال السوري، حسبما قال المحامي والناشط الحقوقي غزوان قرنفل لمهاجر نيوز، والذي أضاف أن ما يدل على ذلك “تكبيلهم عند صعودهم للباصات” خلال إعادتهم، وأنه لا حاجة لهذا في حال كانت العودة طوعية.
وهذه الأرقام تتضمن فقط “المرحّلين إلى سوريا”، حسب المحامي، حيث أنه من الصعب معرفة أعداد السوريين الذين يغادرون تركيا بطريقة غير شرعية متجهين نحو أوروبا عبر طريق البلقان.
ويعود عدد من المرحّلين السوريين بطرق غير شرعية إلى تركيا من جديد حسب شهادات جمعها مهاجر نيوز، إلا أن السلطات التركية تشدد إجراءاتها على الحدود في الفترات الأخيرة، حتى أنه “يخشى من التعرض لخطر الموت أثناء عبورها”، حسب المحامي الذي حذر من عودة بعض السوريين إلى تركيا، خصوصا ممن بقيت عائلاتهم في المدن التركية.
ونوه قرنفل إلى أن السلطات التركية ماضية في خطتها بترحيل “المليون سوري” التي كان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أعلن عنها العام الماضي، وأنه يتوقع أن “يُطوى” الملف السوري ربما خلال سنوات قليلة، رغم تعقيد الأوضاع في الشمال السوري وعدم إنجاز البيوت السكنية التي وعدت بها تركيا لتهيئة ظروف عودة آمنة، ورغم أن الاقتصاد التركي يتأثر برحيلهم حيث أنهم “يعملون في مهن صعبة لا يقبل العمل بها بعض الأتراك. ويُترك السوريون في الشمال السوري إلى مصيرهم دون تأمين أي مأوى أو مساعدات”، حسب تأكيد قرنفل.
وتأتي هذه الأرقام وسط تصاعد موجة من الخطاب العنصري وحتى الاعتداءات على السوريين شملت أيضا العرب عموما “وحتى السياح وبعض الأتراك المحافظين” حسب قرنفل. وبعض الحوادث أفضت لموت المعتدى عليهم. فقد أعلنت عائلة شاب سوري مقتل ابنها البالغ 22 عاما إثر تعرضه لعملية طعن من قبل شاب تركي.
وتعرضت ثلاث نساء سوريات كن على متن حافلة عامة مع أطفالهن للضرب والعنف المصحوب بألفاظ وشتائم عنصرية من قبل بعض الركاب، حسبما أوردت صحيفة “صباح” التركية.
في 3 سبتمبر، تعرض طفل سوري في إسطنبول للطعن وأثارت الحادثة جدلا كبيرا.
وتتكرر هذه الحوادث إثر تنامي الخطاب العنصري وكذلك السلوك العنيف تجاه السوريين والعرب عموما، وطالت حتى “بعض السياح والأتراك المحافظين”، حسب قرنفل، الذي يعزو هذا إلى الفهم المتطرف للعلمانية لدى شريحة من المجتمع التركي، وإلى دور المناهج التعليمية في تركيا التي تورد أن “العرب خانوا الدولة العثمانية”، وأيضا إلى انغلاق شريحة من المجتمع على نفسها حيث هناك من لا يتعلم لغة أجنبية ولا يرى سوى الإعلام المحلي.
أما من ناحية السوريين، يرى قرنفل أنهم “لم يبنوا جسورا كفاية مع المجتمع المحلي” وأنهم احتُسبوا على حزب العدالة والتنمية الحاكم، في حين أنه كان يتوجب العمل على الأحزاب المختلفة والتعريف بالقضية السورية بشكل أفضل وأوسع.
وأضاف قرنفل أن قانون العقوبات التركي يعاقب “الحض على الكراهية وتأليب فئة من المجتمع على أخرى” بالسجن. وهذا أساس لفكرة المساءلة لكن الحكومة التركية لا تقوم بواجبها بهذا الاتجاه.
وحتى زعيم حزب “النصر” اليميني المتطرف أوميت أوزداغ الذي حرض على السوريين فترة انتخابات الرئاسة ليس لديه حصانه حيث فقد عضويته بالبرلمان ويمكن محاسبته. إضافة إلى وجود قانون يحاسب الجرائم الإلكترونية، لكن ما يطالب به الحقوقيون خصوصا في هذه المرحلة، حسب قرنفل، هو تجريم العنصرية “الخطاب والسلوك العنصري”.
ونددت منظمات حقوقية عديدة بهذه الاعتداءات وبعمليات الترحيل القسري إلى الشمال السوري في السنوات الأخيرة
مهاجرنيوز