أفق آخر: التغيير .. ثمرة فن إدارة الذات

: 3/3/14, 5:35 PM
Updated: 3/3/14, 5:35 PM
أفق آخر: التغيير .. ثمرة فن إدارة الذات

المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس عن رأي الكومبس

الكومبس – خاص: تشكل التحديات الحياتية جوهر حياتنا، وتبدو تلك التحديات اكثر تجسيما في الغربات وبلدان اللجوء. وتتعرض شخصياتنا خلال مراحل هجراتنا الى اختبارات بالغة القوة حتى لتبدو شدة وطأتها كصدمات كهربائية تهزنا هزّا، فأما ان تسحبنا نحو النكوص والإنزواء او تفجّر فينا ينابيع الإبداع وطاقة الحياة والتغيّر والتغيير.

الكومبس – خاص: تشكل التحديات الحياتية جوهر حياتنا، وتبدو تلك التحديات اكثر تجسيما في الغربات وبلدان اللجوء. وتتعرض شخصياتنا خلال مراحل هجراتنا الى اختبارات بالغة القوة حتى لتبدو شدة وطأتها كصدمات كهربائية تهزنا هزّا، فأما ان تسحبنا نحو النكوص والإنزواء او تفجّر فينا ينابيع الإبداع وطاقة الحياة والتغيّر والتغيير.

ان مفهوم ادارة الذات، وتجليات النفس وتغييرهما هي فكرة قديمة على الأرض، نجدها في ادبيات الحضارات والأديان القديمة وفي التقاليد والعادات والمعتقدات. ومنذ ان وجد المنقبون تمثالا قديما في بلاد الرافدين يمثل متصارعين وعلى رأسيهما خزانان خزفيان من الزيت الحار يتطلب حفظهما التوازن وادارة الحركة فأن سكان النوبه الى اليوم يتصارع شبّانهم في مواسم الزواج ليفوز كل منهم بمن يحب من الفتيات الواقفات في دائرة حول مشهد التحدي الجسدي والعاطفي، وهن يشجعن فتيان القرية حتى يفزن بمن يحلمن به راعيا وحبيبا وزوجا.

والحق ان مانعيشه نحن من تحديات تنطوي على مؤثرات عاطفية ونفسية وجسدية تتطلب طاقة ذاتية لإدارة الذات وانتشالها مما هي فيه وسط حركة الحياة السريعة التي تشعرنا اننا في صراع حاد ولا احد يلتفت الينا.

الشباب المهاجر هنا في السويد اكثر اهتماما بمتابعة صيحات الموضة .. او حفظ كلمات اغنية جديدة او تعلم رقصة من رقصات الستريت دانس او الراب .. دون اهتمام بتوجيه طيف طاقاته نحو الإدارة الإيجابية للمشاعر والحواس والإمكانات العاطفية والإنسانية.

ونحن الكبار في انشغالاتنا بالنقد والشكوى لا نفعل شيئا تاركين اعباء مواقفنا وسلبيتنا لتتراكم دون وعي بما ترتبه علينا من احباط وجزع. اننا ننشغل عن تكريس طاقة الوعي بمشكلتنا وننصرف نحو تفجير انفعالاتنا العصبية كدفاعات وحيدة في صراع البقاء هنا في بلاد اللجوء متمسكين بنظرتنا الشخصية النرجسية والأنانية دون تبصر اوهدوء او حكمة.

اذكر انني حين عملت معلماً مساعداً في مدرسة ” نيبلا سكولان ” كيف يركز اسلوب التعليم من خلال اللعب في السويد على بناء الوعي الفكري لدى اطفالنا ضمن اطفال البلاد لتقوية طاقة التفكير والتحليل والنظر بل الأهم هو ان يتعلم الطفل طاقة ابتكار الآلية والوسيلة التي يحل بها المسائل والموضوعات الصعبة التي تواجهه في الدراسة والحياة.

ويبلغ الإهتمام حد ان يتعلم اطفالنا كيف يطلقون الإدراك وطاقات الخيال والحدس والعاطفة وامكاناتهم اليدوية للأنتاج ومواجهة صعوبات الدراسة والحياة من اجل حلها وبلوغ لحظة الإرتباط بالعالم والحلم بسلام ورضا.

نحن نكابر كثيرا ونعتبر افكارنا وعاداتنا وعقائدنا اشياء جامدة ومقدسة ولذلك نقف في بلدان اللجوء محبطين وناقمين امام الحياة الواقعية التي تتطلب المرونة والأيمان بحق الآخر وبالواجب وتفهم الحقوق.

ولأننا نحس اننا نواجه الفشل امام تحديات التغيير، فأننا نكابر كثيرا ونعتبر كل مافينا من مميزات وعقائد وافكار هي الأصح، وان ماتعكسه بلدان اللجوء من تحديات حياة وطبائع وعادات وقوانين هي الخطأ ونحن الذين على حق فقط. لذلك نقضي الوقت بالتذمر والشكوى واللوم معتبرين ان ماتقدمه لنا بلدان اللجوء مادياً ومعنوياً أقل مانستحق وبهذه الطريقة نفتقد العطاء ونوقف طاقة التغيير والإدارة الإيجابية للذات ونكتفي بالنقد والتشكي والهجاء.

فاروق سلوم – الكومبس
Alkompis Communication AB 559169-6140 © 2024.