أهالي يارفا في أسبوعهم السنوي

: 6/3/23, 6:35 PM
Updated: 6/3/23, 6:35 PM
أهالي يارفا في أسبوعهم السنوي

المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس عن رأي الكومبس

الكومبس – رأي: يبتهج أهالي يارفا على اختلاف أصولهم وتطلعاتهم بإسبوع يارفا السنوي، ويرحبون بسعادة بالغة كعاداتهم بجميع الضيوف الزائرين من الفنانين والإعلامين والسياسيين وقادة الأحزاب، كما يبتهجون أيما ابتهاج بتوافد إخوانهم المواطنين من سكان المناطق والمدن الأخرى. ويتطلع أهل يارفا وضيوفهم الكرام من خلال فاعليات مهرجانهم السنوي المميز هذا لأن يوسعون دوائر التعارف المجتمعي بلا وساطة أو وصاية. وأن يُناقشون مشاكلهم بانفتاح دون خجل أو تجاهل أو مواربة. وأن يتبادلون الخبرات في مجالاتها المختلفة. بُغيتهم في ذلك الوصول معًا إلى بيئة مجتمعية آمانة تُعزز فيها قيم المُساوة. إلى حالة إقتصادية أفضل تَتَوسع فيها إمكانيات الرخاء. إلى حلول متنوعة وممكنة لبعض ما يُعانونه من إشكاليات ليست بعاصية على الحل لمن عَلت فى نفوسهم الإرادة وتوفرت لديهم بعض الإمكانيات بعيدًا عن المُناكفات السياسية التى قد تؤثر سلبًا على مستوى المُستضعفين من المواطنين المُستهلَكين في محاولات توفير ما يمكن أن يسد بعض احتياجتهم الأساسية أو يحسن من حياة الكفاف في مجتمع يُعاني من استعار التنافس المادي وإغراء الكماليات.

اختلاف الأجيال وتنوع احتياجتهم

ما أعظمها من فرصة حين تخرج العائلات بجميع أفرادها للتلاقي وتبادل أطراف الحديث.. للتثقف والتنزه.. للتريض والتسوق.. حيث تتحلق الأسر لمتابعة الأفلام في الهواء الطلق، مع فرص للرسم وتلوين وجوه الأطفال.. للإشتراك في بعض المسابقات الهادفة.. للإستمتاع بطقس الصيف على أنغام الموسيقى أو المشاركة في العزف والغناء.. بجانب ملاعب الكرة التى تعج بالنشاطات الرياضية، وخيام النشاطات المتنوعة..
آآآآهٍ وأهـ.. ما أحوج المناطق ذات الكثافة السكانية العالية من أصحاب الأصول المختلفة إلى مقترحات أكثر فاعلية لتعزيز الإمكانيات التعليمية ورفع القُدرات المهنية، وتشجيع القادمين الجدد منهم على الإستفادة المُثلى من برامج الترسيخ لتذليل العقبات وتيسير الإندماج، وفتح مجالات أسواق العمل، وتفهم دور الأمهات العائلات اللاتي يُعانين الأمرين وحاجتهن الماسة إلى رعاية أطفالهن.
ما أجمل يارفا مع كل صباح حين تعج طُرقاتها ومواصلاتها بالعاملين على تنوع وظائفهم حين يتوجهون إلى أعمالهم المختلفة.. الأطباء والمهندسون.. المعلمون والمحامون.. السائقون.. عمال النظافة.. عمال المتاجر.. رجال السياسة والسياحة وغيرهم.

شيطنة المهاجرين وذوي الأصول الأخرى

لحساب من يُشيطن المهاجرين؟ وما هي النتائج المتوقعة أو المترتبة على شيطنة الآخر؟ ولماذا فُتح الباب للمهاجرين من الأساس أصلًا؟ وما ذنب الأجيال الذين لا يعرفون لأنفسهم لغة إلا لغتهم السويدية، ولا إنتماء إلا لعلم بلدهم السويد؟

تعلوا للأسف الشديد بين الفينة والأخرى أصوات عنصرية بغيضة، وتستعرض أراء ظلامية معيبة حول الفئات الأكثر ضعفًا في المجتمع ليس لشئ إلا من أجل تحقيق مكاسب حزبية ضيقة ومؤقتة.. نعم هناك من يستخدم المهاجرين كـ”أسلحة” لكسب نقاط سياسية.. هناك من يتعامل مع المواطنيين ذوي الأصول الأخرى وقضاياهم بطرقٍ قاسية وأحيانًا بطرقٍ غير قانونية، بل ويسعون بغطرستهم جاهدين لدسترت وتقنين أفكارهم الرجعية.

لماذا يُستخدم المهاجرين كأوراق ضغط سياسي؟ لماذا لا يُتعامل معهم على أنهم جزء من حلٍ لا جزء من مشكلة؟ فباستطاعة المهاجرين دومًا أن يسدوا عجز اليد العاملة في مختلف المجالات، وبإمكانهم أن يرفعوا من قيمة الإقتصاد المحلي، وما فُتح لهم الباب أصلًا إلا لهذا.
البعض للأسف يربط بين المُهاجرين بشكل عام والإنحراف السلوكي في المجتمع، رغم أنهما خطان متوازيان لا يلتقيان إلا لحظات الغفلة وغياب الضمير المجتمعي، وهو ما يوجب علينا جميعا مؤسسات وأفراد أن نبذل ما استطعنا من جهد لرفع مستوى الوعي العام بقضايا المجتمع واحتياجاته، والعمل معًا على بناء الثقة المتبادلة بين طوائف المجتمع من جهة وبينها وبين مؤسسات المجتمع بشكل عام. وإن كان هناك من تحدي حقيقي فهو العمل على تحسين وتطوير السلوك العام للمواطن بصرف النظر عن اختلاف أصله وثقافته الخاصة.. لا رفض الآخرين والتضييق عليهم لمجرد أنهم مختلفون.. فحفاظ البعض على خصوصياتهم الثقافية أو العقائدية لا يُشكل بالضرورة انفصالية أو انعزالية عن الواقع المُعاش أو المستقبل المأمول كما يروج بعض المُتخوفين أو المُتعنصرين.. بل هو تنوع إثراء ودافع بناء وتطور إنتاج.

إن منع أو تحجيم الجريمة خاصة في المناطق المُهمشة أو المعرضة للخطر يحتاج إلى تكثيف الجهود لوقف أو إضعاف سُبل التجنيد لمُجندين جُدد في العصابات المُنظمة على اختلاف أنواعها.. كسر الفصل العنصري.. توسيع دائرة الاستثمار لتشمل أصحاب الدخل المنخفض والباحثين عن عمل والأسر ذَوي الأطفال الكُثر والمتقاعدين وذوي الاحتياجات الخاصة.. تذليل العقابات أمام القادمات الجدد وتفهم دور الأمهات العائلات منهن وحاجتهن إلى رعاية أطفالهن، وتأثير ذلك على تأخر دخولهن سوق العمل.. كل هذا وأمثاله يحتاج منا جميعًا إلى معاودة التفكير بعمق والعمل التعاوني الدؤوب بشكل جماعي بعيدًا عن المناكفات الحزبية التي لا يدفع ثمنها للأسف الشديد إلا المُهمشين والفئات الأكثر ضعفًا في المجتمع.

وتجنبًا لسياسة البعض المميزة بين أعراق وأصول المواطنين.. تجنبًا للقاصرة أفاهمهم على الاهتمام بأصحاب رؤوس الأموال ذوي الدخول المُرتفعة دون غيرهم.. فإننا بحاجة إلى إظهار مزيد اهتمام بعدة أمور منها على سبيل المثال لا الحصر :

الاهتمام بالبيئة المدرسية، وزيادة دعمها النوعي، ومعالجة أساليب الرقابة التربوية والتعليمية فيها، وتحسين مستويات إدارتها، وتفعيل أساليب التواصل بين مكوناتها. زيادة الإهتمام بالتحصيل المدرسي، والتوسع في النشاطات المدرسية لحماية اليافعين والشباب من الإقصاء وتحصينهم ضد الجريمة، وتهيئتهم حسب احتياجات سوق العمل وتطلعاته.
التشجيع على القراءة، ونوعية وخامة المُنتج المكتوب لتجنب انتشار الأمية بين الطبقة الوسطى للعاملين صانعي المستقبل والذي بهم يقوم دولاب العمل الأساسي في أي مجتمع.
التوسع في بناء المساكن، والعمل على تخفيض أسعار الإيجار، وتيسير سُبل التملك للمستطيعين للرفع من مستويات المعيشة.
كما أن الاهتمام بالنشاطات المناسبة لكبار السن والمتقاعدين، وتطوير دور رعاية المسنين، وتوفير الإمكانيات المطلوبة للعلاج التلطيفي.. كل هذا وأمثاله أمانة في أعناقنا جميعًا، وإنه لدَين وحق على الأجيال يجب الوفاء به لمن سبقونا ببناء ما نتنعم به الآن.
وفي النهاية معاً وبالجميع تصبح السويد أفضل.

طاهر أبوجبل

Alkompis Communication AB 559169-6140 © 2024.