أوجه التشابه: الى نادية مراد، الى بَأسها وروحها السامية

: 3/18/16, 1:42 PM
Updated: 3/18/16, 1:42 PM
أوجه التشابه: الى نادية مراد، الى بَأسها وروحها السامية

المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس عن رأي الكومبس

الكومبس – مقالات الرأي: تقول الحكاية: مساء الأول من آيار عام 1982، استدعيتْ وعبر مكبرات الصوت، (ترانه) وخمس فتياة اخريات الى إحدى غرف السجن والذي يسمونه بالمكتب، لعلها الخطوة الأولى والطريق المؤدية الى ما هو أخطر وكانت حقاً كذلك. خيَّمَ شبح الصمت وأطبق على كل أركان السجن ونزلاءه، انها لحظات صعبة بل ومصيرية، انه يوم للذبح، يُنذر بفصل الروح عن الجسد، ستعزف فيه وبصمت موسيقى الحفل الجنائزي، وسيجري بعدها وضع حد ونهاية عمر لبضعة بنات بعمر الورد، تمثل الدفعة الأولى لمجاميع بشرية، بريئة سيجري سلخها تباعاً.

هذا ما تنذر به طقوسه وما ألفه نزلاءه، انه سجن ايفين الرهيب، الواقع شمال غرب العاصمة الايرانية والمخصص لسجناء الرأي والمعارضين لسياسة الحكم. لحظة…لحظة وقبل أن تكملوا القراءة فربما أخطأت الوصف وَسَميتُ ما جرى بالحكاية، وحقيقة الأمر انها لم تكن حكاية أو دراما حزينة استقيتها من أحد الكتب أو الأساطير أو لحظة عابرة، إستغفلتني ومرَّت على عجل، بل هي أحداث وقعت فعلاً في ذلك السجن، وكي تقفوا عليها، فلا بأس من إعادة سرد بضع فقرات وعلى لسان الكاتبة ولكني سأختصرها.

مارينا نعمت، هذا هو اسمها الصريح وكما ورد على الغلاف الخارجي الأول من كتابها الذي حمل عنوان (سجينة طهران). في متن مدونتها هذه وأهم ما إجتذب نظري وشدَّني اليه، هو ما جاء وببضعة أسطر، وصفاً دراماتيكياً لليلة إعدام إحدى نزيلات ذلك السجن والتي كانت تقاسمها ذات الغرفة، حيث تقول الكاتبة: بعد أن أذيعَ اسمها عبر مكبرات الصوت ( اتجهتُ نحوها، لكنها نَظرتْ اليَّ وهزَّت رأسها، ثم أمسكت حقيبتها الصغيرة المعلقة في الخطاف وحقيبتها الكبيرة أعلى الرف، واتجهت نحوي وأعطتني اياهما…….ثم تسلل الليل، أنصتنا كي نسمع صوت اطلاق النار، وسرعان ما سمعناه كإن سحباً زجاجية تتساقط من السماء). انه ذات الإيقاع والأسلوب والطريقة الذي اجمعت عليه واتفقت كل أنظمة الحكم القمعية، المتسلطة على رقاب شعوب شرقنا المحتل.

لقد أنجزت المهمة يا سيدي على أكمل وجه ولله الحمد، هذا ماسيقوله بعد قليل مَنْ أشرف على إجراءات عمليات الإعدام التي تمّتْ بحق تلك الكوكبة من الفتيات، كان من بينهن بضعة مَنْ إنفضت عذريتهن قبيل الشروع بتنفيذ تلك الأحكام، كي لا يدخلن الجنة، وسَيزفٌ ذلك المخضبة لحيته الى مسؤوله المباشر وبفخر وزهو، بشرى التخلص والى الأبد، من إحدى الوجبات الطازجة من المارقات، الخارجات عن الملة والدين، عملاً بتلك اليافطة المعلقة في محيط أكبر ساحات طهران العاصمة، والتي جاءت إنسجاماً وبعض وصايا وتعاليم، كان قد أصدرها ولي العصر والزمان وحاكمها المطلق، والتي نصَّت على وجوب أنقاذ شعبنا وعقيدتنا من رجس اولئك الشياطين، من قبل أن يعيثوا في الأرض فساداً.

عود على بدأ، والقصة هنا تبتدأ من لحظة إعتقال مارينا نعمت، ابنة السادسة عشر ربيعاً، كانت كزميلاتها تصغي بإهتمام الى ما تقوله معلمة الفصل الدراسي. لم يرد على خاطرها انها مسيحية، ارثدوكسية، ودرس الدين لم يكن غريباً عليها، بل كانت مستوعبة الأمر على نحو طبيعي، فبالنسبة لها لا بأس من إضافة معلومات جديدة الى خزينها المعرفي، معتبرة حديث معلمتها وما تورده من معلومات، يدخل في مجال تأريخ الأديان، ولا ضير أو تعارض في ذلك حتى لو كانت قد وُلِدَتْ على ديانة أخرى، فأديان الشرق هي جزء ومكون أساسي من حضارته، هذا ما اكتسبته مارينا من بيتها وما عملت به وَأوْفتْ.

الاّ أن ما دفعها على الإحتجاج والوقوف بوجه معلمتها معصومة (هذا اسمها الحقيقي بحسب ما ورد في الكتاب) هو ذلك الغلو والمبالغة في طروحتها، والأهم من ذلك كله هو تركيزها على تدريس مادة الدين فقط وعلى حساب باقي المواد المقررة. هنا اعترضت الطالبة مارينا لتعلن عن رفضها وإستنكارها لهذا الإصرار والتمادي من قبل المعلمة وبطريقة هادئة، راجية منها أن تقوم بتدريسهم مادة التفاضل والتكامل أيضاً، وهو جزء من علم الرياضيات ويدخل ضمن المنهج الدراسي المقرر لطلاب تلك المرحلة الدراسية.

لأن المعلمة لم تستجب لدعواتها بل تمادت أكثر فيما ذهبت اليه، قررت مارينا أن تخرج من الفصل الدراسي إحتجاجاً، لحقت بها زميلاتها. كبرت المشكلة، إمتد الإحتجاج ليشمل باقي الفصول الدراسية، ظناً منهن بأنهن يعشن عصراً من الديمقراطية ويستطعن التعبير عما يجول بخاطرهن بحرية تامة، خاصة بعد أن نجحت الشعوب الإيرانية وقواها الوطنية والدينية، في التخلص من نظام الشاه وامبراطوريته وبثورة شعبية، ضمَّت أغلب قطاعات الشعب. إزدادت أعداد البنات المحتجات بشكل مُلفت، إدارة المدرسة لم تستطع ضبط الأوضاع، لم يكن أمامها حسب ما تدعي الاّ اللجوء الى أجهزة الأمن، مستعينة بقوات من الحرس الثوري الذي قام على الفور وقبل إستفحال الأمور وإنفلات زمامها، بإعتلاء الأسطح المحيطة بالمدرسة وتفريق التظاهرة بالقوة، أعقبها القيام بحملة إعتقالات، شملت أعداد كبيرة من البنات، كانت على رأسهن وفي مقدمتهن الطالبة مارينا نعمت.

هذه الصورة ستتكرر في دول اخرى من شرقنا المحتل ولربما تصل الجانب الآخر من الكرة الأرضية، وسترى أجيالنا القادمة ما حدث على سبيل المثال في بغداد وفي ساحة التحرير تحديداً عام 2011 على يد زمرة حاكمة، اختارها المحتل مطية لتنفيذ مآربه، حيث لم تجد من وسيلة للحوار مع معارضيها، الاّ باستخدام القوة المفرطة والبطش بحق المتظاهرين السلميين، وبعمليات إختطاف وتصفية لأبرز معارضيها، وسترى بأم عينيك تلك الوجوه الكالحة التي اعتلت تلك البنايات المحيطة بساحة التظاهرات، ليتكرر ذلك المشهد الذي عاشته العاصمة الإيرانية قبل عدة عقود ولا زالت، ومن غير أن تستوعب أو تلتفت الى التأريخ وعبره، إذ كان عليها أن تتذكر ما كان يفعله النظام الذي سبقها.

تم إقتياد تلك الوجبة (المشاكسة) من البنات الى سجن ايفين معصوبات العين. التهمة جرى تجهيزها وتلفيقها على عجل، وهي الإنتساب الى إحدى المنظمات المعارضة لنظام الحكم الجديد. نسيَ المحقق أو تناسى انَّ مارينا مسيحية الديانة حين سألها ولأكثر من مرة عن طبيعة علاقتها بمجاهدي خلق أو فدائيي الشعب، ربما لم يستوعب المحقق بعد أنَّ هناك تنوعاً أثنياً ودينياً بين أبناء شعبه، فراح يستحظر من ذاكرته تلك المفاهيم التي جُبِلَ عليها حتى تحجَّر، فلم يعد يرَ أمامه الاّ شلة فاسدة من الخارجين على الدين والملة وسيكون عادلاً، سوياً كأسنان المشط في قمعه وتعامله معهم وفي إسكاتهم والى الأبد.

الأخبار أخذت تترى على مسامعها وهي داخل معتقلها. لم تكن وحيدة إذن، هذا ما كتبته مارينا في (سجينة طهران)، غير انها ارتأت تغيير أسماء بعض زميلاتها ممن لازلن يقبعن تحت سقف سجن كبير يسمونه وطنا، أمّا من استشهدت منهن فلها الخلود. مارينا ظلت وفية لتلك الصداقات وزمالة السجن، رغم مرور قرابة ثلاثين سنة على ذلك الحدث، ولم يفت ذاكرتها وهي في منفاها الإضطراري في كندا، من العودة الى صديق طفولتها (أراش)، المسلم الديانة وعازف الناي، يوم عثروا على جثته في تلك الساعة المتأخرة من الليل، وهو ممدد على بركة من دمه، لتسأله بعد كل تلك السنين، هل نسيت أن تعزف لحن وداعك الأخير يا أراش؟ أتعرف مَنْ قتلك؟.

في محاكمة صورية جرت وقائعها داخل المعتقل، أصدر ما يسمى قاضي التحقيق قراراً غير قابل للطعن أو الإستئناف، يقضي بإعدام مارينا نعمت ولم تكن بعد قد بلغت سن الرشد والمسؤولية. وكي لا تتهم سلطات تلك الدولة من بعض المنظمات الإنسانية بإنتهاك حرمة الطفولة، لجأت الى حيلة مكشوفة واجراء شكلي، يقضي بإرجاء التنفيذ بحق (المدانة)، ريثما يقوى عودها وتتمكن من السيطرة والوقوف بوجه تلك الإجراءات الهمجية وتتحمّل صوت أزيز الرصاص، الذي سيوجه الى صدر مَنْ اُصدِرَت بحقها قرار زهق الروح.

بعد صدور قرار الإعدام مباشرة، تذكرت حبيبها أندريه الذي يكبرها ببضع سنين، يوم التقته أول مرة في الكنيسة التي تقع في حيها. كان في حينها يشرف على تدريب فرقة كورال تابعة للكنيسة، مقترحاً عليها الإنضمام اليهم، فكان له ما أراد، قائلاً لها ولربما في لحظة غزلٍ عفوية وبريئة، لم تستحضره آنذاك كلمات أجمل وأرق منها ولكنها كانت رسالة صادقة، وصلت على نحو سريع: صوتك عذب يا مارينا. ما الفائدة قالت في سرّها بعد أن أتلي عليها قرار الإعدام، سيقبع (صوتي) بعد حين تحت التراب. بعد نحو سنتين وبضعة أشهر ستلتقي أندريه مرة ثانية، أمّا كيف تمَّ ذلك فسنأتي عليه لاحقاً وكما جاء في مدونتها.

تقول مارينا، كان في سجن ايفين شخصان يتقاسمان إجراءات التحقيق مع السجناء، احدهما اسمه حامد وهو شديد القسوة والتخلف، والآخر اسمه علي، تعكس محياه علامات من الرحمة والرأفة، غير انهما يخضعان لذات القوانين والرقابة. من خلال مجريات التحقيق عرض عليها الأخير فكرة الإقتران بها وبعقد شرعي، التبس عليها الأمر في البدء فظنته سيكون مؤقتاً ولن يختلف عن تلك الزيجات السريعة، التي شاعت وانتشرت على نحو مريب، سينتهي مفعوله بتنفيذ حكم الإعدام بها، غير انَّ علياً كان صادقاً فيما سعى من أجل تحقيقه، إذ أراده زواجاً دائمأ، يبذر نبتةً طيبةً، يخضع لكل الشروط والإعتبارات، القانونية والشرعية.

تحرك علي في كل الإتجاهات فكانت بدايته السعي من أجل الغاء القرار الصادر بحق مارينا. ترددت، جال في خاطرها أن هناك اخريات مثلها، سينفذ بحقهن قرار الإعدام، وهي ليست بأفضل حال منهن، لكن الحياة حلوة أيضاً، ثم ما ذنب أمي وأبي. مارينا لم تتلق حتى اللحظة من التطمينات ما يكفي، الاّ انها بدأت تقرأ في عيون علي صدق ما ينتويه. ومع تواصل اللقاءات التي كانت تجري في إحدى غرف السجن، إلتقطَ علي بعض من الإشارات المشجعة والتي ستساعده على المضي في إتمام ما بدأه. فاتحَ أبيه الذي تربطه بالخميني علاقة خاصة وقديمة، طالباً منه التدخل وعلى وجه السرعة، فكان له ما أراد حيث الغي قرار الإعدام. بقي أمر واحد، مهمٌ ومصيري بالنسبة لها وهو إختلاف الديانتين، فالأمر لا يستوي الاّ بإعلان مارينا اسلامها. هنا وُضعت بين فكي رحى، امّا أن تُعلن اسلامها وامّا أن يتم اعدامها، أعادت في سرّها: الحياة حلوة يا مارينا ولا زلتِ غضة العود، ندية، تذكري انك أسيرة يا مارينا، لا حول لك ولا قوة.

لم يكن شرطاً ولكنها رغبة ظلت حبيسة صدرها وشكلت كذلك اختباراً لمدى اصرار علي على الإقتران بها، فما بين التردد والشجاعة قالت له: هل ستشعر بالضيق لو طلبت منك امراً واحداً فقطاً، ربما تجده ثقيلاً عليك. أصغى لها علي بكل جوارحه، منتظراً منها أن تقول ما تشاء وبشوق فاق رغبتها، مما شجعها ودفعها لأن تُكمل، هل لي أن ألتقي بصديقي القديم أندريه؟. لم تتوقع أن يكون سريعاً في استجابته وعلى هذا النحو: ليس في الأمر ما يُعيق أو يمنع، وها أنا على أتم الإستعداد. بعد مرور سنتين وبضعة شهور قضتها في السجن التقى العاشقان وفي ذات المكان الذي جمعهما أول مرة، انها كنيسة الحي. تأكدت مارينا ان علياً يحبها حقاً، الاّ ان قلبها لا زال معلقاً بحبيبها الأول.

هيأ علي وعلى نحو سريع بيتاً للزوجية، إصطحبها معه، رأته جميلاً حقاً، غير انها كتمت على ما لم تستطع البوح به، إذ قالت في سرّها: لكنه سيخلو من السعادة والبهجة. بحضور عائلتي العروسين وأحد القضاة الشرعيين، بعمتهِ وجبتهِ اللتان تفوح منهما رائحة النفاق المعتق، أعاد عليها ضرورة ترديد الشهادتين على رؤوس الأشهاد كي يتثبت من اسلامها فكان له ما أراد. ربما أبعد ذلك الشيخ وعن عمدٍ، أو لم يقرأ وصية الله الى عبده ورسوله محمد ابن عبدالله، بإحترام الرسالات السماوية التي سبقته في النزول، وإنَّ الجنة تحت أقدامهم، كما هي تحت أقدام امهاتنا. لم تنبس مارينا ببنت شفة، متجاوزة على ما دار في خلدها، فللأسر شروطه وقيوده، ليس أقلها ولا آخرها التكتم على قول الحقيقة. الأهم ما في ذلك الحفل إن سُمّيَ حفلاً هو ما سمعته من كلام جميل ومؤثر، جاء على لسان أبي العريس، ومَنْ يقرأ نصه وحسب ما ورد في الكتاب، ستنتابه حتماً حالة من القشعرية، لما حمله من صدق وأبوة، وربما خفف عن مارينا وطئة ما تلاقيه الآن، وما لاقته كذلك خلال قضائها فترة السجن.

لم تدم العلاقة الزوجية بين الطرفين والتي أرادها علي أن تكون أبدية، فترة طويلة. فعلى ما يبدو وحسب الأخبار الخاصة التي تسربت من مراكز القرار، وبسبب الصراع المحتدم والمستحكم بين أجنحة الحكم في ايران، فقد تمَّ تصفية علي وبدم بارد وعلى يد فرقة خاصة، تابعة لما يسمى بالحرس الثوري، ليضع هذا الحادث وغيره، حجر الأساس لصراع سيحتدم ويشتد مستقبلأً بين مختلف أجنحة السلطة الحاكمة، ليأخذ شكلاً أكثر قسوة وعنفاً. هذا ما أوردته مارينا نعمت في كتابها، ولم يشفع لزوجها علي، ما كان يجمع من علاقة خاصة ومن قبل نجاح الثورة، بين الخميني الذي أصبح فيما بعد زعيماً للبلاد من جهة، وبين والد الضحية من جهة أخرى، ولم يشفع له كذلك النسب الموسوي الذي يشتركان فيه. بإغتيال علي لم يفقد الأب ولده فحسب بل فقد أيضاً ذلك الجنين الذي تحمله مارينا والذي كان من المؤمل أن يحمل إرث أبيه وجده واسمهما، فقد تمت تصفية زوجها أمام ناظريها.

وجهة مارينا بعد فقدان زوجها وجنينها هو العمل من أجل مغادرة البلاد، وهذا ما تم فعلاً فهي تعيش الآن في غربتها، في تلك البلاد البعيدة المسماة كندا، بكنف زوجها أندريه وأبنيهما، لتبلغ من العمر قرابة الخمسين عاما.

شجاعة مارينا نعمت ومن خلال صفحات كتابها الموسوم (سجينة طهران) لم تقتصر على الإلتحاق بما يطلق على هذا النوع من الكتابة بالأدب المقاوم فحسب، بل لتنظم أيضاً الى تلك الكوكبة التي سبقتها في الدفاع عن حقوق الانسان في بلادها بشكل عام وعن حقوق النساء والطفولة بشكل خاص، أمثال الكاتبتين الإيرانيتين كاميليا انتخابي وآذر نفيسي، حيث قامت بتدوين وفضح ما لاقته على يد سجانيها من انتهاكات فضيعة، متحدية تلك التقاليد والأعراف التي ما انفكت أنظمة الحكم القمعية تراهن عليها وأرادت لها أن تسكت عما تتعرض له داخل السجون والمعتقلات، وتحت مختلف الحجج والذرائع، والذي قلما بل من الصعب أن تجد له مكاناً للنشر في الثقافة العربية لإعتبارات عديدة وأظنها معروفة لدى القارئ.

غير ان ما استجد في الفترة الأخيرة وكسراً لهذه القاعدة التي أدَّت الى التستر والسكوت عما تلاقيه المرأة العراقية، هو ما تقوم به تلك الفتاة الأزيدية ناديا مراد من جولة بين عواصم ومدن العالم المهمة، ونجاحها في لفت انتباه الرأي العام العالمي الى محنة شعبها، وذلك في مسعى حثيث وبجرأة عالية سيسجَّل لها بكل فخر، في سبيل الكشف عن تلك الفضائح التي ارتكبت بحقها وبحق أخواتها وعلى يد فئة ضالة، لا تنتمي الى صنف البشر، وسيكتب لها التأريخ وبأحرف من ذهب، ما حققته من سبق في تدوين ما كانت قد تعرضت له، فاتحة بذلك باب الإحتجاج وبصوت عالي، ليسمعه الجميع ولتدون تلك البسالة النادرة.

حاتم جعفر ـ مالمو

مقالات الرأي تعبر عن رأي أصحابها وليس بالضرورة عن الكومبس.

Alkompis Communication AB 559169-6140 © 2024.
cookies icon