أيلول يزداد سواداً

: 9/18/13, 6:55 PM
Updated: 9/18/13, 6:55 PM
أيلول يزداد سواداً

المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس عن رأي الكومبس

الكومبس – مقالات الرأي: لا يخلو يوم من ايام شهر ايلول الا وفية مصيبة تحل على الشعب الفلسطيني. فمن مجازر ايلول في الاردن عام 1970 الى مجازر صبرا وشاتيلا 1982 في لبنان والى مجازر البلديات في العراق والى حصار غزة والى اعتداءت متتالية على الفلسطينين في الضفة والى اقتحام قطعان المستوطنين وتدنيسهم للاقصى وقبة الصخرة والى ماحدث في مصر مؤخرا فكان اخر مايتوقعه المرء من سوء.

الكومبس – مقالات الرأي: لا يخلو يوم من ايام شهر ايلول الا وفية مصيبة تحل على الشعب الفلسطيني. فمن مجازر ايلول في الاردن عام 1970 الى مجازر صبرا وشاتيلا 1982 في لبنان والى مجازر البلديات في العراق والى حصار غزة والى اعتداءت متتالية على الفلسطينين في الضفة والى اقتحام قطعان المستوطنين وتدنيسهم للاقصى وقبة الصخرة والى ماحدث في مصر مؤخرا فكان اخر مايتوقعه المرء من سوء.

مجموعة من الهاربين من الموت بين نار الاخوة الاعداء في سوريا الى مصر الكنانة لعلهم يجدون ملجأً مؤقتا في رحلة الهروب الكبير. مجموعة معظمهم من الفلسطينين ضمهم الخوف من الموت والذل في بلد احبوه حتى العشق كحبهم لبلدهم الام. مجموعة من لاجئ مخيم اليرموك في سوريا ركبت موج البحر وعيونهم على اوروبا والسويد تحديدا لعلهم يجدون فيها ملجأ امنا ومحطة في امل انتظار العودة الى الوطن المغتصب.

مجموعة ضمت الشيوخ والاطفال والرجال والنساء, معظمهم لم ير البحر الى صدفة او في الافلام, معظمهم سمع من الشيخ امام عن الاسكندرية ذات البحر العجايب فتاق شوقا الى شواطئها.

مجموعة تجمعت بهمس وسارت تحت جنح الظلام باتجاه البحر خوفا من ايقاظ اولاد الحرام. أمهات حوامل ترتعد أطرافهم من الخوف وتجرجر اطفالها بصمت وهم يُغالبون النوم. رجال يحملون ما خفّ حمله ويسندون على اكتافهم رجالا ونساء مسنين لايقدرون على المشي السريع.

مجموعة من الناس مسكنوة بالخوف والهموم والالام وأمل لم يجد له بصيصا ولكنهم وصلوا أخيرا الى شاطئ البحر وراؤا زورقا صغيرا فظنوة سفينة نوح.

مجموعة هربت من اصحاب السياسة وويلات حربهم وركبت سفينة نوح في جنح الظلام فخفق القلب وتبسم الفم وتعانق الركاب فرحاً في حفيف صامت. وفجأة اخترق هذا الصمت وهذا الفرح الخجول صوت الرصاص الاتي من جهات عدة.

من يطلق الرصاص الحي على سفينة نوح هذه؟

عمر دلول شاب في الثلاثين من عمره ضم طفله الصغير اليه خوفا عليه وضم زوجته الحامل بكل رقة وقوة ليعطيها جرعة من الامان. حاول ان يجد مصداً لهذا الرصاص المفاجئ ولكنه لم يجد الا زوايا من خشب مهترئ. انكفئ عمر على طفله وزوجته ليصد هذا الموت المفاجئ وشكل حاجزاً من لحمه ليحميهم فأصابت احدى الرصاصات منه مقتلا.

الحاجة فدوى طه امراة قاربت الخمسين من عمرها لم تعد تجد مكانا امنا تقضي فيه بقية حياتها مع عائلتها في سوريا. امراة قدّمت كل مايمكن ان تقدمه المراة الصالحة في مجتمعنا الشرقي. اعتنت بأولادها وزوجها وبيتها واكملت فرائضها وحجت الى بيت الله. انضمت الحاجة فدوى مع احفادها الى مجموعة المسافرين املا في حياة امنة لهم في بلاد الشمال البعيدة. ماذا تفعل حاجة وحيدة عندما يلعلع صوت الرصاص مخترقا سكون الليل؟ تشبث الاحفاد في اهداب ثوب الجدة خوفا وهلعا ولم تجد الجدة الحاجة الا ان تركع على سطح الزورق و ترفع وجها ويديها الى السماء باكية ناجية ربها طالبة منه ان يفدي احفادها بها. كانت الجدة الحاجة تأمل بكبش يفدي احفادها واذ بالرصاص الحي ينال من جسدها الطاهر مقتلا.

شاب في الخامسة عشر من عمره لم ير من الدنيا شئ وشاب في الثلاثين من عمره اصابهم الرصاص ولكن الله كتب لهم عمرا جديدا ليصبحوا شهوداً على هذه المجزرة.

هذا ما حدث في يوم الاثنين 16 من ايلول 2013 على شاطئ في اسكندرية مصر المحروسة.

كيف يمكن لجندي عربي نحترمه ونعتز به ان يطلق رصاصه الحي باتجاه مجموعة من المدنين العزل والهاربين من هول الحرب وذل اللجوء في بلاد العرب الى بلاد الغرب البعيدة؟

أهذا هو جيش كنانه مصر الذي هتفنا له حبا عندما كنا صغارا وشبابا؟

دمنا في رقابكم جمعيا ايها العرب الكرام!

اميل صرصور

رئيس اتحاد جمعيات المهاجرين

اوبسالا السويد

2013-09-18

Alkompis Communication AB 559169-6140 © 2024.