المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس عن رأي الكومبس
الكومبس – مقالات الرأي: خرج الافٌ من الناشطين السويديين الاحد 22 كانون الأول ( ديسمبر )، للتظاهر والإحتجاج ضد النازية وزيادة نشاط المنظمات التي لها إرتباط أو ميول عنصرية في السُويد.
إن هذه التظاهرات التي جاءت كرد فعلٍ على نشاط المنظمات العنصرية المتطرفة، تدلُ على حيوية المجتمع السويدي، وتعكس هاجس الأكثرية في المجتمع، ووعي السياسيين، ، بأهمية التحرك والمبادرة والعمل اليومي من اجل الحفاظ على القيم الديمقراطية وتطويرها، والوقوف بوجه تصاعد العنصرية.
وتعكس المشاركة الرفيعة للسياسيين فيها، حجم الإهتمام الذي تحظى به هذه القضية في السويد. فقط شارك فيها كل من رئيس الحزب الاشتراكي الديمقراطي ستيفان لوفين، والناطقة بلسان حزب البيئة اوسا رومسون، ورئيس البرلمان السويدي، والسكرتير الصحفي لرئيس الوزراء رئيس حزب المحافظين كينت پيرشون، ورئيس حزب اليسار السابق لارش اولي، بالاضافة الى مجموعة من الفنانين المعروفين، وعدد من الفعاليات والمنظمات الناشطة.
السؤال الآن هو: كم كان حجم المشاركة من قبل الجاليات، خاصة العربية، ( وتحديداً العراقية التي هي الأكبر) ونخبها ونواديها ومنظماتها وقواها السياسية، التي غالبا ما تتذمر وتعبر عن سخطها السلبي في محيطها الضيق؟
الجاليات تشعر بصعود العنصرية النسبي والمرتبط بطبيعة الصراع الدائر في المجتمع وتراكم المشاكل والتعقيدات في سياسة الهجرة ومعالجة مشاكل المهجرين، اضافة لوضع اوربا ودول الاتحاد الاوربي عموما والازمات الاقتصادية الاجتماعية والصراعات الفكرية لتطوير سياسات اليسار والاشتراكية الديمقراطية، ولكنها، اقصد الجاليات، لا تعي للأسف بأنها تشكل قوة اجتماعية حقيقية في الواقع، وعليها ان تتكيف وتندمج لتصبح قوة مضافة للقوى التي تتمسك بالديمقراطية والعدالة الاجتماعية وتنخرط في نشاطاتها وفعالياتها كي تضمن للمجتمع كله، ولها نفسها مستقبلا افضل، وبالتالي المساهمة الايجابية لحل مشاكل الاندماج والتصدي للتمييز والعنصرية.
الحفاظ على الديمقراطية وتطويرها وتحقيق مكاسب اقتصادية اجتماعية ثقافية جديدة للاكثرية يتطلب عملاً يوميا مثابرا ونشاطاً متعدد الجوانب من دون انقطاع.
إنه صراع لن يتوقف لحظة واحدة ولا يمكن للشعوب ان تبني مستقبلاً جيداً وتحافظ على ما حققته بنضالاتها عبر عشرات الاعوام، الا بالوعي والعمل وطرح البدائل العملية المقبولة والمبادرة الخلاقة.
ولا بديل للقادمين الجُدد الى السويد، عن رفض الانغلاق والانعزال والتقوقع والاحتماء بالانتماءات الدينية والطائفية والقومية، والخروج بدلا عن ذلك للانخراط في حركة المجتمع وثقافته وقيمه، ومواجهة التمييز واشكالات اللجوء والحصول على العمل والسكن وغيرها من الضمانات بعمل أيجابي وبالانفتاح وأحترام قواعد وقيم الديمقراطية والدفاع عنها و مساندة القوى التي تمثلها وتسعى لتطويرها.
تجدرُ الاشارة هنا ان النظام السويدي يوفر الحريات والمستلزمات الاساسية لتطوير الفرد وكل الجماعات، ثقافيا ويضمن لها حق اداء طقوسها الدينية والقومية بما يتناسب مع قوانين وأنظمة البلد وسلامة الامن والاستقرار في المجتمع.
سامي المالح
رئيس الجمعية السويدية العراقية
كاتب صحفي وناشط سياسي مستقل