رمضان في السويد

إطلالة على شهر رمضان المبارك في السويد

: 3/19/24, 5:43 PM
Updated: 3/20/24, 2:34 PM
إطلالة على شهر رمضان المبارك في السويد

المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس عن رأي الكومبس

الكومبس – رأي: السويد مملكة دستورية و هي أكبر دول إسكندنافيا و بها أقلية مسلمة تشكل “حسب بعض الإحصاءات” حوالي 12% من مجموع السكان البالغ عددهم 10.5 مليون نسمة .

و رغم أن السويد دولة علمانية و ليس لها دين رسمي ، الا أن المسلمين بغالبيتهم يحتفظون بثقافتهم الدينية و يمارسون شعائرهم الدينية بحرية يكفلها القانون رغم وجود مجموعات عنصرية تعمل على نشر ثقافة الكراهية و نلمسها من خلال ما ينشر على شبكات التواصل الاجتماعي و الاعتداءات على المساجد و مضايقة المحجبات و هذه التصرفات تسيء للسويد وخاصة عند حرق نسخ من المصحف الشريف في الأماكن العامة و أمام المساجد .

و عند اقتراب شهر رمضان نجد أن غالبية المسلمين حتى العلمانيين منهم يقبلون على صيام رمضان . تختلف حياة مسلمي السويد خلال شهر رمضان بشكل كامل لدرجة أن بقية المجتمع السويدي يشعر بأن هناك شيئاً يحدث في هذا الشهر فأصبحوا يحترمون هذا الشهر الفضيل ويستأذنون دوماً قبل أن يأكلوا طعامهم في استراحة الغذاء ولكنهم يستغربونه أيضاً ويطلبون التوضيح والاستفسار عن سبب الصيام وقد تجد البعض منهم يتساءلون في حالة رؤية البعض من الزملاء المسلمين الذين لا يطبق شعائر الصيام وخاصة الذين يعلمون بأنه فريضة ملزمة وواجبة، ومنهم من يعرض الإفطار معهم ومع ذويهم فالشعب السويدي بشكل عام يحترم الخصوصيات ويحترم العادات والتقاليد. وقد أرجع البعض ذلك إلى أن السويد تحترم حرية الأديان وحرية الاعتقاد وحرية الإنسان بشكل عام، كما أن الدين الإسلامي أصبح الدين الثاني في السويد ومع زيادة المهاجرين في الآونة الأخيرة إلى السويد أصبحت المساجد والجمعيات الإسلامية متواجدة في معظم مدن السويد من اقصى الشمال الى اقصى الجنوب سواء بالعاصمة السويدية ستوكهولم أو بجنوب السويد في مالمو أو وسط السويد مثل يوتبوري أو حتى بأقصى شمال السويد مثل كيرونا.

الاستعداد لاستقبال شهر رمضان

يستعد مسلمو السويد لاستقبال الشهر الكريم قبل قدومه بعدة أيام حيث تشهد الأسواق والمحلات العربية والافريقية و الاسيوية والتركية والصومالية إقبالا شديداً في هذا الشهر على المنتجات الاستهلاكية، وتقوم معظم المتاجر بتقديم العديد من العروض والدعايات على المنتجات وتتفنن في عروضها وفي تزيين المحلات والواجهات بمناسبة هذا الشهر وحتى المحلات السويدية الكبرى تشارك في العروض والإعلانات وتقديم المنتجات التي تعود الصائمون عليها في بلدانهم مثل الحبوب والتمور والعصائر واللحوم الحلال وتشير إلى أن هذه اللحوم مذبوحة على الطريقة الإسلامية. ويستمر الازدحام طوال هذا الشهر حيث تكتظ المتاجر الشرقية بالمتسوقين من العائلات المسلمة خلال عطلة نهاية الاسبوع ، وتزدحم المحلات الشرقية بشكل كبير ، إذ يسارع البعض لإكمال شراء حاجتهم قبل إقفالها وخاصة شراء الحلويات المختلفة ومنها الشباكية و الزلابية والحلقوم والبقلاوة.

طول و قصر ساعات الصيام

مع وُجود أغلب سُكان الأرض المُسلمين في الدول الواقعة ضمن خطوط عرض متوسطة، في العالم العربي والإسلامي، أو مناطق وسط وغرب آسيا وشمال إفريقيا، فإن عدد ساعات الصيام يحكمه الاعتدال تماماً، فعلى سبيل المثال يقارب عدد ساعات الصيام ال 13 الى 16 ساعة ساعة في الشتاء و الصيف.

ولكن الحال في بعض الدول التي وصلها الإسلام في العروض العليا مختلف تماماً، حيثُ يزيد عدد ساعات الصيام في الدول الاسكندنافية في الصيف عن 20 ساعة، بحيث لا يفصل ما بين أذان المغرب والفجر سوى 4 ساعات أو أقل من ذلك في بعض المناطق القريبة من القطب الشمالي ، وذلك نتيجة لميلان الأرض أثناء دورانها حول الشمس. ويطل شهر رمضان على المناطق الواقعة في أقصى شمال السويد في وقت لا تختفي فيه الشمس في الصيف، أو أنها تختفي من السماء لدقائق معدودة لتعاود الظهور بسرعة مرة أخرى، في ظاهرة فلكية تسمى بـ(شمس منتصف الليل).

و في الشتاء أقل ساعات النهار تصل إلى حوالي 4 ساعات في الشمال و 8 ساعات في العاصمة ، و هذا العام يصوم المسلمون حوالي 15 ساعة . ولا تعتمد السويد ساعات عمل خاصة خلال الشهر الفضيل، لأن المسلمين أقلية، مما يجعل ساعات الصيام مرهقة للغاية خاصة للأشخاص الذين يعملون حتى الساعة الخامسة مساء و غالبيتهم يدخل عليهم الافطار وهم في طريقهم للبيت و منهم من يلجئ إلى اقرب مسجد ليتناول وجبة الافطار التي تقدم مجانا في المساجد لعابري السبيل . والشيء اللافت للانتباه أن أغلب المُسلمين في الدول الاسكندنافية يقومون بالصيام من الفجر وحتى غروب الشمس ، وما أن يقوموا بالإفطار حتى يبدأ استعدادهم لصلاة العشاء والتراويح و السحور في الصيف و لكن في الشتاء هناك وقت كاف للصلاة والقيام .

وتُحاول بعض دور الافتاء تسهيل الصيام على المُسلمين في الصيف من خلال فتاوى بعضها اعتمد على تحديد ساعات محددة للصيام دون انتظار الغروب و منها من اعتمد توقيت مكة المكرمة ، والسماح بالإفطار عند المشقّة أو ربط موعد الصيام بموعد دخول الفجر وغياب الشمس في الدول الأصلية للمُسلمين مثل البوسنة والهرسك والعراق، لذلك فإن بعض المسلمين في السويد يقومون بالصيام وفقاً لتوقيت البلد التي قدم منها، ومنهم من يختار الصيام بحسب توقيت مدينة مالمو التي تقع في أقصى جنوب البلاد، مما يجعل عدد ساعات الصيام أقل نسبياً. وبالرغم من طول فترة الصيام في الصيف إلا أن فكرة الصيام أصبحت تلقى رواجاً بين الأطفال والمراهقين والشباب من الجيل الثاني من المسلمين في السويد؛ ففي بعض المناطق والأحياء صار الأمر أشبه بـ( الفتوة ) أن يسأل الأطفال والمراهقون بعضهم بعض هل أنت صائم؟ وفي حال كان الطفل أو المراهق صائماً فإن ذلك يجعله يبدو بطلا في نظر أقرانه.

دروس دينية

معظم المساجد في السويد تستضيف مشايخ من خارج السويد وخاصة من مصر و المغرب و تركيا و يقوم المشايخ بتقديم دروس وندوات خلال النهار أو حلقات لتحفيظ وتعليم القرآن أو دروس دينية، كما أن المساجد تقوم بجمع التبرعات والصدقات خلال هذا الشهر وتوزيعها على البلدان التي بحاجة إلى مساعدات.

طعام الإفطار

عندما يعود مسلمو السويد إلى بيوتهم بعد يوم عملٍ طويل يقرؤون القرآن، والأدعية الدينية ، ثم يتناولون طعام الإفطار الذي يكون عبارة عن وجبات سريعة كغيره من الأيام العادية.

أطعمة شرقية

وفي يومي السبت والأحد يتزاور الاقارب والاصدقاء و تقدم موائد شهية ، حتى يحافظوا على عاداتهم وتقاليدهم العربية. ويتبادلون دعوات الإفطار، فهناك الكثير من الوقت لإعداد أشهى الموائد والأكلات الشرقية مثل البرياني والدولمة والكبة والمنسف و الكبسة وغيرها من الأكلات الشعبية.

صلاة التراويح

معظم المساجد في السويد تفتح أبوابها بعد الإفطار لأداء صلاة المغرب و العشاء و التراويح؛ حيث يؤدي المسلمون صلاة التراويح في المساجد طوال شهر رمضان و تمتلىء المساجد بالمصلين و تشارك النساء في الصلاة بالمساجد .

البعض يؤدونها في المنزل، لأن دوام الوظائف يبقى كما هو، فيستغل المسلمون ليلة الإجازة في أداء صلاة التراويح في المساجد.

موائد الرحمن

الشيء اللافت للانتباه هو انتشار موائد الرحمن في غالبية المساجد. و تقوم الجمعيات الخيرية بإفطار جماعي للمهاجرين غير الشرعيين و للمسلمين الجدد و عمال الخدمات و الطلاب و للعاملين في المساجد. تجتمع العائلات المسلمة في أيام الإجازة الأسبوعية، وتعد كل أسرة طبقاً، ويتناولون طعام الإفطار معاً، فيجتمع الأطفال ويستمتعون بوقتهم. وتهتم أغلب العائلات المسلمة في شهر رمضان المبارك في السويد بمشاهدة التلفاز بحلته البرامجية الجديدة والغزيرة التي تنهال من كل حدب وصوب خلال الشهر، إذ تتجه أنظار الصائمين نحو شاشات التلفاز محاولين التواصل مع مجتمعاتهم وعاداتهم الرمضانية عبر الأثير

Alkompis Communication AB 559169-6140 © 2024.