المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس عن رأي الكومبس
الكومبس – مقالات الرأي، أفق آخر: يبدو المشهد في أوروبا الآن وكأنه موسم اليمينيين والنازيين والمثليين والعنصرين والمتطرفين.
الكومبس – مقالات الرأي، أفق آخر: يبدو المشهد في أوروبا الآن وكأنه موسم اليمينيين والنازيين والمثليين والعنصرين والمتطرفين.
ففي عالم يعاد فيه انتاج اليمين والتطرف والإرهاب والعنصرية والنازية ، ينطرح علينا سؤال الوجود والكينونة بطرق مختلفة ، وتتقدم ازاءنا نحن اللاجئين والمقيمين اسئلة المراجعة المطلوبة لنعرف كيف نتعايش ونتفاعل مع ظواهر جديدة خطرة أثمرتها من قبلً ُالأيديولوجية النمطية بعد تفتت الاتحاد السوفيتي وسقوط انظمة الحزب الواحد والفرد الواحد في منطقتنا .. وتعيد انتاجها الأنظمة الديمقراطية بقوة في أوروبا الآن.
في روسيا اليوم اليمين المتطرف برئاسة جيرنوفسكي هو القوة الثانية.. وفي منطقتنا بعد انهيار الأنظمة الشمولية تبدو الحركات المتطرفة والأحزاب الدينية والطائفية هي القوة المهيمنة على الحدث السياسي.
وفي السويد يبدو ان وقع فوز حزب سفاريا ديموكراترنا بمقعد ثالث في انتخابات البرلمان الأوربي وظهور تيارات عنصرية اخرى، قد خلف هزة عميقة في الكيان الاجتماعي السويدي ومجتمع اللاجئين خصوصا إزاء الأفكار العنصرية المتطرفة التي تعبر عنها هذه الظاهرة.
والحق اننا إزاء انتصار وصعود اليمين في دول الاتحاد الأوربي الى مراكز متقدمة في مراكز صنع القرار ينبغي ان نتنبه الى حقيقة ان الغالبية الصامتة من الأوربيين ومن السويديين بشكل خاص ” تقيةً منهم او خشية قانونية “قد صوتوا لهذه الأحزاب ..
فقد آثروا الفعل الصامت لأنهم لو اعلنوا مواقفهم صراحة فأنهم يخشون ان يوصموا بالعنصرية والتمييز الأمر الذي يضعهم امام مساءلة القانون، ولكنهم بتصويتهم لأحزاب اليمين العنصري المتطرف انما يعبرون عن احساس داخلي بالمرارة من وجود هذا العدد الكبير من اللاجئين الذين يتسببون – على حد زعمهم- بتصاعد نسب البطالة والأزمة الأقتصادية وازمة السكن وتهديد الهوية الوطنية السويدية.
السؤال الذي يواجهنا هو ماذا نحن فاعلون، وأرى ان السؤال لا يشملنا نحن المهاجرين في السويد فقط بل في بلدان اوربية اخرى مثل فرنسا وبريطانيا وايطاليا والنمسا حيث تقيم جاليات كبيرة من المهاجرين.
ينبغي ان نسأل انفسنا أولاً هل نستطيع ان نشكل مجموعات اتصال مع حكوماتنا لتشكيل اتجاه داخل المنظومة الدبلوماسية العربية تستطيع ان تفعل فعلها مع حكومات اليمين الحالية والمستقبلية من خلال المصالح المشتركة والتحالفات الإقليمية والدولية.
وهل نستطيع أن نشكل مجموعات اتصال وحوار أو مجموعات ضغط وتأثير من خلال النوادي الاجتماعية والاتحادات المهنية والفنية والمجموعات الفكرية او السياسية التي يمكن ان نقيمها كمجموعات سكانية متشابهة لغة وثقافة ووعيافي دول المهجر.
أم سنكتفي بما هو موجود من نواد هزيلة وخطب وتجمعات عقائدية وثقافية لا توحدها فكرة مع نشرات بسيطة ومبادرات معدومة، تقف أمامنا ابرز امثلتها انه حتى مبادرة حوار الثقافات والديانات التي حصلت في السويد غالبا كانت تحدث بمبادرة من الكنيسة السويدية وليس غيرها.
وبالأمس انبرى احدهم ليعيد علي خطبا حماسية تنطوي على عبارات قسرية مرتجلة مثل “الغربيون الكفرة الخنازير” و”الدين هو الحل” او “غدا سوف يحكم الدين الغرب” وكأنه يخاطب إنسانا مغيباً مثله أو من أمثال غيره ممن أوقفوا المنطق والعقل والرؤية.
والحق أنني أرى أن مثل هذا الرأي ونماذج من يحمله ويعبر عنه هم من أسهم في التاسيس الخاطئ لعلاقتنا بالمجتمعات الغربية التي نعيش فيها وطور مشاعر الخيبة والغضب واسهم شأنه شأن المتعصبين هنا في اشعال نار العصبية والعنصرية.
لقد تحولت أمة “التعارف” في المهاجر الى أمة الصراع والجدل وليس أمة الحوار والتواصل والوسطية.
وبالرغم من انني اعرف ان هناك من سينبري للرد هنا او هناك بالطرق المغلقة والمتشددة التي ألِفناها والتي تعبر عن ضيق افق من يتحاور او يرد، ولكننا سنظل نراهن على تلك العقول التنويرية بين مئات الألوف من اللاجئين ممن يرون إلى ازمة وجودنا كلاجئين ومقيمين امام تصاعد تيارات العنف والنازية والعنصرية التي تدعوا الى طرد الأجانب باعتبارها ازمة بقاء ومستقبل تواصل وحوار وتفاعل..
أي إنها أزمة بقاء حضارة “التعارف” لا حضارة الصراع والعداوة والماورائية .. والفرض ..
فاروق سلوم
farouq@alkompis.com