إغناسيو راموني يكشف خفايا التدخّل الفرنسي في مالي

: 2/24/13, 8:42 PM
Updated: 2/24/13, 8:42 PM
إغناسيو راموني يكشف خفايا التدخّل الفرنسي في مالي

المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس عن رأي الكومبس

الكومبس – مقالات الرأي: تناول الكاتب الصّحفي الإسباني إغناسيو راموني في أحدث مقالاته سرّ التدخّل الفرنسي في إفريقيا وخصوصاً في مالي. وأورد في مقالته ثلاثة عوامل رئيسيّة أدّت إلى هذا الوضع.

بقلم: إغناسيو راموني

ترجمة: سمير طاهر

الكومبس – مقالات الرأي: تناول الكاتب الصّحفي الإسباني إغناسيو راموني في أحدث مقالاته سرّ التدخّل الفرنسي في إفريقيا وخصوصاً في مالي. وأورد في مقالته ثلاثة عوامل رئيسيّة أدّت إلى هذا الوضع.

العامل الأوّل: الثأر الوطني لقبائل الطوارق، السكّان الأصليون للصّحراء الكبرى، الذين ظلّوا مسيطرين على طريق التّجارة بين دول الإقليم لعهود طويلة قبل أن يقطّع المستعمرون أوصال منطقتهم في نهاية القرن التّاسع عشر. وحين حانت فرصة أن يستقلّوا في الستّينيات رفضت الدّول الجديدة في إقليم الصّحراء الاعتراف بحقّهم في الاستقلال، الأمر الذي أدّى بهم إلى تأسيس حركة استقلال مسلّحة شمال مالي البلد، التي يسميها الطوارق "أزاواد" والنّيجر حيث يوجد أهمّ أجزاء مجتمع الطوارق.

قام الطوارق بثوارت عديدة، وجميعها سحقت بقسوة من قبل جيشي مالي ونيجيريا، ففرّ الآلاف إلى ليبيا ليشكل القذّافي منهم "فيلق الطوارق".

العامل الثاني: حسب تحليله يعود إلى الحرب الأهليّة في الجزائر أوائل التّسعينيات، والتي انتهت بهزيمة المتشدّدين الإسلاميين ولجوئهم إلى الصّحراء ومنها قرّروا مواصلة العمل ضدّ الحكومة وأقسموا على الولاء لأسامة بن لادن والقاعدة سنة 2007 واتّخذوا منذ ذاك الوقت اسم تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي، وقاموا بعمليّات اختطاف كثيرة مقابل فديات ماليّة ضخمة. والهجوم الأخير على منشأة الغاز في الجزائر كان على يد فصيل تابع لهذا التّنظيم.

العامل الثّالث: هو تدخّل حلف النّاتو في ليبيا سنة 2011 لإسقاط القذّافي. فلم تتوان فرنسا وحليفتها قطر عن تسليح معارضي القذّافي من المجاميع الإسلاميّة التي انتصرت بالفعل فيما بعد. وأدّى هذا إلى:

1- انهيار الدّولة الليبيّة وتفكّكها، وسقوط ضحايا عديدة في الصّراعات، التي نشبت بين الميليشيات والقبائل.

2- توزُّع ترسانة السّلاح، -التي كان النّظام يمتلكها- بين المجموعات الجهاديّة في منطقة السّاحل الإفريقي.

3- عودة قسم من فيلق الطوارق إلى مالي بأسلحتهم الثّقيلة.

ويضيف راموني إلى هذه العوامل الوضع الاقتصادي للبلاد، فمثل جميع بلدان السّاحل تنتمي مالي إلى البلدان الأفقر في العالم.

وفي السّنوات الأخيرة تأثّرت البلاد بشدّة جرّاء تخفيض البلدان الغنيّة لمعوناتها الخارجيّة بسبب الأزمة الماليّة. والمنتوج الرّئيسي للبلاد، القطن، خسر أسواقه نتيجة لسياسة الإغراق، التي يتبعها المصَدِّر الأكبر في العالم الغني، الولايات المتحدة، وكذلك بسبب الجفاف الذي ضرب بلدان السّاحل الإفريقي بشدّة بتأثير الانحباس الحراري.

ومن ناحية أخرى أدّت السّياسة النّيوليبرالية والخصخصة، التي فرضها صندوق النّقد الدّولي على البلاد، إلى هبوط التّعليم والرّعاية الصحيّة، وصار الفقر والمعاناة أسوأ من ذي قبل.

كلّ ذلك اضطرّ قسماً من الشباب إلى الهجرة، بينما استجاب قسم آخر منهم إلى دعوة التّنظيمات السّلفيّة، التي توفّر لهم السّلاح والقوّة والمال معاً.

ويلاحظ راموني في مقالته أنّ أغراض فرنسا من عمليّة مالي ما تزال تبدو مشوّشة:

فحجّة باريس الأولى: هي أنّ العمليّة ردّ على طلب حكومة مالي المساعدة، لكن بما أنّ حكومة مالي جاءت نتيجة انقلاب على الحكم فإنّ شرعيّتها هي موضع جدل.

الحجّة الثّانية: هي أنّ سلفيي منظمة أنصار الدّين يطبقون الشّريعة في تمبوكتو ويخربون النّصب التاريخيّة و"يقطعون الأيدي"، وأنّ هذا "غير مقبول".

ويعلق على هذه الحجّة قائلاً:

"لكن حين يتصرّف السّلفيون بهذا الشّكل فهم – ببساطة – يتّبعون العقيدة الوهّابيّة، التي يقوم أكبر حلفاء الغرب، السعوديّة وقطر، بإدخالها إلى كلّ العالم الإسلامي وعلى الأخص إلى دول السّاحل الإفريقي، وقد رصدتا إلى ذلك ميزانيّة تقدّر بملايين الدولارات. وفرنسا لديها علاقات قويّة مع السعوديّة وقطر. بل حتّى إنّ هاتين الدّولتين حليفتان لفرنسا في دعم المتمرّدين السّلفيين والإسلاميين في سوريا".

في النّهاية يكشف أنّ هنالك سببين آخرين للعمليّة الفرنسيّة في مالي كانا في حسابات الحكومة ولم تلمح إليهما ولو بكلمة:

السبب الأوّل: هو السّبب الاقتصادي والاستراتيجي: فإذا ما تمكّن السّلفيون من فرض سيطرة طويلة المدى على "أزاواد" فإنّهم عاجلاً أو آجلاً سيشنّون هجومهم على شمال النّيجر حيث يوجد أهمّ مخزون لليوارنيوم تملكه شركة أريفا الفرنسيّة ويعتمد عليه كلّ نظام الطاقة النوويّة في فرنسا. هذا أمر لن تسمح به فرنسا.

السّبب الثّاني: جيوسياسي: فحين كانت المانيا القوّة المهيمنة في أوروبا، فقد حكمت بيد من حديد، أرادت فرنسا، من خلال إبراز قوّتها في مالي، التّذكير بأنّ فرنسا ما تزال أقوى قوّة عسكريّة في أوروبا ويحسب لها ألف حساب".

" الأوان "

Alkompis Communication AB 559169-6140 © 2024.