المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس عن رأي الكومبس
الكونغرس العالمي للإعلام فرصة نادرة لنتقدم خطوة إلى الأمام
يقال إنه لا يوجد في عالمنا إعلام محايد، لكن يوجد إعلام موضوعي ولو بالحد الأدنى، فهل يوجد هذا أو ذاك في منطقتنا .. في إعلامنا العربي؟
رغم التطور والنمو الهائل الذي شهدته المنطقة أو بالأحرى دول قليلة في هذا المنطقة في مجال الإعلام، فقد بقي إعلامنا أسير كثير من القيود، وهي قيود ليست موضوع مقالي هذا، أو على الأقل ليس كلها، ذلك أن ما أردت الحديث عنه هو شق آخر لايقل أهمية وهو بالطبع مرتبط عضوياً وروحياً بما سبق، ويصب في المجرى ذاته.
السؤال الدائم والحائر عن سر أو أسرار تأخر المنطقة في كثير من المجالات، دائماً مطروح، وحديثنا هنا ليس عنها كلها فلا مجال يتسع، لكنه عن جزء مهم هو الجانب الإعلامي غير أن شيئاً من التعميم يمكن أن ينسحب إلى مجالات أخرى كثيرة فيما سنتحدث عنه.
لقد بقيت المنطقة والعرب على وجه الخصوص دائماً أسرى التقليد والاستهلاك للفكر والإنتاج الإنساني التطبيقي والإنساني كما هو للمنتجات الاستهلاكية والتكنولوجيا وما إلى ذلك. وما لم يأخذ هذا الجزء من العالم بزمام المبادرة ويزاحم على أبواب التقدم والإنتاج الفكري أو على الأقل إبداع الأفكار فإن الحال سيظل كما هو عليه لأمد غير قريب.
البقاء لعقود طويلة في القوالب المستوردة نفسها بات أمراً غير مقبول في هذا العصر
إننا في مجال الإعلام استوردنا كل شيء قبل عقود من الغرب والدول المتقدمة، وبالطبع كان ذلك ضرورياً ومبرراً ولا ضير أبداً فيه في وقت من الأوقات، لكن البقاء لعقود طويلة في القوالب المستوردة نفسها بات أمراً غير مقبول في هذا العصر خصوصاً أن دولاً في المنطقة استطاعت أن تبدع في مجالات عدة بينها الجانب الاقتصادي وهناك تجارب يشار لها بالبنان وتدعو إلى الفخر، كما هو الحال في عدد من دول الخليج العربي ويمكن الإشارة هنا إلى النموذج الأكثر وضوحاً ونعني تجربة دولة الإمارات العربية في مجالات عدة.
إن النجاح في مجال ما يجب أن يجر نجاحات أخرى، في مجالات أخرى، خصوصاً أن تكرار النجاحات يثبت أن أمة ما قادرة إذاً على أن تبدع وتتقدم وتنافس، بعدما فقدت الثقة في نفسها لعقود طويلة. وإنني إذ أقر أن ذلك لا يتأتى من دون الاستفادة من تجارب الآخرين بل والاستفادة القصوى، فإن ما أعيبه علينا هو البقاء في القوالب الجاهزة والجامدة من دون أن نسهم في تقدم هذا العالم وتكون لهذه الأمة التي كانت يوماً رائدة العلوم والفكر بصمة في مسار التقدم الإنساني يمكن أن تفخر به. كل ما نتعلمه أو ندرسه في مجال الإعلام بل وكل ما نفعله في مجال التطبيق منذ عقود طويلة هو من إنتاج غيرنا، كما هي الحال في مجالات أخرى كثيرة. لكن الحاجة باتت ملحة، وملحة جداً للتقدم خطوة ما، والقول نحن هنا، نحن نستطيع.
“كونغرس الإعلام” في المنطقة العربية فرصة نادرة لأن نصبح صانعين أو على الأقل مشاركين فاعلين في هذه الصناعة
ما دعاني إلى هذا لحديث هو ما سمعته من إعلان مؤخر عن عزم دولة عربية تنظيم مؤتمر عالمي للإعلام، وهو خبر شدني كثيراً للكتابة على سبيل الأمنية في مكنونات لطالما كانت حبيسة تفكيري منذ أن كنت في مسارات التعليم الجامعي.
تنظيم “كونغرس عالمي للإعلام” في المنطقة العربية سيكون فرصة نادرة للفعل، لأن نفعل شيئاً في هذا المجال، لأن نصبح صانعين أو على الأقل مشاركين فاعلين في هذه الصناعة، خصوصاً أنه حسب ما سمعنا فإن الكونغرس المزمع تنظيمه العام المقبل في أبوظبي سيجمع أصحاب الصنعة وروداها وطلابها من كل العالم وسيأتي بآخر الإبداعات والأبحاث والأفكار والتكنولوجيا الإعلامية، وهو أمر لم يحدث من قبل في منطقتنا، والأمر في رأيي فكرة رائعة ورائدة، لكن الفكرة لن تكون كافية إذا لم تنتج تحولاً حقيقياً إلى الأمام.
أملنا كبير في إحداث هذا التحول والانطلاقة في صناعة الإعلام من وفي منطقتنا. وما يدفع إلى التفاؤل هنا هو أن الدولة التي تبنت هذا الأمر حققت نجاحات مشهودة في مجالات أخرى ركزت عليها قبل ذلك، ونتمنى أن يتكرر الأمر في عالم إعلامنا في هذه المنطقة. فلنتطلع إلى ذلك ونعمل ما دامت الفرصة قد أتت لكل صانعي الإعلام ومشتغليه في هذه المنطقة.
صلاح الأغبر