المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس عن رأي الكومبس
الكومبس – رأي: كان اللقاء الصحفي الذي عقدته الكومبس مع محمود خلفي متميزا من نواحي متعددة فالصحفي كان ملما بالجوانب الفكرية والسياسية المتعلقة بالموضوع وعلي الرغم من ذلك تفادي إمام الجامع الكبير محمود خلفي الإجابة علي الأسئلة التي تتعلق بالموضوعات المطروحة على الساحة السياسية ومن أهمها ازدواجية الخطاب السياسي الاخواني وقام بحنكه سياسية لتحويل اللقاء الي منبر سياسي لتعميق حاله الاستقطاب السياسي التي يبرع فيها من خلال التحدث باسم المسلمين في السويد والمطالبة بتمثيل سياسي أفضل للمسلمين في السلطة ويخلط هنا بين تياره السياسي الاخواني الذي اطلق عليه مسمي “الملتزمون بالصلاة” وعموم المسلمين . فعموم المسلمين لم يختاروا خلفي او رفاقه” الملتزمون بالصلاة” للتحدث باسمهم في ايه انتخابات سياسية وأعضاء اتحاد المنظمات الإسلاميةFIFS التي يقودها تياره السياسي لايتعدي سبعه الاف عضو عام 2020 طبقا للمعلومات المقدمة منهم لمصلحه الضرائب السويدية. وحتى هؤلاء الأعضاء لم يعطوا خلفي ورفاقه توكيلا سياسيا للتحدث باسمهم في ايه جمعيه عموميه طبقا للوثائق المقدمة لمصلحه مساعدة المؤسسات الدينية SST.
تسال خلفي خلال اللقاء عن هدف السويد من استقبال السويد مئات الالاف من المسلمين حتى وصولهم الي حوالي مليون بدون تمثيل سياسي مناسب وقام بتقديم الواقع السويدي علي انه في الفترة الأخيرة يحدث حاله من” التطهير العرقي السياسي للمسلمين” في السويد ودلل على ذلك بإجباررفيقه السياسي مهمت كابلان على الاستقالة من منصبه كوزير للإسكان في حكومة لوفين منذ بعض أعوام قليله.
هذه الكلمات لاتمت للحقيقة بصله وتصب في خانه تعميق حاله الاستقطاب السياسي التي يمارسها مسؤولي المسجد الكبير لتحقيق مصالح سياسية وماديه على حساب المواطنة والمبادئ الديموقراطية في موطننا الجديد. وعلي الرغم من انني من المعارضين لسياسة الاشتراكيين الديموقراطيين في علاقتهم مع التيار الاخواني وتقديم الدعم لهم منذ أكثر من ثلاثة عقود كممثلين للمسلمين في السويد حتى أصبحوا يملكون امبراطوريه من الجمعيات والمؤسسات التي يتحكم فيها فئة قليله من قيادات تيار الاخوان. فطبقا للتقارير السنوية لثلاث منظمات قام الاخوان بتأسيسها حصلت هذه المنظمات على 437 مليون كرونه من الأموال العامة عام 2016.
لذلك استعجب من هذه التصريحات. فما هو الهدف منها إذا لم يكن ابتزاز الحكومة للحصول على منافع خاصه. فكلنا نعلم ان حكومات السويد لا تستجلب مئات الآلاف من المسلمين ليتزعمهم خلفي للمطالبة بحصص في حكم البلاد على أساس طائفي. وانما لأنهم لاجئين هرب اغلبهم من حكومات تستخدم الإسلام السياسي بدرجات متفاوتة لقمع المعارضين وان مهمت كابلان استقال بنفسه بعد ان قامت الصحافة بالكشف عن علاقته بالتيار الإسلام السياسي من خلال أحاديثه ومقابلاته.
للقد تم تقديم محمود خلفي على انه إمام المسجد الكبير ولكن العالمون ببواطن الأمور يعرفون بان محمود خلفي ليس فقط بإمام انما هو سياسي عام ومن اهم القيادات السياسية لتيار الاخوان الدولي. وفي كتابي ومقالاتي يوجد نصوص لخطابات ومقالات لمحمود خلفي توضح ذلك بدون ايه شكوك. فمثال لذلك مقاله في جريدة تونس نيوز حيث يكتب بخط يديه:
في الحقيقة استخدم خلفي والتيار الاخواني في السويد ازدواجية الخطاب السياسي والاستقطاب السياسي للوصول الي اهدافهم وقاموا بتقديم أنفسهم على انهم علمانيون ملتزمون دينيا ومقتنعي ببرامج الأحزاب السياسية التي يشاركوا فيها بدون التحدث عن انتمائهم التيار السياسي للأخوان المسلمين واستطاعوا من خلال هذا الاختراق تحقيق مصالح سياسية وماديه فريدة. فمحمود خلفي كإمام قام باستقبال العائلة المالكة ورؤساء وزراء ووزراء وسياسيين ودبلوماسيين كرجل دين ولكنه في نفس الوقت يقوم بدور سياسي يتم الاختلاف عليه فقد تم ترشيحه على قوائم الحزب الاشتراكي الديموقراطي في انتخابات عام 1998 وكان رئيسا للرابطة الإسلامية واحد اهم قياداتها الحالية وصديق لمؤسس ورئيس الرابطة الإسلامية في بريطانيا والمتحدث الرسمي للأخوان المسلمين في أوروبا كمال الهلباوي وعندما ظهرت نوايا الاخوان المسلمين الديكتاتورية والسير في تنفيذ مخطط التمكين خلال الربيع العربي استقال الهلباوي من الحركة ولكن خلفي انحاز الي قيادات التيار العالمي وأرسل رسالة تأنيب الي صديقه. هذا الموقف ليس بغريب في تنظيم من اهم مبادئه هو السمع والطاعة لقياداته فمحمود خلفي درس الشريعة في كليه الاخوان المسلمين في فرنسا وفهمه للإسلام وتصريحاته تمثل فهما رجعيا يمينيا محافظا بعيدا عن تمثيل جموع المسلمين في السويد. انه من المؤسف ان يسيطر تيار الاخوان على مسجد الشيخ زايد (الاسم الاصلي للمسجد الكبير طبقا لاتفاقيه بين الرابطة الإسلامية في استوكهولم مع مؤسسه الشيخ ذايد الذي قدم منحته لجميع مسلمي استوكهولم). ولكن الرابطة استطاعت نقل الملكية الي الرابطة الإسلامية في السويد العضو المؤسس لاتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا والفرع الأوروبي لتنظيم العالمي للأخوان المسلمين الذي سينتقل اليه ملكيه المسجد في حاله اختفاء الرابطة الإسلامية طبقا لوثيقه تأسيس الرابطة. لذلك عاقبت دوله الأمارات الرابطة الإسلامية على سلوكها ووضعتها على قائمه الإرهاب.
هذه التصريحات التي تأتي من ممثل تيار سياسي يرتدي عباءة الدين تمثل القاء الزيت على النار في حاله الاستقطاب السياسي في السويد واوروبا فتيار الشعبوية يتفق مع محمود خلفي في ان حكومة لوفين تقوم باستقدام مئات الالاف من المسلمين ولكن تيار الشعبوية يختلف اختلافا بسيطا عن خلفي فالشعوبيين يتهمون الحكومة بالمشاركة في عمليه الفتح الاخواني الإسلامي السلمي التي يدعو اليها منظر التيار الاخواني يوسف القرضاوي الذي استقبله خلفي عام 2003 في المسجد الكبير لعقد الاجتماع السنوي للمجلس الأوروبي للفتوي والبحوث الذي خرج بتوصيات أقامه مجتمعات متوازية اسلاميه تحكم بالشريعة في اوروبا.
انه لمن المؤسف ايضا ان يقوم خلفي باستخدام ازدواجية الخطاب والاستقطاب السياسي للوصول الي دور سياسي أكبر له ولتياره السياسي مستخدما المسلمين المقيمين في السويد كأداة للوصول الي مواقع أفضل له ولتنظيمه في السلطة. فالأفضل له ولجموع المسلمين هو انشاء حزبا سياسيا يناضل من خلاله للوصول الي أهدافه بدلا من دمغ كل المسلمين اللاجئون الي السويد باتباعهم الفهم الاخواني الطائفي للإسلام خاصه انني نصحت محمود خلفي في المناظرة السياسية بخصوص كتابي التي عقدت في معرض الكتاب العربي الأخير في مالمو بان يتوقف عن الحديث باسم المسلمين بالسويد كما كررت ذلك مرارا في مقالاتي بالصحف.
يجب علي محمد خلفي التراجع عن مقولته بالتطهير السياسي العرقي للمسلمين في السويد لان هذا الاتهام موجهه أولا وأخيرا الي رئيس الوزراء وحكومته الاشتراكية الديموقراطية والأحزاب التي تسانده. فهل ان الأوان ان يقوم السياسيين في هذه الأحزاب بالرد على اتهام خلفي بدلا من اغراقه هو ورفاقه بمئات الملايين من الأموال العامة كلما أدلى بتصريحات استقطابيه. هل ان الأوان للتيار العام لمسلمي السويد بوقف خلفي ورفاقه من تعميق حاله الاستقطاب السياسي ونشر الكراهية ضد الأجانب وفي مقدمتهم المسلمين.
سامح أيجبتسون
كاتب وباحث في العلاقات الدينية بجامعه لوند ومؤلف كتاب “الكذب الأبيض المقدس قراءات في نصوص الاخوان المسلمين وتطبيقاتها في الغرب (السويد نموذجا)”