الانتخابات بين مطرقة التهميش وسندان الاستحواذ على أصوات الناخبين

: 8/9/20, 6:54 PM
Updated: 9/16/22, 10:11 AM
الانتخابات بين مطرقة التهميش وسندان الاستحواذ على أصوات الناخبين

المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس عن رأي الكومبس

الكومبس – رأي: هل التهميش مَقصد سياسي مقصُود لذاته في المجتمعات متعددة الأصول والثقافات أم هو نِتاج تدافع مُجتمعي يحتاج إلى دراسة وترشيد حتى لا يتحول إلى ظاهرة مرضية؟

كالعادة وكلما اقتربنا من أيام الاقتراع في أي انتخابات يشتد التنافس المحموم على أصوات الناخبين، فهُم بطبيعة الحال من سيقرر من يعتلي سدة السياسة والحكم في مملكتنا الإسكندنافية خاصة في الانتخابات القادمة والتي هي الأكثر جدلاً وتنافساً في أجواء ليست مستقرة عالمياً.

وقد يجد أصحاب الأصول المهاجرة أنفسهم وهم كجزءٍ لا يتجزء من المجتمع – الذي هو بطبيعة تكوينه مجتمع متعدد الأصول والثقافات – قد يجدون أنفسهم في خضم هذا الجدال الانتخابي من عدة زوايا، فمنهم من قَدم من ثقافات معينة، أو من عادات متباينة، أو حصل بعضهم على إقامات في أوقات متقاربة أو متباعدة أو خضع بعضهم لقوانين متغايرة، ومنهم من وُلِدَ وتربى ودرس وتخرج وعمل في مجتمعنا ولا يعرف غيره – إلا من باب الامتداد التاريخي والثقافي – وهم شريحة لا يُستهان بها، وهي بلا شك أمور تشغل بال صُناع السياسة والقوانين من خلال أحزابهم ومجالسهم وهيئاتهم المختلفة كما تشغل بال فئات المجتمع بمكوناته المختلفة عبر وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام المكتوب والمرئي والمسموع وهي بالضرورة تشغل بال الراسمين لخريطة المستقبل.

أضف إلى ذلك أن هناك حرجاً لدى البعض من السكوت على إعراض البعض عن التصويت في مجتمعاتنا التي تفخر بديمقراطيتها.
كما أن هناك تخوفاً لدى البعض الآخر من استيقاظ هذه الكتل النائمة ومدى تأثيرها على أشكال وقوة أو هشاشة خارطة الأحزاب السياسية التي ستشارك في الحكم ومُخرجاته المُنتظرة.

ومن الجدير هنا أن يلتفت النظر إلى بعض ما يعانيه بعضنا من فئات المجتمع كنتيجة لنهج بعض السياسات التي تحتاج منا جميعاً إلى مُراجعات عميقة وشفافة لتصحيح بعض المسارات حتى يعم النفع جميع مكونات المجتمع وحتى نتجنب المزيد من مشاعر التهميش السلبية لدى البعض، ولكي نستطيع أن نطور معاً إمكانيات المُهمَشين فينا، ونُتيح لهم الفرص الأوسع للإندماج الإيجابي المُنتج، ولنعالج قدر المستطاع ظواهر الانسحاب المجتمعي التى قد تظهر بين الفينة والآخرى والتى قد تكون مبررة لدى البعض بسبب بعض السياسات أو التصريحات التى تطفو على السطح بين الحين والآخر.

فالقضية يجب أن تكون علاج لواقع وتطلع لمستقبل أفضل، وليست بحثاً عن كبشٍ يُستضعف ويُهيئ للفداء.

وإن اعتبر البعض أن الحذر لا يُغني من قدر، أو أن الأقدار ما منها أحذار.. فلنحذر جميعاً من محاولات البعض عن قصد أو دون قصد من ربط ظواهر الإجرام الفردي أو المنُظم بالمهاجرين أو بالمناطق المُهمشة أو بالمناطق ذات الأغلبية من أصول مهاجرة أو بأتباع ثقافة معينة خاصة أثناء الحملات الانتخابية لما قد يحدثه ذلك من استقطاب وردات فعل باستقطابات مضادة.

إعلاء قيم المصالح المجتمعية العامة ودور المرجعيات

هذه الأمور وأمثالها تدفع بالضرورة المرجعيات المجتمعية التي تستشعر المسؤولية على تنوعها إلى التشجيع على إعلاء قيم المصالح المجتمعية العامة، والتعاون على علاج المظاهر المرضية في المجتمع الذى يجب أن يتسع أمانه وخيره للجميع بلا تمييز وبلا تهميش، ومن ذلك تشجيع الإقبال الواعي على الإنتخابات.
وكما أشعر أحمد شوقى من قبل
وَما نَيلُ المَطالِبِ بِالتَمَنّي وَلَكِن تُؤخَذُ الدُنيا غِلابا وَما اِستَعصى عَلى قَومٍ مَنالٌ إِذا الإِقدامُ كانَ لَهُم رِكابا
وهو ما يستدعي مزيدًا من التعرف على سياسات وبرامج الأحزاب المختلفة ومدى مرونة مُرشحيهم وقدرتهم على التواصل والتعاون مع الآخر قبل أن يمنح الناخب أحدهم صوته.

وهو ما يستوجب على تنوع الضغوط الاجتماعية المحيطة توسيع دوائر الحوار مع مُختلف الأحزاب وأفراد مرشحيهم والمشاركة بجدية حول التوعية بطبيعة احتياجات فئات المجتمع المختلفة ونوعيات تطلعاتهم حيث أنه لا وقت لمزيد من الترف لمن يبتغي حُسن التعايش مع الآخر أياً كان كُنه هذا الآخر في مجتمع قائم وسيظل على الدوام متعدد الأصول والثقافات.

فالانفتاح على الآخر وتبادل الأفكار معه حول فهم الواقع بواقعية لا لبس فيها، ومحاولة الاجتماع على المشتركات بين فئات المجتمع، وفسح المجال لمساحات مجتمعية مناسبة لما يمكن الاختلاف فيه مع الآخر دون التنمر عليه أو تهميشه أو إلزامه بفواتير لا دخل له بها أصلاً لهو واجب الساعة الذي لا مفر للجميع منه، وهو عامل أساس في نشر السلم المجتمعي بين جميع فئات المجتمع على اختلاف أصولهم وتطلعاتهم.

وإذا كان الخروج للتصويت حق اجتماعي للناخبين عامة وللمُهمَشين منهم خاصة حتى ولو استدعى الأمر إظهار وتسجيل المرء اعتراضه على جميع المُرشَحين أو على برامجهم.
فلا يمنح أحدنا صوته إلا لمن يتفهم الواقع بتعقيداته المتباينة وخيوطه المتشابكة ويمثل تطلعات الجميع ويُراعي مصالحهم بلا إقصاء وبلا استعلاء وبلا تمييز وبلا تهميش.

وإن كان من حذر فإيانا ثم إيانا أن يزهد أحد منا في الإدلاء بصوته لأي سبب كان من الأسباب حتى لا تصبح بعض قضايا المجتمع الأساسية على اختلاف مكوناته نكرة لا وزن لها من الإعراب ويصير قادم الأيام في غير رضا البعض أو فوق ما يستطيع البعض أن يتحمله.

وفى النهاية
معاً وبالجميع تصبح السويد أفضل

طاهر أبو جبل

Alkompis Communication AB 559169-6140 © 2024.