المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس عن رأي الكومبس
الكومبس – مقالات الرأي: لنتجرأ على مخاوفنا، لقد أتينا من بلاد العرب أوطاني واكتافنا مثقله بانحطاط اقتصادي وسياسي وثقافي. اتينا وصناديق ذكرياتنا مليئة بالتناقضات، تركنا الأرض والسماء بعدما فقدنا معنى الوطن، لأن الوطن هو الكرامة.
أتينا الى أرض وسماء جديدة باحثين عن وطن وكرامة، وما بين الحياتين المختلفتين بالأرض والسماء كيف نحيا؟ الاندماج كلمة قد تثير مخاوف كثير ممن جاؤوا لكي يعيشوا في السويد وخصوصاً العائلات التي لديها أبناء.
قد يرتبط معنى الاندماج لدى بعض العائلات بمعايير الشرف وقد يرتبط هذا المعنى أيضاً بالخوف في أن نفقد هويتنا العربية، وقد يكون الخوف من الشعور بالانتقاص بسبب ما تحمله وجوهنا من ملامح فشل انظمتنا العربية الساخرة. أو حتى لأننا نخشى التهمه بسبب اللحية او الحجاب لاننا نذكرهم بالصراعات الطائفية، وقد نتعالى في بعض الأحيان ونتفه حياة الاخرين وثقافتهم حتى يتضخم معنى حياتنا، وقد يرى البعض أنه مستهدف وان المؤامرة هي من جلبته إلى هنا فينعزل كوسيلة دفاع.
وقد لا نفهم معنى الاندماج فنعتبره نفاق ونترفع بحجه الوضوح. والأخطر من كل ذلك ان نعتبر قوقعتنا على انفسنا هي التدين. إن الاندماج لا يعني التخلي عن الهوية او اللغة او الدين او حتى التفاصيل اليومية التي اعتدنا عيشها ولا يعني الاندماج ان ننافق على حساب هويتنا او لغتنا او ديننا، ولا يعني الاندماج ان يكون ديسكو وسهر وخمر وعري، ولا يكون الاندماج بتبادل الادوار.
إن الاندماج يبدأ من الداخل الى الخارج اي من أعماقنا إلى خارجها، وقد اتينا من ثقافة وخلفية متشابهة باختلاف الاوطان العربية، نأخد أدوار ومواقف منسوخة ومتوارثة دون تفكير وكما نقول في لغتنا العربية “سكن تسلم” اي ان خفت ان تشكل الكلمات بالضمة او الكسر والفتح او وما الى ذلك من تشكيلات الاعراب، بحسب مواقعها الاعرابية، في الجمل عليك في السكون، وبذلك تسلم من الخطأ.
اننا نفعل نفس الشيء في الحياه ننسخ المواقف والمشكلات والادوار ونقتبسها وراثه وبذلك نسلم من الخطأ الاجتماعي والنبوذ والخروج عن السرب. اننا نخاف الجديد لانه وبكل بساطة ليس لدينا القدرة على اتخاذ الشكل الاعرابي المناسب للجملة المعترضة ونخاف المجهول فنختار المقدور عليه ولا نجازف خشية الملامة من الفشل.
الاندماج ببساطة هو الاتحاد، وكيف نتحد؟ بأن نتقبل بعضنا كما نحن أي كما هم وكما نحن، باختلافنا وكيف نتحد دون ان نتعرف على ثقافة بعضنا وتفاصيل حياتنا التي نتشارك فيها المكان والزمان والقانون سواء.
يجب ان لا نخاف، أن نحتسي القهوة مع جيراننا او نتناول الطعام او نقوم بنزهة جميلة او مشاركة عمل او مشاركة مدرسة او جامعة، دون الخوف من شعور فرض تفاصيل الاخر التي لا تناسبنا.
فكما لهم تفاصيل لا تعجبنا، نحن أيضاً لدينا تفاصيل لا تعجبهم، ولكن لا ضير في الاحترام في المنطقة المشتركة ولنخرج من عباءه الخوف وعدم الثقه بالنفس. هناك البعض من العائلات تخاف على بناتها من الاندماج فيقومون بتزوجيهم من عمر 14 حماية للشرف، هو بذلك تخيل الموقف وماذا سيحدث لو أن الابنة تابعت الدراسة واندمجت بالمجتمع السويدي او بمجتمع الطلاب، هو يثق بابنته لكنه لا يثق بالمحيط، موقف مستنسخ وحل مستنسخ والخوف من جديد من التحديات التي فعلاً تبين مدى جاهزيتنا لمواجهة الحياة، ولكن هل المشكلة فعلا بابنته أو بالمحيط!
المشكلة الحقيقة تكمن في عدم قدرة الأهل على تحمل مسؤولية منحنى جديد في الحياة، يخاف أن يطرح حتى السؤال على نفسه؟ فيختار أسهل الحلول وأكثر أمناً. عندما تخاف الآخرين وتهرب طول الوقت من خوف واشمئزاز من سيطرة حياة أخرى على حياتك ستزرع هذا الخوف غير المبرر لأولادك، فالولد يندمج مع الآخرين ويكتشف حياة الآخرين بطريقته، وتتخلل المفاهيم لديه وتصبح له حياة خاصة جداً داخل الأسره، ويتغاضى الأب والأم لأنه فقط ذكر فلا ملامة.
هذا الضعف والتأرجح في المواقف، وهذه المخاوف والأسوار، هي فقط من صنع أنفسكم، لنأخذ الحياة بايجابية ولنفتح لأبنائنا بوابة الاندماج من خلالنا، وتحت رعايتنا، ادمجوا أولادكم بايديكم وازرعوا فيهم انهم مختلفون منذ الصغر.
يقول الله سبحانه وتعالى في سورة الحجرات: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ. صدق الله العظيم [الحجرات:13].
بقلم: ميرنا النابلسي