المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس عن رأي الكومبس
منبر الكومبس: يقول محدثي إن السويد استفادت ليس فقط اقتصاديا وديمغرافيا من المهاجرين واللاجئين العرب وغيرهم، بل أيضا استفادت ثقافيا، فقد ساهمت شخصيات عربية أو ناطقة بالعربية في الإبداع الثقافي السويدي، خلال العقود الماضية، التي شهدت ولادة لنوع جديد من ثقافة متنوعة بعد أن كانت تملك ثقافة بوجه واحد وبقالب متجانس، وهذا ما ساعد الإبداع السويدي المُعاصر على جذب اهتمام عالميّ كبير، خصوصاً في مجالات الأدب والسينما والموسيقى والأزياء والتصميم.
و يذكر لي محدثي أسماء عربية، مثل المغنية لورين المغربية والمغني إريك سعادة والمخرج طارق سعيد والسينمائي فارس فارس والإعلامية نادية جبريل وغيرهم ممن ساهم ويساهم بمجالات الموسيقى والسينما والأزياء في السويد، ولا ننسى مساهمات المهاجرين العرب في ثقافة المطبخ والطهي ، يضيف محدثي موضحا.
وقبل أن يستطرق محدثي بحديثه أكثر، قاطعته لأخذ دوره، وأصبح أنا محدثه هذه المرة، موجها له السؤال التالي: هل انت راض عن الدور الذي يلعبه العرب ثقافيا في السويد؟ بالنسبة لعددهم وحجم الإرث الثقافي والحضاري الذي يحملونه معهم؟ خاصة أن الأسماء التي ذكرتها ساهمت في تطوير الثقافة السويدية، ولم تنقل للسويديين شيئا عن الثقافة العربية؟
محدثي حاول استعراض ما تقدمه السويد من دعم الفرص، لمختلف الجاليات والأقليات لكي يتمكنوا من تطوير وتعزيز وعرض مختلف نشاطاتهم الثقافية الخاصة، من خلال تمويل المعارض والمسارح والمهرجانات وحتى إخراج الأفلام. وعندما سألت محدثي مرة أخرى عن الأثر الثقافي الذي تركه هذا الدعم على المجتمع السويدي، أجاب مباشرة أن كل السويديين يعرفون الفلافل والحمص والكباب.
وألحق كلمة الكباب الأخيرة بابتسامة ساخرة، فهمت على أثرها مدى المرارة التي شعر بها والتي نعيشها فعلاً. وكأن لسان حاله يقول: المجتمع يقدم لنا الأموال والدعم لنظهر ثقافتنا وونحافظ عليها وننشرها، بينما يكاد المردود أن يكون صفراً، خاصة أننا الآن في أشد الحاجة لكي نساهم ونبرهن أننا جزء من هذا المجتمع الذي يكافح من أجل مفهوم “التعددية الثقافية” فهل دعم الدولة والمجتمع لنا هو مجرد فرص ضائعة؟
محدثي أسر لي أن هناك تخوف واضح من أن تتحول النشاطات الثقافية العربية الممولة من المجتمع السويدي إلى مجرد مناسبات يجمعها الطبل ويفرقها المزمار، خاصة أن أغلب القائمين على هذا النشاطات يغلب عليهم طابع الجشع المادي والشح الثقافي، مضيفاً : أنا أعرف شخصيات تقود العمل الثقافي العربي أمام السويديين ولا يجيدون اللغة السويدية ولا الإنكليزية والأدهى من ذلك أتحدى إن كانوا قد قرأوا كتابا واحدا في حياتهم. فلمن أسلمنا مسؤولية تمثيل ثقافتنا أمام المؤسسات السويدية؟ هل لمن يجيد كتابة المشاريع والضحك على لحى المسؤولين السويديين؟
كل ذلك على ذمة محدثي، ولكن ما هو واضح فعلا أنه طالما الثقافة أداة تغيير طويلة الأمد وليست مجرد مناسبات، فإن الثقافة العربية في السويد هي فعلا مجرد “فرص ضائعة”.
د. محمود صالح آغا
رئيس التحرير