المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس عن رأي الكومبس
الكومبس – مقالات: يتوقف المرء عند النظر في قضية مقتل السويدية “الكسندرا مزهر” على العديد من النقاط الرئيسية قبل وبعد وقوع الحادث، فالدافع من المقال معرفة جميع الجناة في هذه القضية بغض النظر عن دورهم أو مناصبهم في المجتمع بهدف ضمان عدم تكرار مثل هكذا حوادث في المستقبل.
بدأت فصول الجريمة تحديداً عندما وضعت الفتاة السويدية “الكسندار مزهر”، في مكان عمل لا يناسب النساء ولاسيما الشابات، فالمرأة في السويد عليها أن تحمل بندقية أو مثقاب حائط أو تقود باص لكي تقوى على العيش بغض النظر عن الاختلافات في الطبيعة البيولوجية بين الذكور والإناث! فالمطلب بحقوق المرأة والكفاح من أجله لأكثر من مئتي عام، استغلَ كثيراً من قبل الحكومات السويدية المتعاقبة وهو ما عرض النساء للتميز في نوعية العمل وقلة الأجور. وعلى الجانب نفسه، تجبر المرأة بقبول أعمال لا تناسبها للحفاظ على لقمة عيشها في “دولة الرفاه”. حيث تقول والدة الكسندار لصحيفة النهار اللبنانية في عددها الصادر يوم السبت الثلاثين من يناير كانون الثاني بأن “الكسندار عملت في تجمع للاجئين القاصرين من دول عدة منذ خمسة أشهر بعد أن تخرجت في شهر يونيو/ حزيران كمرشدة اجتماعية”. وهنا ينبغي على المرء التفكر والتدبر بالكلام، فما الذي دفعَ الكسندرا للعمل في مثل هكذا مكان ذكوري وعمرها لا يتعدى 22 عاماً؟ هل هو الحاجة للمال أم تعثرها في العثور على وظيفة بمكان آخر أم رغبة منها بمساعدة اللاجئين؟ وكيف سمحت سلطات التجمع الحكومي بوضعها بمفردها بين مجموعة من القاصرين غير معروف ماضيهم ولا حتى وثائقهم الرسمية؟ ولو كانت من أبوين من أصول سويدية، فهل ستوافق سلطات التجمع الحكومي بوضعها بمفردها في مثل هكذا مكان ذكوري؟
الفصل الثاني من الجريمة هو الحادث الغريب بحد ذاته، مراهق عمره 15 عاماً يطعن الكسندرا بسكين في ظهرها وفخذها خلال محاولتها فض خلاف وقعَ بين المراهقين في التجمع خلال عملها لوحدها في تلك الليلة، وهنا يمكن الوقوف على نقطتين مركزيتين: “الإشارة إلى أكثر من طعنة تعنى هناك دافع للقتل، فلو لم يكن لدى القاتل الدافع أو الحافز لأكتفى بالطعنة الأولى فقط ليستفيق على فعلته. وعلاوة على ذلك، هناك احتمال أيضاً بأن له شريك بالجريمة. والنقطة الثانية، لا يعرف فيما لو كانَ من اختصاص عمل الضحية التدخل خلال الصراعات بين المراهقين، فإذا كان التدخل جزء من عملها فيعني ذلك طامة كبرى يتحمل مسؤوليتها سلطات التجمع الحكومي”.
الفصل الثالث من الجريمة يتمثل بدائرة الهجرة السويدية، فالمراهق ادعى ومن دون وثائق ثبوتية رسمية أن اسمه يوسف خليف نور وأنه من الصومال وعمره 15 عاماً، بالمقابل، أكدت الصحافة حاجته إلى مترجم للغة الصومالية خلال التحقيق معه من قبل الشرطة السويدية، ومع ذلك، لا يعرف فيما لو كانَ فعلاً من أصول صومالية أو انه من أصول إثيوبية أو كينية الخ، فاللغات تتداخل في بلدان شرق افريقيا، وعلاوة على ذلك، لا يوجد دليل على أنه قدم اسمه الحقيقي أو أن عمره 15 عاماً، وكذلك ملامحه الخارجية توحي بأنه أكبر سناً. وعادةً ما يقوم اللاجئين القادمين من إفريقيا بتغيير أعمارهم للخلاص من قوانين دائرة الهجرة أو للحصول على التقاعد في سن مبكر، وهذا الأمر شائع ومعروف للجميع في البلاد، فكيف ترسل دائرة الهجرة اشخاص غير معروف وثائقهم الرسمية أو ماضيهم أو سوابقهم إلى أماكن تجمع قاصرين وأطفال؟
الفصل الرابع من الجريمة يتمثل بوسائل الإعلام السويدية والبريطانية واللبنانية، حيث عملت كل وسيلة إعلامية بما يخدم الإيديولوجية التي تتبعها. فتارةً تُطرح التقارير الإخبارية وفي مضمونها عداء للاجئين، وتارةً أخرى تطرح التقارير الإخبارية وفي مضمونها توجه ديني. والغريب أن تستغل “حركة المقاومة السويدية” الحادث كحجة لاستهداف جميع المهاجرين في محطة القطارات الرئيسية في ستوكهولم وليس الأفارقة وحسب كما ادعت الحركة. فكيف تدعي هذه الحركة النازية الدفاع عن فتاة سويدية من أصول لبنانية وبالوقت نفسه تطالب بطرد الجيل الأول والجيل الثاني والجيل الثالث لجميع الأجانب من البلاد؟! يبدو واضحاً أن هناك أطراف عديدة داخل البلاد استغلت الجريمة في التحريض ضد اللاجئين من جهة والمسلمين من جهة أخرى على الرغم من أنه لم يثبت حتى اللحظة بأن القاتل مُسلم! وهكذا أخفوا جميع المسؤولين الحقيقيين عن الحادث ليوضع دم الكسندرا بين اللاجئين والمهاجرين بمسلميهم ومسحييهم. ولكن يبدو أن والدة الكسندرا أكثر ذكاءً وحكمةً على الرغم من صعوبة الحادث الأليم الذي تمر به حيث أجابت صحيفة النهار: “على الرغم من أنها لم تكن ابنتي بل صديقتي التي ربيتها بدموع عيني على الصدق والأمانة والإيمان والمحبة، ولم أُربِّها على التفرقة بين الإسلام والمسيحية، كانت دائماً تقول لي (أحب اللهُ جميع العالم)”.
وأخيراً، النقطة الحساسة بالقضية بأنه لا يُعرف لحد الآن ما الذي حدث بالضبط بل ولا يُعرف الدوافع الحقيقية للقاتل سوى أنه يعاني من مشاكل نفسية حسب تصريحات الشرطة السويدية! وفي هذا الصدد، تقول والدة الكسندرا لصحيفة النهار: “سامحته لأن ابنتي كانت تسامح أعداءها، لكن أريد مواجهته لمعرفة سبب قيامه بفعلته، مطفئاً النور في عيوني وغارزاً سكينًا في قلبي”.
ايهاب مقبل
مقالات الرأي تعبر عن أصحابها وليس بالضرورة عن الكومبس