الحصبة

الحصبة تعاود الظهور في أوروبا.. فماذا نفعل؟

: 1/9/24, 12:54 PM
Updated: 2/20/24, 2:09 PM
الحصبة تعاود الظهور في أوروبا.. فماذا نفعل؟

المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس عن رأي الكومبس

الكومبس – رأي: مع عودة ظهور مرض الحصبة، وهو المرض الذي اعتقدنا ذات يوم أنه تحت السيطرة، من الضروري أن نفكر في الآثار الأعمق لهذه الأزمة الصحية، ما يسلط الضوء على الترابط بين مجتمعنا العالمي والضرورة الأخلاقية لرعاية بعضنا البعض.

بعد إعلان مكتب الإقليم الأوروبي لمنظمة الصحة العالمية في 14 ديسمبر 2023 عن الارتفاع غير المسبوق بحالات الإصابة بمرض الحصبة في منطقة الاتحاد الأوروبي، يدعو الخبراء الآن إلى اتخاذ إجراءات فورية للحد من تزايد هذا الانتشار. في الأشهر العشرة الأولى فقط من العام 2023، تم الإبلاغ عن أكثر من 30 ألف حالة، وهي زيادة مروعة بعد أن كان عدد الحالات 941 حالة في 2022 بأكمله. وما يزيد القلق أن هذا الارتفاع لا يُظهر علامات قد تدل على التباطؤ.

زيادة حالات الاستشفاء والوفيات

أشار الدكتور هانز هنري كلوج من منظمة الصحة العالمية في أوروبا إلى خطورة الوضع، مشيراً إلى ما يقرب من 21000 حالة دخول إلى المستشفى و5 وفيات بسبب الحصبة. وهذا المرض، الذي كان تحت السيطرة، أصبح الآن يشكل تهديداً كبيراً، وخاصة بالنسبة للأطفال. مع وجود 2 من كل 5 حالات تؤثر على الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 1 إلى 4 سنوات، وارتفاع ملحوظ بين البالغين فوق 20 عاماً، ما يستدعي الحاجة إلى التطعيم على نطاق واسع، حيث أصبح التطعيم أكثر إلحاحاً من أي وقت مضى.

دور كوفيد-19 وفجوات التطعيم

ترتبط عودة ظهور الحصبة إلى حد كبير بانخفاض معدلات التطعيم خلال جائحة كوفيد-19. وأدى انقطاع برامج التحصين إلى فقدان أكثر من 1.8 مليون رضيع لقاح الحصبة بين العامي 2020 و2022. وقد أدت سهولة السفر بعد الوباء ورفع تدابير الصحة العامة إلى زيادة خطر انتقال العدوى عبر الحدود، لا سيما في المجتمعات ذات معدلات التطعيم المنخفضة.

تحدي القضاء على الحصبة

تواجه الآن العديد من البلدان، التي تم القضاء على مرض الحصبة فيها، تفشي المرض بسبب انتقال الفيروس عبر الحدود. ويعد الحفاظ على معدلات تطعيم عالية أمراً بالغ الأهمية لمنع تفشي المرض، ما يؤكد أهمية التطعيم الروتيني للأطفال.

الاستراتيجيات المحلية والدعم الدولي

لمكافحة هذا الارتفاع، تتبنى البلدان استراتيجيات تحصين مصممة محلياً تستهدف الفوارق وتعزز المساواة في اللقاحات. وتقوم منظمة الصحة العالمية/أوروبا، بمساعدة البلدان التي تعاني من تفشي المرض على نطاق واسع من خلال تدابير مختلفة، بما في ذلك تقصي الحالات، وحملات التطعيم، وتعزيز مراقبة الأمراض.

التحرك للقضاء على الحصبة

لتحقيق التخلص من الحصبة، تحتاج البلدان إلى التركيز على تحقيق تغطية تزيد عن 95 بالمئة والحفاظ عليها بجرعتين من لقاح الحصبة. يعد سد فجوات المناعة وضمان تغطية التطعيم الروتيني العالية من الأولويات الرئيسة للعودة إلى المسار الصحيح نحو القضاء على الحصبة في جميع أنحاء المنطقة. ويعد هذا الارتفاع الأخير في حالات الحصبة بمثابة دعوة للاستيقاظ لبذل جهود فورية ومتضافرة لحماية الصحة العامة واستئناف التقدم نحو القضاء على هذا المرض الذي يمكن الوقاية منه.

وهذا الوضع ليس مجرد مسألة طبية أو تتعلق بالصحة العامة؛ إنها دعوة لتوحيد جهودنا لحماية الفئات الأكثر ضعفاً بيننا. لذلك دعوني أشارك الأفكار التالية:

  1. ضرورة تبني الوحدة والمسؤولية الجماعية: تذكرنا الأزمة الصحية الحالية بالمبدأ القائل بأن رفاهية كل فرد ترتبط ارتباطًا وثيقًا برفاهية الأسرة البشرية بأكملها. يشجعنا هذا المبدأ على النظر إلى ما هو أبعد من محيطنا المباشر والنظر في دورنا في المجتمع العالمي. ومن خلال تعزيز الوحدة والمسؤولية الجماعية، يمكننا بناء عالم أكثر صحة وقدرة على الصمود.
  1. دور التعاطف والتعليم: في مواجهة تحديات الصحة العامة، يعد التعاطف والتعليم أمراً حيوياً. إن تثقيف المجتمعات حول أهمية التطعيمات ومخاطر الأمراض مثل الحصبة أمر ضروري. لكن من المهم بالقدر نفسه التعامل مع هذه المحادثات بالتعاطف والتفهم، مع الاعتراف بتنوع وجهات النظر والاهتمامات التي قد تكون لدى الناس.
  1. دعوة إلى العمل الاجتماعي: إن عودة ظهور مرض الحصبة هي تذكير قوي بمسؤوليتنا المشتركة ليس فقط لحماية صحتنا، ولكن أيضاً لضمان صحة الآخرين. إنها فرصة لنا أن نجتمع معاً، بغض النظر عن الخلفية أو المعتقد، لدعم وتنفيذ التدابير الصحية الفعالة. ويجب علينا أن نعمل بشكل جماعي لسد الفجوات في تغطية التطعيم وضمان حصول الجميع، وخاصة الأكثر ضعفاً، على اللقاحات المنقذة للحياة. وبالتأمل في هذا الوضع، فإن الاقتباس المناسب الذي يتناسب مع السياق الحالي هو: “إن الأرض ليست سوى دولة واحدة، والبشرية مواطنوها”. ويلخص هذا البيان العميق جوهر مسؤوليتنا المشتركة والحاجة إلى استجابة موحدة لتحديات الصحة العالمية.

د. زياد الخطيب

باحث لدى جامعات في السويد والنمسا ورواندا

معلومات عامة عن الحصبة

تعد الحصبة من الأمراض التنفسية الفيروسيّة التي يمكن أن تكون لها مضاعفات تهدد الحياة، وتُصيب الحصبة الأطفال في الغالب، حيث ينتقل الفيروس المُسبِّب للحصبة عن طريق رذاذ الأنف، أو الفم، أو الحلق للأشخاص المصابين، وتبدأ الأعراض بالظهور من الوجه والعنق العلوي، وتنتشر تدريجياً نحو الأسفل، ولا يوجد علاج محدَّد لها، ويتعافى معظم المُصابين خلال مدة 2-3 أسابيع، ومع ذلك قد تؤدي الحصبة إلى الإصابة بالعديد من المضاعفات الخطيرة خاصَة عند الأطفال المصابين بسوء التغذية، والأشخاص الذين يعانون من انخفاض المناعة، وتعد الحصبة من الأمراض الخطرة والمميتة، ورغم انخفاض معدلات الوفاة حول العالم بسبب تناول لقاحات ضد الحصبة،فإن ما يقارب 100 ألف شخص في العالم يتوفون بسبب الحصبة، ومعظمهم من الأطفال الأقل من 5 سنوات.

Alkompis Communication AB 559169-6140 © 2025.
cookies icon