الخطاب العنصري لا يمكن أن يكون بريئا كما نتصور أحيانا

: 7/26/15, 12:28 PM
Updated: 7/26/15, 12:28 PM
الخطاب العنصري لا يمكن أن يكون بريئا كما نتصور أحيانا

المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس عن رأي الكومبس

وصل إلى بريد الكومبس، قبل فترة رسالة موقعة من أحد القراء، يعاتبنا فيها لأننا نهاجم وننصب العداء دائما لحزب سفيريا ديمكراترنا، كما يقول، ولا نعترف بتزايد قوة هذا الحزب ولا بتأثير جاذبيته على استطلاعات الرأي التي تظهر ارتفاع مؤشر شعبيته بصورة متصاعدة.

”لقد نبهتكم وحذرتكم من عدم معاداة حزب يحب بلاده وشعبه ويرفض سيطرة الأغراب عليه لتحويل هويته، لذلك لقد أعذر من أنذر”.

بهذه الصيغة المنفعلة والتي لا تخلو من لهجة التهديد، أراد هذا القارئ أن يعبر عن تعاطفه واعجابه بالخطاب العنصري الذي يتبناه الحزب الذي فعلا باتت مسألة تزايد شعبيته مسألة لافتة وتتطلب ليس الاستسلام له ولأفكاره بل على العكس، أصبحت تتطلب زيادة العمل على كشف حقيقته وحقيقة أفكاره الخطيرة على السويد وعلى المجتمع السويدي بالدرجة الأولى.

يتعاطف البعض أحيانا مع شعارات وأقوال متقنة، يطلقها ويتفوه بها عنصريون محترفون أو من يمكن اعتبارهم عنصريون هواة، أقوال وشعارات تبدو بريئة ومؤثرة يصحبها شحن مقصود للشعور الوطني مقابل التهويل والتحذير من أخطار مبالغ فيها تهدد سلامة البلاد وهويتها ونقاء شعبها.

ولأن المحترفين المنتمين إلى أحزاب عنصرية يحترفون استغلال الحدث والظاهرة وأحيانا الإشاعة ويحولونها إلى مواد سياسية تخدم توجهاتهم للتأثير على الرأي العام، نجد أن المعجبين بهم من الهواة يكررون بصورة لا تخلو من الاستغراب خاصة عندما يكون هؤلاء الهواة هم نفسهم أجانب.

عندما يطرح حزب سويدي شعار السويد للسويديين هو يعني ما يقول وهو يقصد السويدي الذي له جذور إثنية سويدية، ولا يقصد من يملك جنسية سويدية أو ولد في السويد هو ولا حتى والده أو جده.

شعار السويد للسويديين والتحذير من خطر مزعوم يهدد السويد جراء استقبالها لأعداد كبيرة من اللاجئين، كبيرة بمقاييسهم، خاصة عندما يكون هؤلاء اللاجئين عرب أو مسلمين أو شرقيين أو أفارقة يطرح سؤالا مهما عن ما هي السويد التي يريدها أصحاب هذا الفكر؟

مقابل الشكل والنموذج الطبيعي لتطور السويد في محيط أوروبي ودولي يفرض نفسه، يعتقد أصحاب الفكر الانعزالي المغلق القادمين من الشرق، أنهم قد وجدوا حليفا عقائديا لهم يحاول عزل السويد عن العالم وعن مجال تأثيره المتبادل عالميا وأوروبيا.

السويد التي يريدها هؤلاء، سويد بلون واحد، مغلقة، يمكن أن تضمحل أو تنتهي كخلية ميتة في جسد حي، أو كجزيرة منعزلة عن العالم بدون رسالة انسانية وليس لها كلمة أو فعل أو مساهمات دولية في مكافحة أخطار الحروب وحل النزاعات وتجنب الكوارث وتداعياتها التي تؤكد أن العالم شئنا أو أبينا أصبح قرية صغيرة يتأثر جيرانه بمحيطهم.

الحروب في الشرق الأوسط لها تداعيات، إذا ظنت السويد، أن إغلاق حدودها وآذانها وعيونها عما يحدث على مقربة من جوارها الأوروبي سيجعلها بمنأى عما يحدث سيكون كمن يضع راسه بالرمال وهذا ما يريده الخطاب العنصري من المحترفين الحزبيين إلى الهواة ممن كان بالامس القريب هو أو أهله لاجئين طرقوا أبواب هذا البلد للحماية به.

محمود أغا

د. محمود صالح آغا

رئيس تحرير شبكة الكومبس

Alkompis Communication AB 559169-6140 © 2024.