المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس عن رأي الكومبس
الكومبس – مقال رأي: في بداية تكوين النظام الديمقراطي بشكله الحالي، كان بعض المواطنين اليونانيين يجتمعون في ساحة أثينا، وهم يرتدون ملابسهم البيضاء الفضفاضة ليتحدثوا في أمور الحياة، ومن ثم كانوا يصنعون القرار عن طريق المشاركة المباشرة في التصويت لقرار معين.
ومع مضي الوقت اتسعت المجتمعات البشرية، وتطورت وازداد عدد المواطنين، ولكن بقي التمسك بنظام الحكم الديموقراطي هو الأساس لأنه الأكثر فاعلية وحيوية لإدارة المجتمع في كل مكان.
ولأن الحياة تتطلب التخصصية لكي يدار المجتمع بشكل متكامل، لم يعد من الممكن أن يصنع القرار من قبل جميع الأفراد.
فالأمور لم تعد بسيطة كما الحال في اثينا القديمة، بل إن المجتمع يحتاج إلى التخصصية في كل مجال ومن جملة تلك التخصصات هي السياسة.
ولذا كان الحل الامثل هو انتهاج “الديموقراطية التمثيلية”، حيث يختار المواطنون ممثليهم (السياسيين) ليكونوا هم من يتصرف ويقرر، بينما يتسنى للأفراد أداء واجباتهم التخصصية كل في مهنته.
الآن وقد انتهت الانتخابات العامة في السويد، فقد قمنا نحن المواطنون بتلك الخطوة الديموقراطية، ولكن الديموقراطية أكثر من ورقة في صندوق الانتخابات.
ونحن الذين هاجرنا إلى السويد، لم نفعل ذلك إلا لأننا نريد العيش داخل إطار النظام الديموقراطي الذي يكفل لنا أعلى مستويات الحياة والحرية الفكرية.
نعم قد نعتقد أن الديموقراطية هي مجرد وضع تلك الورقة في صندوق الاقتراع وينتهي دورنا عند هذا الحد، لكن هذه فكرة خاطئة تماما، فالانتخاب هو خطوة واحدة من جملة خطوات كثيرة في المسار المستمر للديموقراطية.
ويكاد يكون الوقت ما بين الانتخابات هو أهم من فترة الانتخاب بحد ذاتها.
فكل ما يحدث في فترة انتخابية معينة يؤثر على مجرى الانتخابات التي تليها. فحتى ولو اتفقنا على ان نخول السياسيين مهمة ادارة المجتمع سياسيا، فهذا لا يعني أن نترك المسؤولية كلها للسياسي، فالمواطن لديه مهمات سياسية حتى ولو لم تكن مفروضة عليه قانونيا.
أول تلك الخطوات هي المتابعة للأحداث السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
فلا ضير بأن يعرف المواطن كيف تسير الأمور، من هم السياسيون وكيف يُصنع وينفذ القرار ولماذا تحدث الاحداث وما أسبابها وتبعاتها.
طبعا يمكن لشخص ما أن يسكن في دولة معينة لسنين طويلة من دون أن يعرف أي شيء عن ما يحدث، و لكنه حينها سوف يكون منفصلاً عن ذلك المجتمع ويصبح حينها بمرتبة الزائر، وليس المواطن.
ثانياً، فهم القانون في البلد الذي يعيش فيه المواطن وذلك لكي تعرف ما هو لك وما هو عليك.
وهذا الكلام يشمل القوانين على مستوى الدولة والمحافظة وايضا البلدية. ففي كل مجتمع هناك قوانين حديثة وأخرى موروثة ومتعارفة، وتكون تلك القوانين معروفة وملزمة للمواطنين في مجتمع معين، وهنا إن لم يكن شخص ما مطلع على القوانين، فيكون حينها عرضة لأن يكون خارج القانون وبالتالي ليس فرداً في المجتمع.
ثالثاً المشاركة بالنشاطات والفعاليات السياسية من قبيل المشاركة بحوارات سياسية، مخاطبة السياسيين بالرسائل والحوار المباشر، إعطاء اقتراحات، الالتحاق بجمعيات اجتماعية ذات نشاط مفيد للمجتمع المحيط بك او حتى الالتحاق بحزب يمثل توجهك السياسي.
هذه الخطوات وغيرها تدخل في إطار ما يسمى بالمشاركة المجتمعية، حيث يشارك المواطن في حياة المجتمع سياسيا من موقعه كمواطن ويصبح بذلك جزء مهم من المجتمع
علي خان
كاتب مقيم في السويد
مقالات الرأي تعبر عن أصحابها وليس بالضرورة عن الكومبس.