المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس عن رأي الكومبس
في مشاركة نشرتها الكومبس أمس، حذر فيها الكاتب من تحويل رئيسة كرواتيا إلى قديسة، تُنسج عنها وحولها قصص البطولة والتفاني والتضيحة والشجاعة، بشكل مبالغ به، وهذا فعلا ما يحدث للأسف.
لا أحد يقلل من وطنية وذكاء هذه السيدة الرئيسة، هي بلا شك تخدم شعبها على طريقتها، وكما يبدو أن شعبها، وهذا هو المهم، راض عنها.
لكن المشكلة هي في عقول بعضنا، ممن ضخم تصرفات وأعمال هذه السيدة ووضعها فعلا في صفوف القديسين.
جولة واحدة على البوستات التي تخص الرئيسة الكرواتية باللغة العربية، في وسائل التواصل، يجعلك تقرأ ما هب ودب من الأساطير، حول تصرفها مثلا في إيصال سندويشات الزعتر الكرواتي إلى أخيها، ودفعها ثمن البنزين إلى خزينة الدولة، هذا إلى جانب قصص بيعها لطائرة الرئاسة وسيارات المراسم العامة والوزراء من أجل التقشف.
مع أنها اشترت بالمقابل 12 طائرة حربية مستعملة من إسرائيل، كلفت خزينة الدولة الكرواتية نصف مليار دولار، نحن لا نستطيع أن نحكم فيما إذا كانت مجدية لبلد لا يواجه أي حروب أو تهديدات، فهذا من حق الشعب الكرواتي فقط.
آخر صيحات تقديس هذا السيدة هو خبر كاذب انتشر على وسائل التواصل منذ صباح اليوم، ينسب إليها التصريح التالي: “القدس الغربية والشرقية هي جزء لا يتجزأ من فلسطين التاريخية ولا حق بما يسمى بإسرائيل الوجود فيها وعليها الرحيل ليبقى العالم مستقرا و أمن” .
أي عاقل ولديه اطلاع طفيف على الأحداث الدولية، يمكنه أن يرفض تصديق مثل هذا الخبر. ومع ذلك انتشر هذا التصريخ الكاذب، مثل النار بالهشيم على ايدي “المنبهرين” و”السخفاء”
نحن للأسف مضطرين إلى أن نسمي الأسماء بمسمياتها، هذا ليس له علاقة بأدب الكلام واللياقة، هذا له علاقة بضرورة التنبيه من خطر تصديق كل ما يقال وينشر، من أجل تحفيز الناس على التفكير، قبل تصديق أي خبر خاصة إذا كان مصدره غير واضح.
لماذا تهتم الكومبس بهذا الموضوع؟ الجواب سهل جدا، نحن وسيلة إعلام أوروبية ناطقة بالعربية إلى جانب لغات أخرى، نسعى إلى ليس فقط نقل الأخبار وكتابة التقارير الإعلامية وانتاجها، نحن نسعى إلى الكشف عن الحقائق وإلى المساهمة برفع كفاءة منطق تصديق أو رفض ما يدس وينشر في وسائل التواصل الاجتماعي، لدى المتلقين.
نحن نعاني من هذه المشكلة مع جزء من المتابعين، عندما ننقل خبر، لا يروق لهم يكذبوننا، مع ان المعرفة بحدوث هذا الخبر مهم لهم لكي يبنوا تصوراتهم حول المجتمع الذي يعيشون به.
وعندما نكذب خبرا يروق لهم، يتهموننا أيضا بشتى أنواع التهم ويكيلون لنا السب والشتائم، بطريقة غير محتملة.
ومع ذلك نحن نعول على الأكثرية وعلى المثقفين الحقيقيين ممن على الأقل إذا خالفوك الرأي، يظهرون خلافهم بطريقة حضارية ومنطقية.
قصة الرئيسة القديسة مثالا واضحا على صناعة السخافة بكل ما تعنية الكلمة من معنى في عقولنا، وهذا ليس ذنبها وليس ذنب شركات “البي آر” المتعاقدة معها إنه ذنبنا نحن الذين نصدق الاساطير ونرفض قبول الواقع
نرحب باي راي كان، ولكن نرفض التعامل مع من يستخدم ألفاظا نابية ويشتم ويكيل التهم
الكومبس