السويد تخسر في العلاقة مع إسرائيل ولا تربح ود العرب

: 3/10/15, 4:23 PM
Updated: 3/10/15, 4:23 PM
السويد تخسر في العلاقة مع إسرائيل ولا تربح ود العرب

المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس عن رأي الكومبس

الكومبس – مقالات: تشابكت أمس الحدود الفاصلة، ما بين حُنكة المصالح وسذاجة المبادئ، في فن السياسة الخارجية السويدية، بعد معركة دبلوماسية خاضتها السويد مع المملكة العربية السعودية، كانت ساحتها الجامعة العربية في القاهرة
واختلفت السويد، عبر الصحافة والسياسة، على طريقة استقبال وزيرة خارجيتها مارغوت والستروم، العائدة من هذه المعركة، بعد أن مُنعت من إلقاء كلمة، ضمن دعوة وجهها لها الأمين العام للجامعة نبيل العربي. أحزاب اليسار ومن ضمنهم الحزبين الحاكمين الاشتراكيين الديمقراطيين والبيئة، اعتبروا أن الوزيرة عادت ظافرة، لأنها لم تتخلى عن المبادئ التي اشتهرت السويد بالدفاع عنها، على الرغم من احتمالات خسارتها لبعض المصالح، لأن الدفاع عن مبدأ حقوق الإنسان وخاصة حقوق المرأة، هو ما يجب أن يميز السياسة السويدية. فيما اعتبرت أحزاب اليمين المعارضة، أن الوزيرة والستروم، عادت خائبة وتحمل معها خسارة معركة دبلوماسية جديدة، بعد الخسارة الأولى مع إسرائيل، حسب اعتقادهم، عندما رفض وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان استقبالها، مما اضطرها لإلغاء زيارة لها للأراضي الفلسطينية المحتلة ولإسرائيل أواخر العام الماضي.جوقة المعارضة السويدية الحالية، عزفت على وتر التذكير بعدم صواب الاعتراف السويدي بدولة فلسطين، حسب اعتقادها، ووجدت بالمناسبة فرصة لانتقاد هذا الاعتراف ومحاولة لإثبات فشل السياسة الخارجية للحكومة الحالية، لأن قرار الاعتراف هذا لم يقرب ستوكهولم من العرب، وأساء للعلاقة مع إسرائيل، وفق محلل سياسي استضافته التلفزة السويدية مساء أمس، “السويد لم تشهد في تاريخها المعاصر مثل تلك الحالة، علاقات سيئة مع طرفي النزاع، السعودية أهم الدول العربية، ومع إسرائيل” فيما تحسرت وزيرة الدفاع السابقة المحافظة كارين إينستروم على العلاقات الجيدة التي كانت سائدة بين ستوكهولم وتل أبيب قبل قدوم الحكومة السويدية الحالية، واعتبرت أن على السويد أن تستمر بعلاقات جيدة مع الطرفين
قد لا يصل حجم سذاجة المبادئ السويدية، إلى درجة أن تنتظر ستوكهولم من العرب مكافأة على اعترافها بفلسطين، أو مقايضة هذا الاعتراف بحريات أكثر تمنحها الحكومات العربية لشعوبها، خاصة في هذه الأوقات الاستثنائية التي تمر بها دول المنطقة، فيما تبقى أولوية المصالح مرتبطة على نحو ما، بسياسات دولية كبيرة، إلى حد يبدو فيه أن الساذج الوحيد هنا يمكن أن يكون المواطن السويدي العادي، لأن الرأي العام يركز عادة على ما ينتجه الإعلام من مواد قابلة للنقاش والتداول، فهل يعلم أحد مثلا عن التعاون العسكري بين السويد ودول أخرى من الطراز “الديكتاتوري” أو مع دول احتلال مثل إسرائيل مثلا. وهل يعلم المواطن العادي حجم الضرر على الاقتصاد السويدي جراء الأوامر الأمريكية بمقاطعة روسيا ودول أخرى؟
إلى هذه اللحظة لم تصدر المملكة العربية السعودية، أي توضيح حول اتهامها بالوقوف وراء منع إلقاء الكلمة في الجامعة العربية، ولم تنفي أو تؤكد ما صرحت به الوزيرة السويدية مارغوت والستروم والتي قالت بانها اضطرت، تحت ضغط من السعودية، لإلغاء خطاب كان يفترض أن تلقيه الإثنين وبأنها لن تتمكن من إلقاء هذا الخطاب لأن المندوبين السعوديين لا يرغبون في ذلك.
وأوضحت “أن التفسير الذي تلقيناه هو أن السويد سلطت الضوء على وضع الديمقراطية وحقوق الإنسان في المنطقة، ولهذا السبب لا يريدونني أن أتكلم. آسف لذلك”. وأكد دبلوماسي عربي أن السعودية هي وراء منع الوزيرة من إلقاء كلمتها، مضيفا أن الأمين العام للجامعة العربية قدم اعتذاراته للوزيرة السويدية
ما هو مؤكد أيضا أن نبيل العربي الأمين العام للجامعة كان أهم المحرجين، فهو من وجهه الدعوة للوزيرة للحديث، وهو من اضطر أن يبلغها بقرار منعها بالتحدث
الصحافة السويدية التي تناولت الخبر باهتمام واضح، أرجعت قرار إلغاء الكلمة، إلى عقاب سعودي للسويد على عدم تمديد اتفاقية التعاون العسكري بين الرياض وستوكهولم، مع أن هناك من يؤكد أن قرار وقف تمديد هذه الاتفاقية لم يتخذ بعد، لكن التصرف السعودي في القاهرة يمكن أن يعجل باتخاذه
فيما ذهبت صحف أخرى إلى الاعتقاد بأن محتوى الكلمة التي تنتقد سياسة العربية السعودية بما يتعلق بحقوق الإنسان هو السبب. مع أن الحكومة السويدية نشرت نص الخطاب، الذي كان من المفترض أن تلقيه الوزيرة، وهو نص لم يشر إلى السعودية بل بعبارات عامة إلى اعتراف السويد بفلسطين وضرورة إرساء الديمقراطية والتنمية الاقتصادية ومحاربة الإرهاب واحترام حقوق الإنسان
الإعلام السويدي انشغل ومنذ أسابيع، بتغطية ومناقشة التفاوض الداخلي بشأن مسألة التجديد لاتفاق تعاون عسكري مع السعودية ينتهي في أيار/ مايو المقبل. ولا يخفي بعض المسؤولين في قطبي الحكم، الاشتراكيين الديمقراطيين والخضر رغبتهم علنا في أن تلغي السويد هذا الاتفاق. فصل آخر من فصول الشد والجذب بين أولويات سذاجة المبادئ وحُنكة المصالح، ظاهريا على الأقل
د. محمود صالح آغا
ليس من الضروري أن يتطابق رأي كاتب المقالات مع سياسات شبكة الكومبس
Alkompis Communication AB 559169-6140 © 2024.