المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس عن رأي الكومبس
الكومبس – رأي: مع وصول اليمين المتطرف لا فقط في السويد بل في كثير من بلدان أوروبا تعالت الأصوات المناهضةً للمهاجرين بغض النظر عما يشكله المهاجرون من ثقل كبير في هذه المجتمعات.
أكتب اليوم و كلي حرقة لأنني اشعر بأن الوطن الذي استوطنته يريد أن يبيعني بأبخس الأثمان. إن المهاجرين وسوف أتطرق فقط لشريحتين (مع احترامي لكل الشرائح الموجودة) هي شريحة الأطباء و أطباء الأسنان المنحدرين من أصول مهاجرة في السويد لنرى ثقل هذه الشرائح.
حسب تقرير مجلة الطب لسنة 2024 تكتب فإن نسبة الأطباء ذوي الأصول المهاجرة العاملين في المجال الطبي هو 35 بالمئة و هم بالترتيب من سوريا، العراق،بولندا، ألمانيا، اليونان. وهي نسبة كبيرة،
أما في شريحة أطباء الأسنان، فحسب إحصائية في نهاية 2017 فإن 69 بالمئة من طلاب كليات طب الأسنان هم من أصول مهاجرة ( مجلة طب الأسنان 22/8/2018).
أما في وقتنا الحاضر فإن الأعداد أكبر بكثير من ذلك.
الكل أتى لهذا البلد طلباً للأمان والحرية المكفولة بالقانون، و بعد الحصول على الجنسية يصبح الفرد منتمياً لهذا البلد وله واجبات و حقوق كاملة ملقات على عاتقه. و نشعر بضرورة العيش الكريم والدفاع عن الوطن وعن كل ذرة من ترابه الكريم، لكن عندما يشعرك السياسي أياً كان بأنك ممكن أن تعود و تترك البلد ( لا احب أن أذكر أنه يوجد جانب مادي، لأننا أعلى من ذاك التفكير) فكيف يريدني أن أشعر بالانتماء للوطن وكيف سيشعر ولدي الذي ولد على تراب هذا الوطن. هل نحن أبناء هذا الوطن، هل نحن بالفعل سويديون أم أننا يمكن أن نخرج بأي وقت يرغب السياسي أن يخرجنا فيه. إن هذا الشعور هو الذي يؤدي إلى شعورنا بالمواطنة من الدرجة الثانية بل مواطنة مزيفة لم يقبلها السياسي حين يريد أن يخرجني من الوطن في أي وقت. فأي انتماء هذا، وكيف لي أن أكون نشطاً ومدافعاً وبانياً للوطن مع شعور كهذا.
لقد عملنا في الوطن و شاركنا في بنائه وسهرنا عليه مثلنا مثل أي موطن آخر، فاذا كنتم ترغبون بإخراجنا عوضونا عن السنين التي أمضيناها في البناء، ولا أقصد بذلك الأموال، أعيدوا لنا الساعات التي قضينها في بناء الوطن.
بهذا الادعاء، لن نشعر في يوم من الأيام أننا مواطنين و هذا الشعور يهدد السلم المجتمعي.
على السياسيين بالعكس من ذلك أن يطمئنوننا بأننا مواطنين لا نختلف عن غيرنا بشيء لنشارك في البناء والدفاع عن الوطن، خصوصاً أن العالم و السويد يمر بمرحلة حرجة نحتاج فيها الجميع و لا نفرط بأحد.
و ختاماً فإن الأصوات المعادية للمهاجرين قد تكون قليلة لكنها مرتفعة، لذلك يتصور البعض أن الكل لديه الأفكار نفسها. و هذا غير صحيح ويجب علينا كمهاجرين أن نتحد وأن نشعر بالثقة بأنفسنا، وأن نعرف قيمتنا في المجتمع. نحن ركيزة مهمة و من أعمدة المجتمع ولا يمكن التفريط بنا. نحن جزء لا يتجزء من المجتمع .
د. مهدي الحسيني
(طبيب أسنان من أصل عراقي ومن أوائل الاطباء العرب الذين فتحوا عيادة خاصة في العاصمة استوكهولم منذ العام 1999)