السياسة الثقافية كما تراها المعارضة السويدية

: 6/24/14, 1:18 PM
Updated: 6/24/14, 1:18 PM

المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس عن رأي الكومبس

الكومبس – افق آخر: السياسة الثقافية السويدية في ظل حكومة التحالف الليبرالي المحافظ الحاكم تبدو مجرد مخلفات للسياسة الثقافية لعقد السبعينات من القرن الماضي التي تركتها حكومة التحالف الإشتراكي الديموقراطي يومذاك.

الكومبس – افق آخر: السياسة الثقافية السويدية في ظل حكومة التحالف الليبرالي المحافظ الحاكم تبدو مجرد مخلفات للسياسة الثقافية لعقد السبعينات من القرن الماضي التي تركتها حكومة التحالف الإشتراكي الديموقراطي يومذاك.

ويمكن فهم ذلك من خلال عدم تخصيص اية مبالغ للنشاط الثقافي في ميزانية الربيع التي قدمها وزير المالية ” اندش بيري ” في الخامس عشر من نيسان 2014 والتي اثارت جدلا كبيرا داخل البرلمان السويدي.

معروف أن الخلاف بين اليسار واليمين يظهر جليا عندما نتحدث عن تمويل الثقافة العامة في البلاد، ذلك ان موقف اليسار المعتاد يتركز في أن الثقافة تنتمي إلى المجتمع الذي يمكن ان يسهم جمهوره كليا او جزئيا في تمويل النشاط الثقافي. فالثقافة بصفتها جزءا من المشروع الديمقراطي الرسمي للدولة الذي يتبنى تمويل الحركة الثقافية في البلاد من خلال ابواب الأنفاق في الميزانية العامة.

في حين أن الليبراليين والمحافظين يعبرون عن الاعتقاد عمليا بأن الثقافة كنشاط انتاجي تنتمي إلى “حركة المجال الخاص” الذي لا يخضع لأي تدخل من السياسيين أو من تاثير اتجاه الأغلبية . ويعبرون عن ذلك بالقول ان لكل فرد تحديد ما هي ميادين “الثقافة ” التي يرغب في المشاركة فيها من خلال الإنتاج او الدعم بشكل حر.

ويعبر المنتقدون لسياسة اليمين هذه التي انتهجها خلال ست سنوات خلت عن عدم رضاهم الواضح من تحويل الثقافة الى مجال ” للبيع والشراء “. ويكرر هؤلاء انتقاداتهم لنهج التحالف الحاكم في البحث عن فرص “الأسواق الحرة ” و التنوع الثقافي و “جودة أعلى في النوع الثقافي” و اعتبار الثقافة مجال حيوي يمكن ان يمول ذاته بنفسه.

وتبدو الإختلافات واضحة في كثير من الأحيان عبر النقاش الثقافي الذي حضره العديد من المشتغلين في الشأن الثقافي في جلستين متباعدتين من الحوار في قاعة المسرح البلدي في” برونز غاتان” في العاصمة ستوكهولم ونقلت اطرافا منه الصفحات الثقافية ووسائل الإعلام.

وبالرغم من ان مخصصات الثقافة في كل حال لم تكن تشكل غير جزء ضئيل من الإنفاق الحكومي الرسمي، غير ان الجدل بين ممثلي التحالف الحاكم والمعارضة ظل يشكل وجها من اوجه التنافس بين الكتل السياسية. وقد اسماه الموسيقي والفنان لارش أندرس يوهانسون ” الصراع على التصرف في واردات حلج القطن ” وهو تعبير مجازي عن اعتماد الكتل السياسية على اموال الضرائب العامة التي يعتمدها السياسيون المتنافسون للصرف على النشاط الثقافي.

الليبراليون يجدون ان الثقافة ممكن ان تخدم على نحو أفضل عندما تكون خالية من السلطة السياسية. وعلاوة على ذلك – بحسب اليمين – فأن إشكالية هيمنة السلطة على الثقافة تعني ان تتحكم بهذا القطاع ” نفس الأيدي التي تمتلك الهراوات والبنادق في المجتمع ” في نقد مجازي للمنهجية النمطية لأحزاب اليسار في مجالي الثقافة والتربية.

ويرد اليسار وتحالف المعارضة ان التحالف الحاكم حقق اسوأ نتائج في مجالات الثقافة والتربية خلال السنوات الست الماضية اذ تراجعت نسبة التشغيل وارتفعت البطالة وان من بين 400 الف عاطل هناك العديد من المبدعين والفنانين والصحفيين لم تتوفر لهم فرص العمل المخططة ولم يتحقق منها في الميادين الثقافية اية نتائج للكثير من العاطلين.

وفي مجال التربية تقول المعارضة إن سياسة اليمين لإطلاق الإستثمار في المدارس الخاصة قد اوصل مستوى التعليم الى نتائج كارثية وبخاصة في مجالي القراءة والكتابة كعنصرين اساسيين لثقافة المجتمع.

ويبدو ان مفهوم ادارة الثقافة قد تغير لدى قوى المعارضة حيث انها ترى انه لابد من زيادة التخصيصات الثقافية وفتح باب الإستثمار في ميادين الإنتاج الثقافي في نفس الوقت.

وتطرح المعارضة نقطة خلافية منذ سنتين الا وهي الخدمات المجانية للمتاحف وفتحها امام الجميع بأعتبارها ملكا لثقافة الشعب .. وهو مايعارضه تحالف اليمين المحافظ الحاكم ويعتبر ذلك مضيعة لاموال دافعي الضرائب .

الشخصيات التي حضرت اللقاءات والحوارات وهم غالبا صحفيون ونقاد وممثلون ومدراء مسارح وموسيقيون وشعراء وكتاب اجمعوا على خشيتهم من ” استثمار المال الخاص في الثقافة ” وذهب العديد منهم الى القول ان مواقف التحالف المحافظ هو مزايدات معروفة في العديد من الميادين التي تهم المجتمع .

وقد اجمع العديد من الحضور مثل ” المفكر الديموقراطي دانيا سوهينين وماريا لودفيغسون من التلفزيون السويدي وادم كوليمان من القسم الثقافي في التلفزيون وناثان هيملبيري و بينغت اولسون “من القسم الثقافي في جريدة داغنز نهيتر والناقدة ” ستينا اوسكارسون ” وهي مديرة المسرح ايضا و لارش اندرسون يوهانسون من مجموعة تيمبرو الليبرالية ومارتينا مونتيوس وآخرون أجمعوا ان افضل موقف يمكن النظر من خلاله الى الثقافة هو موقف تحالف الحمر والخضر الذي يتلخص في القول: ان منهجية احزاب المعارضة ازاء الثقافة تقوم على اساس تحدي النموذج السائد من خلال ازالة الضرائب عن الوسائل الثقافية وفتح المرافق الفنية والمتاحف امام الطلبة والمهتمين مجانا وزيادة التخصيصات للنشاط الثقافي وتوفير فرص عمل لخريجي الكليات والمعاهد الفنية وتنظيم دخول الأستثمارات الخاصة الى ميدان الأنتاج الثقافي والفني .

فاروق سلوم

farouq@alkompis.com

الكومبس © 2023. All rights reserved