الشاب أحمد يحرج الصحافة السويدية

: 2/10/17, 10:50 AM
Updated: 2/10/17, 10:50 AM
الشاب أحمد يحرج الصحافة السويدية

المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس عن رأي الكومبس

الكومبس – خاص: انتشر خبر ادعاء الشاب أحمد بسحب ما يقارب 600 ألف كرون من مصرف سويدبنك، بداية الأسبوع الحالي، بسرعة كبيرة في الإعلام السويدي وفي معظم الصحف العالمية.

طرافة الخبر، وقيام الشخص نفسه بالاتصال بالصحافة، ولعل اسم الشخص أيضا، كانت عوامل مشجعة لنشره من قبل أكبر الصحف السويدية، دون القيام بالتحقق من كلام المدعي على نفسه، ودون التفكير المنطقي بإمكانية سحب مثل هذا المبلغ، والأدهى من ذلك دون تأكيد من الجهة الأخرى، وهي هنا المصرف، على صحة الحادثة، لكي تكتمل القصة الإخبارية بحسب أدنى مبادئ الصحافة وأصول عملها.

الشاب أحمد وهو من أصل يمني، يقيم في مدينة مالمو جنوب السويد، كما يقول، اتصل كما يبدو بعدة وكالات وصحف سويدية ومنها شبكة “الكومبس” لكي يروي مغامرته في الحصول على هذا المبلغ الكبير نسبيا في مدة وجيزة.

وفعلا قامت الشبكة بإجراء لقاء مع الشاب، وعندما أرسل لنا الزميل المراسل نص المقابلة، قررنا في إدارة التحرير عدم نشرها، وذلك لعدم توفرها على منطق الأمور، ولعدم ترابطها، كما أننا لمسنا أن الشاب يبحث عن الشهرة والاستعراض، إضافة إلى أننا لم نرغب بأن نكون سباقين بالكتابة عن “جريمة” دون التأكد فعلا من حدوثها، خاصة عندما يقوم بها شخص اسمه “أحمد” لكي لا نساهم في دعم اشاعات ربط العرب والمسلمين بزيادة معدل الجريمة.

أكبر الصحف السويدية تقع بالفخ

لكن وكما يبدو سال لعاب الصحيفة الأكبر في السويد “أفتونبلادت” أمام إغراء سبق صحفي لقصة طريفة، يرويها الشخص نفسه الذي قام ببطولتها، في اليوم التالي ناقشنا مرة أخرى، في هيئة تحرير الكومبس موضوع نشر أو عدم نشر المقابلة، طالما أن الخبر أصبح منتشرا في عدة صحف، ولكن قررنا مرة أخرى عدم نشر المقابلة والاكتفاء بنقل الخبر تماما كما تناقلته الصحف والوكالات الأخرى، مع الإشارة طبعا للمصدر.

رفض شبكة الكومبس نشر المقابلة، ورفضها نشر العديد من القصص غير المكتملة أو غير المقنعة سابقا، يمكن أن يكون من أجل الحرص على المصداقية والمهنية على حساب احتمال تحقيق المزيد من الشهرة.

ولكن كيف وقعت أكبر الصحف السويدية في خديعة قادم جديد، والذي استغل خبر تعرض المصرف لعطل طارئ، ليقدم نفسه على أنه قام بعمل طريف، وعلى أنه بطل يريد مساعدة العديد من المحتاجين، فقد ادعى أنه أرسل هذا المبلغ الذي سحبه إلى عدد ممن بحاجة إلى مساعدة خارج السويد. أحمد وعد أيضا بإعادة المبلغ وهو بصدد عقد اتفاق مع البنك لتنفيذ وعده.

الحرج الذي وقعت به أكبر صحيفة سويدية من وراء نشر خبر كاذب، احتاج إلى استخدام مهارات كبيرة في الكتابة من أجل تبرير هذا الخطأ، تقول لينا ميلين، نائبة رئيس تحرير المسائية السويدية “افتونبلاديت”، إن الصحيفة تقوم بتحرير ونشر ما مجموعه تقريبا 150،000 من المقالات الإخبارية سنويا، ونادرا ما تقع بأخطاء مثل الخطأ الذي حدث معها الأحد الماضي.

نائبة رئيس التحرير حاولت جمع وتقديم كل العوامل التي توفرت لدى الصحيفة والتي شكلت أساسا للخبر، ولكن ومع ذلك اعترفت أن صحيفتها وقعت في شراك خديعة كان يمكن أن لا تقع بها لو استخدمت معايير الصحافة في قياس صحة الخبر من كذبه.

الكومبس تعاود الاتصال مع أحمد

السؤال المهم الذي راود العديد من الناس ممن اطلعوا على طرافة الخبر وتراجيديا نفيه، هو: لماذا قام أحمد بكل هذه المغامرة؟ وما الذي استفاد منه؟ وهل كان لديه هدف معين من وراء ذلك؟

عاودنا الاتصال مع أحمد، والذي كان في الأثناء في ستوكهولم بدعوة من الراديو السويدي على برنامج معين، يقول لنا إن المقيمين على هذا البرنامج اعتذروا منه لوقوع خطأ في اختيار الضيوف.

عندما سألناه، في اتصالين منفصلين، لماذا فعلت ذلك؟ لماذا ادعيت أنك سحبت مبلغ من البنك وأنت في الحقيقة لم تقم بذلك؟ كانت إجاباته غير واضحة ومضطربة بل ومتناقضة. ومما قاله: أنا إنسان طيب وعندي رسالة إلى المجتمع، وأضاف: نصيحتي لكم أن تنتظروا، ولا تحكموا على الأمور بسرعة. ومما يمكن استنتاجه من هذه الأقوال أن أحمد لا يريد أن يعترف بأنه قام بخديعة الصحافة السويدية.

ومهما كانت الأسباب التي دفعت أحمد للقيام بهذا التصرف، تبقى حقيقة واحدة وهي أن أحمد استطاع احراج أكبر الصحف السويدية.

رئيس تحرير شبكة الكومبس

د. محمود صالح آغا

Alkompis Communication AB 559169-6140 © 2024.