الطبيعة ترد الصاع ولكن ليس صاعين!

: 3/16/20, 12:04 PM
Updated: 3/16/20, 12:04 PM
الطبيعة ترد الصاع ولكن ليس صاعين!

المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس عن رأي الكومبس

الكومبس – مقالات الرأي: لقد تمادت البشرية أكثر من اللازم في إهانة
الطبيعة، ولكن يبدو أن لصبر الطبيعة حدود، فها هي ترد الصاع ولكن ليس صاعين لأنها
أرحم من البشرية على نفسها. نعم نريد أن نصنع، نستهلك، نسافر، ننبش الأرض لاستخراج
آخر موردٍ فيها، نلوث السماء حتى آخر بقعةٍ مضيئة فيها، وبعد ذلك نتسأل ما الذي
يجري؟ من الذي تأمر علينا؟ أهي مؤامرة أم محض صدفة. لا ليست مؤامرة ولا محض صدفة
لأن ما زاد عن حده نقص.

وهنا لا أريد أن أسمي ذاك الوباء الجديد باسمه الذي قرع الأذان وزاغت
منه الأبصار، وأقلق نومنا وحطم بورصاتنا وووو، لآن الناس أصبحت تتشائم من تكرار
اسمه وسماع أخباره، رغم أنهم لا ينفكون بالبحث عن أخباره وأين ضرب اليوم وأين
سيضرب غداً، بينما أفضل أن استخدم ذلك الوباء كرمز لردة فعل الطبيعة، فهو ليس
الأول ولكن نأمل أن يكون الأخير، الأخير فيما إذا وصل الدرس للبشرية، ألم تسبقه
العواصف والحرائق والتغييرات المناخية المرعبة، ألم نسمع عن انقراض أنواع هامة من
الحيونات والنباتات وحتى البكتيريا النافعة، نحن نقضي على كل شيء لنرضي نزعة
الاستهلاك لدينا، لا نفكر بالموارد بل فقط بالاقتناء، لا نفكر بالتلوث بل فقط
بالمنافسة والحروب التجارية، لا نفكر بالمستقبل والأطفال بل برأس المال والاحتكار،
لا نريد أن نزرع بل فقط نريد الاستماع بمشهد الطبيعة ونحن نسافر بالطائرات الفاخرة
والحافلات والقطارات، نعم نريد السفر حتى لو عبست الدنيا بغاز ثاني أكسيد الكربون،
مش مهم، المهم نسافر وما حدا أحسن من حدا! حسناً إلى أين السفر الآن؟

نريد تصنيع الأسلحة النووية وغير النووية، نعم من أجل الردع، أي ردعٍ
أيتها البشرية؟ مع نهاية القرن الماضي –والآن لا أعرف تماماً– وصلت الترسانة
النووية على وجه الأرض إلى حدٍ يمكنها من تدمير الكرة الأرضية سبع مرات، طبعاً
بقصد الردع، يا للسخرية هل نردع بتلك الترسانة فيروس لا تراه العين المجردة!

أين هم قادة العالم الذين كانوا يسخرون من قمم الأرض ومعاهدات الحد من الانبعاثات الغازية، أين هم القادة الذين كانوا وما زالوا يتسابقون لصنع الأسلحة وتأجيج النزاعات حول العالم، إنهم يختبئون بالقصور، بينما ضحايهم يموتون بين السماء والطارق، ملايين اللاجئين الذين لا يجدون ماءً للشرب، ننصحهم بأن يغسلوا أيديهم، ويستخدموا المعقمات، من أين هل ستمطر الدنيا كحول عليهم، وماذا عن ملايين الجياع في البلدان التي نهبت مواردها بهدف التقدم الصناعي والتجاري، عفواً بهدف تخريب الأرض، ننصحهم باتباع نظام غذائي جيد لكي تتعزز مناعتهم! وهل يجدون للطعام سبيلاً وبلادهم المعطاءة نهبت خيراتها، نعم تابع أيها العالم المنافق نصائحك العجيبة، وكأن الناس لا تعرف معنى النظافة، وننسى أن هناك لا من لا يستطيع إلى ذلك سبيلاً، وننسى أن الناس يشتهون كل أنواع الطعام المفيد المعزز للمناعة، ولكن من أين لهم ذلك، الطبيعة صفعتنا وسوف تصفع وتصفع ما لم نتغير. أنا وكل فقراء الأرض نؤمن بأن العالم سوف يتغيير ولكن ماذا عن قادة العالم، هل سوف تسيرون بنا نحو النهاية، أم سوف تنضمون إلينا لقناعة أن الطبيعة ترد الإهانة، وعليكم الاعتذار بالأعمال لا بالأقوال.

مصطفى قاعود: كاتب مقيم في مالمو

Alkompis Communication AB 559169-6140 © 2024.