العمل ووحدة الشعور بين الناس

: 10/19/14, 3:58 PM
Updated: 10/19/14, 3:58 PM
العمل ووحدة الشعور بين الناس

المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس عن رأي الكومبس

الكومبس – مقالات رأي: إذا أردنا اختصار الحياة البشرية بكلمة ستكون تلك الكلمة هي "العمل"، والعمل كفعل وكمصطلح احتل المكانة الأولى في جميع الكتب السماوية، وتربع على عرش الفلسفة بفرعيها المادية والمثالية، ولا ننسى حضوره في الأدب وكل الفنون البشرية، والعمل هو من المصطلحات المنتجة للفكر والفلسفة على عكس الكثير من المصطلحات التي أنتجتها الفلسفة، ويمكن القول أن العمل ديوان البشر، فهو الذي يجعلهم يمكثون في هذا البلد أو ذاك أو يقررون الرحيل والهجرة، وهو المحرك لكل التحولات الاجتماعية.

الكومبس – مقالات رأي: إذا أردنا اختصار الحياة البشرية بكلمة ستكون تلك الكلمة هي "العمل"، والعمل كفعل وكمصطلح احتل المكانة الأولى في جميع الكتب السماوية، وتربع على عرش الفلسفة بفرعيها المادية والمثالية، ولا ننسى حضوره في الأدب وكل الفنون البشرية، والعمل هو من المصطلحات المنتجة للفكر والفلسفة على عكس الكثير من المصطلحات التي أنتجتها الفلسفة، ويمكن القول أن العمل ديوان البشر، فهو الذي يجعلهم يمكثون في هذا البلد أو ذاك أو يقررون الرحيل والهجرة، وهو المحرك لكل التحولات الاجتماعية.
والعمل هو من الأمور النادرة التي تخلق وحدة شعور بين جميع البشر، وهذه الصفة لا تتوفر إلا بالعبادة، ووحدة الشعور هي محط بحث لكل المشتغلين على الفلسفة والعمل الاجتماعي وعلم الاقتصاد، وقد تحدث كارل ماركس عن وحدة الشعور الكامنة في الدين، كسمة إيجابية ومن سمات الطبقة العاملة في أحد كتبه التي أخفتها الحقبة الستالينية، واستشهد في ذلك بوحدة الشعور التي يولدها انتظام الصلاة في وقت واحد عند المسلمين وكذلك الحج، وهذا أيضا ينطبق على كل الأديان السماوية، ويشبه في انتظامه سلوك الطبقة العاملة، ولأن العمل يشبه العبادة في إنتاج وحدة الشعور بين الناس، رفع الإسلام من شأنه وجعله في مرتبة أعلى من العبادة، وذلك في القصة المشهورة، عندما دخل النبي محمد عليه الصلاة والسلام المسجد، ووجد شابا يتعبد في غير وقت الصلاة، فسأله من ينفق عليك، فأجاب أخي، فقال له النبي أخوك أعبد منك، وتتفق جميع الأديان حول قيمة العمل وعلى سبيل المثال لا الحصر ورد في الإنجيل: ("إِنَّ إِلهَ السَّمَاءِ يُعْطِينَا النَّجَاحَ، وَنَحْنُ عَبِيدُهُ نَقُومُ وَنَبْنِي" سفر نحميا 2: 20)، وقد ربط النجاح والعطاء الإلهي بالعمل والبناء.
العامل في مهنة ما في أي بلد من البلدان، يمتلك نفس الشعور الذي يمتلكه كل العاملين في مثل هذه المهنة على وجه الأرض، فالكل يستيقظ بذات التوقيت، ويتوجهون إلى عملهم بوقت واحد، ويبذلون ذات الجهد، ويشعرون بذات الألم ويبذلون جهدا واحدا، ويمتلكون أحاسيس ومشاعر متشابهة حيال مهنتهم، لا بل يعيشون نفس القلق عندما تكون مهنتهم مهددة أو عند الوقوع تحت رحمة البطالة.
والعمل هو محرك المجتمعات والمتحكم بجميع التحولات، وهو الذي نقل البشرية من مرحلة المشاع والتبادل إلى حقبة العبودية فالإقطاع وتاليا الرأسمالية، وحتى الرأسمالية تعرف قيمة العمل وتقدره، وهي حينما تقدم العديد من التنازلات للطبقة العاملة، فهي تدرك أنها تقدم ذلك من أجل بقائها، بينما يدور الصراع على فائض القيمة وطرق توزيع الأرباح، في إطار قطاع الخدمات، وتنظيم قوانين الضرائب وهذا ما يميز نظام اجتماعي عن أخر.
والعمل بالنسبة للإنسان هو الهوية التي لا تتغير، وهي لغته للتواصل مع الناس والمجتمعات الجديدة، فمن الممكن أن يهاجر الإنسان من بلد لأخر ويبدل جنسية بأخرى، لتكون جنسيته الدائمة هي عمله، وهي السبيل لتحقيق الحضور في أي مجتمع، وهو أنجع وأسلم الطرق نحو الاندماج، في المجتمعات التي يتعايش فيها أناس ينحدرون من عدة بلدان وثقافات، حيث تصبح الثقافة الأولى الجامعة للناس هي ثقافة العمل.
وتتنوع أنماط العمل تبعا لثقافة الإنسان ورقي المجتمعات، ومن أهم أنماط العمل هو العمل التطوعي في المجال الإنساني، والعالم مليء بالجنود المجهولين الذين يقدمون العون للإنسان دون انتظار الشهرة، ليكون أساس العمل هو العمل النافع للناس مع نيل أجر مجز على ذلك، وهنا يخرج من مفهوم العمل كل عمل من شأنه أن يضر بالناس، فالأمر لا يتعلق بجمع المال بأي وسيلة كانت، مع مشروعية جمع المال والكسب، ولكن ضمن حدود عدم الإضرار بالناس.
مصطفى قاعود – كاتب وباحث فلسطيني في السويد

Alkompis Communication AB 559169-6140 © 2024.