المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس عن رأي الكومبس
الكومبس – مقالات الرأي: تُعرَف العنصرية عادةً بأنها التحيز أو التمييز والعداء ضد شخص أو مجموعة من عرق اخر استناداً على الاعتقاد بأن عرق من يعتقد بذلك أعلى شأناً ومنزلةً من بقية الأعراق. ولكن أن يكون الإنسان عنصرياً ضد عرقه فهذا أمر عصيٌ على الفهم!
كثيراً ما نقرأ في تعليقات ومشاركات بعض “الفيسبوكيين” العرب في السويد عبارات عنصرية فيها من الكراهية والاستعلاء على الذات الجمعية الشيء الكثير. تحدث جريمة هنا أو هناك في السويد فيسارع احدهم لالقاء اللوم على العرب وبشكل قطعي على الرغم من عدم ذكر جنسية أو خلفية القاتل في الخبر أو حتى قبل القبض عليه وقبل أن تعرف الشرطة اي معلومة عنه أحياناً. مما يدفعك للظن في أول الامر بأن من تسمعه أو تقرأ تعليقه ليس عربياً او مهاجراً بل سويدي من التيار اليميني المتطرف في السويد تحديداً، “أباً عن جد”.
يتم نشر خبر عن إساءة ضد مهاجر فيسارع أحدهم لإلقاء اللوم على المهاجر مباشرةً وإيجاد المبررات لهذه الإساءة إن كان من قام بالاساءة سويدياً كما حدث عند نشر خبر اعتداء أحد سائقي الباصات بالضرب على طالب لجوء و هو تصرف حتى التيار اليميني المعارض للمهاجرين في السويد لا يستطيع تبريره إن أراد ذلك.
تدفعك هذه المواقف للذهول: هل اصبح من الطبيعي ان يتم الاعتداء بالضرب على من لا يلتزم بالقوانين أو يخالفها من المهاجرين هذا إن كان من يتعرض للضرب مخالفاُ بالأساس!
ووصل الامر بالبعض لسياسة كم الافواه و كانه يقول “انت كمهاجر لا يحق لك التعبير عن رأيك” و كانه من احفاد الفايكنغ مثلاً و ليس مهاجراً سواءً أكان من المهاجرين الجدد أم القدامى أو حتى من أبناء الجيل الأول أو الثاني. حتى أن البعض أصبح يدعو من يحمل فكرا مخالفاً للمغادرة بقول ” يللي ما عاجبو يرجع على بلده” و كانه وكيل “طرد” تم تعيينه من قبل الحكومة السويدية.
هل يعتقد هؤلاء بانهم بقبولهم وتبنيهم نظرة الاخر (العنصري تحديداً) والتي تضعهم في إطار عنصري معين يساهم في انسلاخهم عن ذواتهم التي ربما قد ضحوا بها؟ ام ان ذلك فقط نوع من انواع جلد الذات و المازوشية الفكرية؟ ام وسيلة لتعزيز الشعور بالانتماء للمجتمع السويدي الذي يرفض اصلا بمعظمه فكرة الانصهار هذه وإنما ما يركز عليه هو الاندماج مع الحفاظ على الخصائص الثقافية لكل مكوّن من مكونات المجتمع؟
يدفعك ذلك أيضاً للتأمل في حجم الرواسب التي وضعتها الانظمة القمعية فينا حتى أصبح بعضنا لا يستطيع أو لا يرغب بالتخلص منها على الرغم من أنه يعيش أحياناً منذ سنوات طويلة في بلد لديه من العدل و المساواة وسلطة القانون أكثر بكثير مما لدى الدول العربية مجتمعة.
اتسائل: هل تعود اسباب هذه الظاهرة لسنوات الاضطهاد الفكري التي عانت منه شعوبنا على مدى قرون فتجدنا وبشكل عفوي نقوم بالأمر نفسه على أنفسنا؟
رشيد الهندي
يونشوبينغ- السويد
المقالات تعبر عن رأي كتابها وليس بالضرورة عن الكومبس