المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس عن رأي الكومبس
مقالات الرأي: بحكم عملي كمدّرسة في المدارس الابتدائية، قابلت الكثير من النساء والأطفال والرجال المعنفين، من قبل أطراف مختلفة. وغالبا ما يتم التبليغ عن تلك الحالات من أجل توفير المساعدة للمتضررين. لكن أكثر ما يثير التساؤلات هو رفض البعض من النساء، قبول المساعدة خوفا من موروثات اجتماعية، وأحكام مكتسبة من مجتمعات تؤيد العنف.
ومن أشكال العنف أيضا، العنف اللفظي والذي يكون من خلال شتم المرأة بألفاظ بذيئة، أو إحراجها أمام الآخرين، أو السخرية منها بطرق مختلفة.
لكن متى يبدأ العنف وما هي أولى علاماته؟ ولماذا لا نوقف تلك الحالة في بدايتها؟ ولماذا يستلذ المجتمع كما المرأة في لعب دور الضحية؟
نقرأ كثيرا إحصاءات ودراسات تعطينا صور نمطية عن حالات العنف خصوصا ضد المرأة. تلك الاحصاءات والبرامج والمقالات التي تنشر في وسائل الاعلام تُظهر الرجل بصورة “المذنب الوحيد” في قضية التعنيف في المجتمع.
أعتقد أن العنف ضد المرأة هو جزء من المنظومة الاجتماعية والثقافية وطبيعة العلاقات المجتمعية التي يشترك بها الاثنان الرجل والمرأة وبالتالي أن أي محاولة للحد من هذا العنف لابد أن يشمل المرأة أيضا.
الدليل على هذا هو أن هناك الكثير من النساء اللواتي يلتزمن الصمت الكامل من اجل “الحفاظ” على العائلة وعدم اشهار ما يحدث داخل البيت.
كل هذه الانواع من المعالجات الذاتية كالصمت وتجاهل حجم المشكلة واضرارها على العائلة والفرد تزيد من حالات العنف وتكراره
كما يوجد العديد من النساء اللواتي يتسترن على العنف ضد اطفالهن لأسباب عديدة منها الخوف من المجهول “وتشتت” العائلة في حالة الانفصال.
كل هذه الانواع من المعالجات الذاتية كالصمت وتجاهل حجم المشكلة واضرارها على العائلة والفرد تزيد من حالات العنف وتكرارها وإن دل هذا على شيء فهو يدل على أن ممارسة العنف مشكلة أعمق بكثير من ان يقوم شخص ما بممارسة العنف ضد الآخر بل هو جزء من منظومة متكاملة الرجل أحد أطرافها.
عندما نشتكي من حالة معينة في المجتمع لا يكفي التذمر وإلقاء اللوم على طرف واحد واتخاذ دور الضحية المجني عليه، بل لابد التركيز على جوانب أخرى كرفع مستوى الوعي لكافة افراد المجتمع.
من الضروري من وجهة نظري، أن تركز التوعية الأسرية وطريقة تربية الأطفال، على عدم التمييز بين الجنسين في التربية
لابد من تشريع القوانين التي تقضي على ظاهرة العنف عموما والمرأة خصوصا، ويمكن لوسائل الاعلام أن تلعب دورا ايجابيا لصالح هذه القضية وأيضا من الضروري من وجهة نظري، أن تركز التوعية الأسرية وطريقة تربية الأطفال، على عدم التمييز بين الجنسين في التربية.
ومن الممكن التصدّي لظاهرة العنف ضد المرأة بطرق مختلفة منها الوقاية عبر المناهج الدراسية التي يجب أن تضمّ برامج للتعريف بالعنف والتوعية لرفضه. ولا ننسى هنا دور منظمات المجتمع المدني التي تساعد الدولة والمجتمع في مكافحة هذه الظاهرة.
الحالة الاقتصادية ايضا عامل مهم لتقوية المرأة ودورها في المجتمع، وأيضا المساواة بين الرجل والمرأة وتعزيز العلاقات المبنية على الاحترام كحق انساني لكلا الطرفين.
المرأة جزء مهم من كل هذه الامور المطروحة اعلاه فمعالجة قضية العنف لا تقتصر على التركيز فقط على الرجل بل المشكلة تتعلق بمنظومة كاملة فيها أطراف معنية كثيرة لها تأثيرها على ايجاد حلول فعالة لهذه الظاهرة.
ميساء ناجي لازم