الماء في الزجاجات الملونة يبقى ماء

: 3/30/24, 6:22 AM
Updated: 3/30/24, 6:23 AM
الماء في الزجاجات الملونة يبقى ماء

المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس عن رأي الكومبس

الكومبس – رأي: منذ بضعة أيام، شاهدت مقطع فيديو معبر، ترك انطباعًا عميقاً في نفسي. المقطع عبارة عن محادثة بين صديقين، تتمحور حول تجربة بسيطة ولكنها ثاقبة للغاية.

جرى التبادل على النحو التالي: سأل الصديق الأول: “ماذا ترى عندما تصب الماء في عدة زجاجات بألوان مختلفة – زجاجة خضراء، وزجاجة زرقاء، وزجاجة بيضاء، وزجاجة بنية؟”
فأجاب الصديق الثاني: أرى السائل يأخذ لون الزجاجة. ثم جاء السؤال الثاني: وما طعم الماء من كل هذه الزجاجات؟ وبعد أن تذوق الماء من كل منهما، قال الصديق: “إنهما نفس الطعم”.
ثم شارك الصديق الأول ملاحظة قوية: “هذا هو الحال بالنسبة لنا كبشر. جوهرنا هو نفسه، ونحن نعيش تجارب مختلفة بناءً على أجسادنا المادية. الإنسانية واحدة.”

هذا الحوار البسيط يلخص فكرة عميقة الحقيقة حول جوهر الوجود الإنساني والوحدة التي تربطنا جميعا، على الرغم من التنوع الواضح الذي يميز عالمنا المادي. إنه بمثابة استعارة لوحدة العنصر البشري، وهو المبدأ الذي، على الرغم من تجاهله في كثير من الأحيان، أساسي لتقدم مجتمعنا العالمي وانسجامه.

نحن جميعا متشابهون. فكما أن الماء يبقى دون تغيير في جوهره، بغض النظر عن لون الزجاجة التي يملأها، فإننا أيضًا نحتفظ بصفاتنا الإنسانية الجوهرية، بغض النظر عن الاختلافات الجسدية التي تميزنا. إن إنسانيتنا المشتركة هي رابطة تتجاوز الانقسامات السطحية للعرق والجنسية والعقيدة، وتذكرنا بأننا جميعًا قطرات من نفس المحيط، وأشعة من نفس الشمس، وأزهار من نفس الحديقة.

الزجاجات في التجربة – الأخضر والأزرق والأبيض والبني – وتوحيد طعم الماء بمثابة استعارة جميلة للتنوع البشري والوحدة. إن تنوع تجارب الإنسان وثقافاته ولغاته وتقاليده ليس سبباً للانقسام، بل هو مصدر إثراء وقوة وجمال. ومن خلال احتضان اختلافاتنا والتعلم من بعضنا البعض، يمكننا خلق عالم أكثر حيوية وشمولا وتعاطفا. ينبغي الاحتفاء بالتنوع باعتباره تعبيراً عن الإبداع اللامحدود الذي يميز روحنا الإنسانية الجماعية.
إن العيش بمبدأ الوحدة ، و إن فهم واستيعاب مبدأ وحدة الإنسانية أصبح أكثر أهمية اليوم من أي وقت مضى. في عالم يتسم بالانقسام والصراع وسوء الفهم، فإن الاعتراف بوحدتنا الأساسية هو الخطوة الأولى نحو بناء جسور الحب والتعاون.

إنه يتحدانا أن ننظر إلى ما هو أبعد من تصوراتنا المسبقة وتحيزاتنا، وأن نرى الإنسانية في الآخرين، وأن نعامل جميع الناس بلطف واحترام وكرامة. إن استعارة المياه في الزجاجات الملونة هي دعوة للعمل. ويحثنا على التفكير في مواقفنا تجاه الآخرين، والتشكيك في أسس التحيز والتمييز، والعمل بجد من أجل تعزيز الشعور بالوحدة والتضامن بين جميع الناس. يتم تشجيعنا على تقدير التنوع الذي يحيط بنا، ليس كحاجز، ولكن كوسيلة لإثراء فهمنا وتجربتنا للعالم.

إن وحدة الإنسانية وجمال التنوع ليست مجرد مُثُل نطمح إليها؛ إنها حقائق يجب الاعتراف بها ومبادئ يجب العيش بها. فكما أن الماء يظل نقيًا وغير متغير، بغض النظر عن لون إناءه، كذلك تظل إنسانيتنا المشتركة سليمة، بغض النظر عن اختلافاتنا الخارجية. ومن خلال احتضان وحدتنا والاحتفال بتنوعنا، يمكننا تمهيد الطريق لعالم أكثر سلاماً وعدلاً وازدهارا للجميع.

د. زياد الخطيب

Alkompis Communication AB 559169-6140 © 2024.