المجتمع السويدي يفرز وزراء وليس فقط موسيقيين ورياضيين من خلفيات مهاجرة

: 10/4/14, 4:49 PM
Updated: 10/4/14, 4:49 PM
المجتمع السويدي يفرز وزراء وليس فقط موسيقيين ورياضيين من خلفيات مهاجرة

المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس عن رأي الكومبس

الكومبس – منبر: من الضروري أن نؤكد في كل مرة على أن تعليقات الفيسبوك على خبر ما، ليست مقياسا دقيقا للرأي العام على ردود الفعل حيال هذا الخبر أو على أي مادة أخرى مثيرة للجدل، ولكن بعض التعليقات التي تنال كمية كبيرة من إشارات الإعجاب “لايك” لا بد أن تثير الاهتمام، لأنها على الأقل يمكن أن تعطي دلالة ما، على وجود رأي مشترك بين مجموعة لا بأس بها، من رواد هذا الملتقى الافتراضي الأضخم على وجه الأرض والمسمى فيسبوك.

الكومبس – منبر: من الضروري أن نؤكد في كل مرة على أن تعليقات الفيسبوك على خبر ما، ليست مقياسا دقيقا للرأي العام على ردود الفعل حيال هذا الخبر أو على أي مادة أخرى مثيرة للجدل، ولكن بعض التعليقات التي تنال كمية كبيرة من إشارات الإعجاب “لايك” لا بد أن تثير الاهتمام، لأنها على الأقل يمكن أن تعطي دلالة ما، على وجود رأي مشترك بين مجموعة لا بأس بها، من رواد هذا الملتقى الافتراضي الأضخم على وجه الأرض والمسمى فيسبوك.
مناسبة الحديث هو تعليق من أحد القراء على خبر وجود مجموعة من المولودين خارج السويد بين الوزراء السويديين في وزراه ستيفان لوفين الجديدة، والمشكلة ليست بمحتوى التعليق الذي يعبر بالنهاية عن رأي كاتبه، بل بعدد “اللايكات” التي نالها على الرغم من سلبيته.
صاحب التعليق يقول بالحرف: “أتمنى كل الحكومة السويدية تتشكل من الشعب السويدي ذات الأصول السويدية لان الشعب السويدي شعب يعرف الحق او شعب طيب او شعب إنساني نتمنى من الأجانب لا يتدخلون بالشؤون الحكومية”
الغريب أن هذا التعليق الذي يجب أن يصنف بكل المقاييس على أنه تعليق عنصري بحت، قد لاقى إلى الآن 16 إعجاب، أي أنه قد حقق أعلى نسبة “لايكات” بين التعليقات الأخرى على نفس الخبر.
فيما جاءت تعليقات إيجابية خجولة، في بلد يعتز بديمقراطيته وبالمساوة بين مواطنيه وبمنح الفرص للجميع، ليس كما تريد بعض الأحزاب اليمينة أو التيارات العنصرية، والتي ترى في الأجانب مجرد قوة عاملة لخدمة السويديين، وفي بعض الحالات السماح لهم بالمشاركة في الفرق الموسيقية والرياضية، للتسلية وجلب الميداليات
ولأننا لا نريد الغوص بتحليل سبب كراهية الأجانب لبعضهم البعض أو عدم ثقتهم إلا بالسويدي “الأصلي” ولأننا نريد أن نترك شان وضع هذه الظاهرة في إحدى العيادات النفسية أو سيكولوجية لمعالجة أسبابها وجذورها وفروعها، سنكتفي فقط بعرضها وابرازها كما هي، أي أننا سنحاول تقديم ظاهرة عدم قبول المهاجر للمهاجر الآخر وكراهيته له في بعض الأحيان أمام المتلقي حتى يحكم بنفسه ويفكر قبل أن يضع إعجابه، غالي الثمن، على عبارات تحتاج إلى إعادة تفكير من قبل من يكتبها
طبعا نحن في الكومبس، نحترم كل الآراء والأفكار، بل نشجع على أن يشارك كل شخص بتقاسم ما يشعر أو يفكر به مع الآخرين بكل حرية وأريحية، والكومبس لم ولن تحذف مثل هذه التعليقات طالما أنها تعليقات تستخدم لغة بعيدة عن التجريح والقذف والسب والتحريض أو الكراهية.
إن مجرد التفكير بأن كل سويدي ولأنه سويدي بالعرق والأصل هو أفضل من غيره ومميز عن أفراد المجتمع الآخرين، هو دخول مباشر إلى المشاركة في فكر وايديولوجيات الأحزاب والتنظيمات النازية والعنصرية، التي تقسم البشرية حسب أنواع وفئات معينة، فما بالك عندما يكون أصحاب هذا التفكير هم أنفسهم أجانب أي أنهم الضحايا المفترضين لهذا الفكر
لقد ناضلت البشرية والسويد طويلا لكي تتخلص من الأفكار العنصرية وتفتخر السويد اليوم بنظام دولتها المعتمد على المساوة بين المواطنين، فيما قدم ويقدم الأجانب مساهمات رائعة في بناء السويد الحالية بنموذجها الراقي الذي يحتذى به بين الأمم
وليس هناك من شك على الإطلاق بقدرات وكفاءات هؤلاء الوزراء الجدد المولودين خارج السويد، فقبل أن نحكم عليهم من خلال لون شعرهم أو جلدهم، لننظر إلى سيرهم الذاتية وإلى ما قدموه في حياتهم لكي يصلوا إلى هذا المركز، ولننظر إلى ما سيقدمونه أيضا.
كان من الأجدر أن يفتخر كل أجنبي بما حققوه هؤلاء الوزراء، وينظر إلى مستقبل أولاده في هذا البلد من خلال هذا المنظور المعتمد على تكافئ الفرص أمام الجميع، وبعيون الأمل والتفاؤل باحتمالات وصولهم إلى أعلى المراتب في المجتمع
المعترضون على رؤية وزارة سويدية بعد ألوان، يقبلون بدعوات العنصريون إلى أن تكون السويد بلون واحد فقط، أي أن السويد للسويديين. صعود وزراء من كل فئات المجتمع هو ظاهرة طبيعية لمجتمع متعدد الثقافات، لمجتمع صحي غير مريض بأي آفة اجتماعية أو سياسية، خاصة آفة الطائفية والعنصرية التي لا تزال تعاني منها مجتمعات أخرى.
هناك من يعتقد أن تصرفات بعض الأجانب المسيئة تساعد على تنامي العنصرية لان الأحزاب اليمينية المتطرفة تستغل هذه التصرفات لوضع كل الأجانب في قائمة الفاشلين وغير المندمجين في المجتمع والغاية هي دائما اثبات التفوق العنصري لجنس على آخر
الآن هناك أجانب وصلوا لمرتبة وزراء ليس لأنهم أجانب بل لأنهم جديرون بهذه المناصب، ماذا سيقول العنصريون؟ المفارقة أن الجواب جاء من وسط الأجانب أنفسهم: نتمنى أن تتركوا السياسة للسويديين لأنهم متفوقون وطيبون ومحترمون، ونحن اخترنا لأنفسنا أن نكون دائما في مراتب المواطنة الدنيا لأننا لسنا مثلهم لا شعر أشقر لنا ولا بشرة بيضاء…
للأسف أحيانا تشارك الضحية في شحذ سياط جلاديها
د. محمود صالح آغا
رئيس تحرير شبكة الكومبس

Alkompis Communication AB 559169-6140 © 2024.