المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس عن رأي الكومبس
منبر الكومبس: من خلال إلقاء نظرة سريعة على التعليقات والردود التي يكتبها قراء الكومبس على صفحتنا في الفيسبوك، نلاحظ أن عددا من التعليقات تدور بشكل أو بآخر حول هذا التساؤل: “أخباركم كلها عن الهجرة واللجوء؟
ومع أن هذا ليس دقيقا، يمكن لمن لديه انصاف وقليل من الوقت ان يراجع مواد الكومبس ليرى انها متنوعة بشكل يتناسب مع أولويات واهتمامات المتابعين.
من فترة كتبنا خبرا رياضيّا علق عليه البعض بالشكل التالي: الأفضل أن تكتبوا عن اوضاع الهجرة واللجوء من أن تشغلونا بمثل هذه الأخبار… وهذا دليل على رغبة البعض بمشاهدة مواد يريدون ان نفصلها على مقاس رغباتهم وليس لديهم الرغبة بمتابعة ما يدور حولهم.
أهمية موضوع الهجرة واللجوء لا تقتصر على ضرورة أن يعرف المعنيين بهذا الموضوع عن المستجدات والمعلومات ليستفيدوا منها، هذا الموضوع يهم كل المجتمع، لأنه يؤثر على الجميع وعلى اغلب مرافق الحياة اليومية التي نعيشها.
عندما كان سيمون السوري يقود سيارته بإحدى بلدات مقاطعة سكونه قبل يومين، شاهد منظرا رهيبا لم يشاهد مثله طوال حياته على مدار 30 سنة قضاها في السويد، شاهد عائلة مؤلفة من أم واب و4 أطفال على قارعة الطريق، وصراخ الأطفال يخترق صمت الليل الهادئ في هذه البلدة، لكن هذا الصراخ لم يستطع أن يوقظ ضمير أحد في مصلحة الهجرة أو المؤسسات الأخرى لتأمين مأوى لهذه العائلة، اصطحب سيمون العائلة إلى بيته وفي الصباح ذهب بهم إلى مركز الهجرة، وكان جواب الموظفين هناك صادما لهذا الرجل الذي ترعرع ونشأ في السويد، ولا يقل رهبة عن منظر العائلة المشردة الذي شاهده في شوارع بلدته ليلا، جواب الموظفين: “لا نملك المساكن في كل السويد طولها وعرضها، ويمكن لهذه العائلة ان تستمر في البقاء على قارعة الطريق”.
هذا ما أكده أيضا عمر رب العائلة المشردة والذي تكلم مع الكومبس هو وسيمون. انتقاد مصلحة الهجرة هنا، على هذه الحادثة وعلى حوادث أخرى مشابهة، ليس موضوع المقال، لأن هذه الدائرة عملت وتعمل بكل طاقتها، ولأنها بالنهاية تنفذ سياسات تضعها الحكومة والبرلمان، ولكن هذه الحوادث لم تأتي من فراغ، وسبقها تحذيرات من رئيس الوزراء ووزير الهجرة، بأن السويد لم تعد قادرة على استقبال المزيد.
ولكن هذه القصة وما تعنيه من خلل وربما اهتزاز كامل لمنظومة الحياة الاجتماعية في السويد، تقلق السياسيين وأوساط المجتمع والصحافة بشكل كبير، لأن هذا الخلل أو الاهتزاز يمكن أن يتحول إلى كارثة اجتماعية تعجز عن ضبطها السلطات الاجتماعية والامنية التي من صلاحياتها تأمين الأمن والأمان للناس.
أن تبيت عائلة مع أطفالها في الشارع ونحن في شتاء نهاية شهر تشرين الثاني وفي السويد ومع علم السلطات، أمر يعني الكثير، ومؤشر له دلالته، فلا يتصور أن من يملك الدفء والطعام له ولأطفاله يمكن أن ينام وهو مرتاح البال والضمير ويعرف أن عوائل في شوارع بلدته تفترش الأرض هي وأطفالها.
لعل ذلك ما يقلق وسائل الاعلام السويدية ومنها الكومبس، التي تتابع مواضيع الهجرة واللجوء لانها المواضيع الأهم بالنسبة للمجتمع الآن. ولأنها مرتبطة بسياسة واقتصاد وأمن المجتمع.
لذلك نرجو المعذرة ممن ينزعجون عندما يلاحظون أن أخبار الهجرة واللجوء هي الطاغية على صفحات الكومبس هذه الأيام.
الكومبس
Fotograf: Tomislav Stjepic