المغترب… مخلوق آخر

: 10/26/17, 3:11 PM
Updated: 10/26/17, 3:11 PM
المغترب… مخلوق آخر

المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس عن رأي الكومبس

الكومبس مقالات: لا نستطيع اعتباره كإنسان طبيعي، يعيش أياماً اعتيادية، بروتينٍ منتظم، يبني ذكريات متسلسلة. بإيقاعٍ واضح ومنطقي

المغترب كائن خاص. وقع في شِباك الاغتراب، وغاص في أعماق المجتمع الجديد، تائهاً في دوامة الحياة الجديدة، تراه يوماً متفائلاً. مندفعاً، يذلل الصعاب، وطوراً آخراً، متعباً، منهكاً، من كثرة الهموم والعقبات..

يبكي ماضيه بشوقٍ وحرقة…وينتقده انتقاداً لاذعاً متهكماً على أخطائه وتخلّفه في ذات الوقت.. ينظر الى المستقبل بسرورٍ واطمئنان.. لينقلب بعد وقت قصير فقط.. قصيرٍ فقط…لغمّةٍ هائلةٍ تُثقل كاهليه. وتزيد هماً الى همومه الكثيرة.. تتغير أحواله لتتناسب مع مجتمعه الجديد…

لكن القلب والهوى يبقى دائماً هناك…في بلده.. بيته.. طفولته وذكرياته.. لا يستطيع التوقف يوماً عن التفكير فيهم. ولا ينفك أن يتذكر ويستذكر. كل صغيرة وكبيرة. كل الوجوه والتفاصيل التي تتدافع وتتراقص أمام صباحه البارد الخالي من دفء الوطن وحنان الأهل والاحباب..

المغترب.. وبعد مرور السنين. وكثرة البعد والحنين.. يتحول لشخص متبلدٍ.. بارد. بوجه خالي من المشاعر والتعبير.. استنفذ كل طاقته في اجترار الماضي وتذكر تفاصيله.. إنساناً آخر. بمتطلبات جديدة فرضتها عليه حياة الاغتراب التي تقف دائماً عائقاً شائكاً وحِصناً منيعاً أمام قرار عودته الى وطنه..

المغترب.. عالق بين خيارين أحلاهُما مرٌّ.. فهو لا يستطيع الذوبان مع الحياة الجديدة. ليستريح من عبء الماضي. لا يقدر. ولا يريد.. ولكنه أيضاً لا يقوى على قرار العودة.. لنجده في نهاية الامر يعيش بمجتمعٍ خاص…صنيعته هو. لا هو مندمج ولا هو منعزل.. لا منقطعٌ عن بلده ولا هو متصل.. كائنٌ فريدٌ.. مُقيدٌ بأصفاد الماضي وسلاسل الحاضر …يعيش في برزخٍ منيع…بمستقبلٍ مجهول.. بقلبٍ متمزقٍ.. وروح مشرّدة. بين حياة ماضية…وواقعٍ مفروض.. ودمتم برعاية الله

ميس_بازرباشي

Alkompis Communication AB 559169-6140 © 2024.