المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس عن رأي الكومبس
الكومبس – مقالات الرأي: عندما انفجرت أحداث ما يطلق عليه “الربيع العربي” في العام 2011، كانت إحدى تداعياتها الأخطر، هي موجات اللاجئين الهاربين من جحيم الحرب في بلدانهم، حيث أصاب طوفان اللاجئين هذا الكثير من الدول، وخاصة الدول الأوروبية، أملا في حياة آمنة.
وبالفعل استضافت أغلب الدول الأوروبية ملايين اللاجئين العرب، وغيرهم، ممن يبحثون عن مأوى، وحياة آمنة، لكنه وعلى الرغم من توفير الحد المعقول الذي يؤمن الحفاظ على كرامة وحقوق اللاجئين عامة والنساء بشكل خاص، إلا أننا لا نستطيع إنكار الصعوبات التي واجهتها الكثير من النساء العربيات بالنسبة للتأقلم والاندماج في المجتمعات الغربية وذلك لأسباب ثقافية تتعلق بالعادات والتقاليد الموروثة ، حيث أن هؤلاء النسوة، ظللن يعانين من عدم المساواة بين الجنسين، التي رافقت الرجل الشرقي، على مدى عقود طويلة من الزمن، وهو ما يفسر بنظر الكثير من المهتمين، ارتفاع حالات الطلاق في صفوف اللاجئين، لا سيما وأن المجتمعات الغربية تعطي المرأة هامشاً أوسع من الحرية، قد لا يكون متوفراً في بلادها، وتؤمن لها الحماية من التعنيف والاضطهاد، ناهيك عن حالات الزواج الكثيرة من جنسيات أوروبية، التي كان أبطالها رجال عرب، تنكروا لمؤسسة الأسرة في ظل الانفتاح الذي يوفره المجتمع الغربي.
زد على ذلك ما تواجه اللاجئات العربيات من تحديات هائلة في سبيل سعيهن للحصول على فرصة عمل مناسبة في البلدان المضيفة، حيث يعتمد الكثير منهن على المساعدات الإنسانية لتلبية احتياجاتهن الأساسية، وهذا ما يجعل قدرتهن على التأقلم والاندماج في المجتمعات الغربية أقل من المستوى المطلوب.
وتشير دراسة أوروبية لتوماس ليبيغ، كبير الاقتصاديين في دائرة الهجرة الدولية في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، بدعم من وزارة العمل السويدية نشرت في يوم الخميس (30 أغسطس/ آب الماضي أن هناك تمييزاً تواجهه النساء اللاجئات في البلاد الأوروبية المستضيفة للاجئين مقارنة بالذكور. فالنساء اللاجئات لديهن فرص عمل أقل من الذكور كما أن مشاركتهن في برامج التدريب والتأهيل أقل من الرجال.
ولتفادي المشكلات والتحديات التي تواجهها النساء اللاجئات تقترح الدراسة النموذج المتبع في الدول الإسكندنافية والذي أثبت مرونته ونجاحه، إذ يقوم هذا النموذج بوضع وإعداد البرامج بحسب الطلب والحاجة، كما أنها تستغرق بين عامين إلى 3 أعوام وتشمل دورات اللغة والتعليم والتدريب الداخلي والتدريب على العمل، بالإضافة إلى إعانات الرواتب الحكومية، اعتمادا على الاحتياجات الفردية.
ومع أن الحديث عن هموم ومشاكل اللاجئات العربيات وغيرهن في أوروبا حديث طويل ومتشعب إلا انه لابد من الإشارة هنا إلى أهمية تلبية الاحتياجات المحددة للنساء للوصول بهن الى اندماج في المجتمعات الجديدة، بما يمكنهم ليس الاعتماد على أنفسهن فقط وإنما المساهمة في الحياة الاجتماعية والثقافية والاقتصادية في الدول التي لجأن إليها، خاصة وأن النسبة الأكبر من اللاجئين هي من النساء والأطفال، وهذه النسبة لا يجوز تهميشها، بل يجب دعمها وتمكينها للوصول إلى حالة من الاندماج الإيجابي بين اللاجئين والمجتمعات المضيفة، بما سينعكس إيجابا على اللاجئين والدول المضيفة على السواء.
خولة بدر