المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس عن رأي الكومبس
لم يعد بمقدور اليمنيين تحمل تبعات الصراع كما لم يعد بمقدور العالم غض البصر عن مآسيه
لم تنجح المحاولات المستمرة من المجتمع الدولي لإطلاق عملية سلام حقيقية في اليمن، رغم الجهود التي بذلتها الأمم المتحدة وتبذلها حالياً بالتزامن مع جهود أميركية عينت لها واشنطن مبعوثاً خاصاً إلى هذا البلد يحاول الى جانب المبعوث الخاص للأمم المتحدة السويدي هانس غروندبيري الإمساك بطرف خيط يقود إلى وقف الحرب وبدء عملية سلام منشودة من العالم والإقليم. لكن فيما يبدو حتى الآن لاتزال الأطراف المحلية المتصارعة تراهن على الحرب والسلاح في مسعى كل طرف للسيطرة على البلاد وتحقيق أهدافه وهو ما يترجم على الأرض تصعيداً عسكرياً زاد كثيراً في الشهرين الأخيرين وهو ما يفاقم بالتالي معاناة الناس في بلد يشهد أسوأ أزمة إنسانية في العالم بتصنيف الأمم المتحدة.
ومع انقضاء سبع سنوات من الحرب المستمرة بين طرفين رئيسيين؛ هما الحكومة الشرعية المعترف بها دولياً والمدعومة من التحالف الذي تقوده السعودية، والحوثيون المدعومون من إيران، عجز الطرفان طوال سنوات الصراع والاقتتال عن حسم المعركة كما عجزا عن تحقيق السلام عن طريق التفاوض ويرفضان الجلوس إلى مائدة حوار لإيجاد حل لهذا الصراع الذي لم يعد بمقدور اليمنيين تحمل تبعاته، كما لم يعد بمقدور العالم تحمل مآسيه أو غض الطرف عنها.
ومع حالة التصعيد وعجز الأطراف عن الالتقاء للبحث عن تسوية ما للصراع، بدأت تبرز على الساحة اليمنية قوى جديدة يبدو أنها في طريقها لتجاوز القوى التقليدية.
هذا الأسبوع عقدت قيادات في المجلس الانتقالي الجنوبي الذي يطالب بالانفصال عن الشمال وممثلين عن المجلس السياسي للمقاومة الوطنية (شمال) اجتماعاً مغلقاً في مدينة عدن جنوبي اليمن لتنسيق المواقف وبحث سبل التعاون الممكنة بين الجانبين فيما يتعلق بالقضايا ذات الاهتمام المشترك، وأولها توحيد الصفوف لمواجهة الحوثيين، حسب مواقع تابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي وقوات حراس الجمهورية بقيادة طارق صالح.
وفي الاجتماع ناقش الجانبان الجهود المشتركة لدعم وتيسير مهمة المبعوث الأممي إلى اليمن السويدي هانس غروندبيري ودعمه في مهامه الهادفة إلى وقف شامل لإطلاق النار في اليمن والتوصل إلى تسوية سياسية شاملة تشارك فيها جميع الأطراف الفاعلة في اليمن.
ووفق مراقبين للشأن اليمني، فقد أسهمت الضربات الموجعة التي تلقتها مؤخراً الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً وخسارتها مساحات واسعة في محافظتي شبوة ومأرب لصالح الحوثيين في تعزيز ثقة دول التحالف العربي، وبعض الأطراف الدولية الفاعلة، في المجلس الانتقالي الجنوبي وقوات طارق صالح كطرفين فاعلين تمكنا من إلحاق هزائم ميدانية بالحوثيين في أكثر من موقع بينها تحرير محافظة الضالع وسط اليمن ومناطق امتداد جبهات الساحل الغربي في محافظة الحديدة التي تتواجد فيها كذلك قوات ضاربة تابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي.
خيبة أمل
ورغم الدعم الكبير الذي قدمه المجتمع الدولي ودول الاتحاد الأوروبي الذي كان المبعوث الأممي الحالي يرأس فريقها المختص بالشأن اليمني للحكومة الشرعية المعترف بها دولياً على كافة المستويات سياسياً ومالياً ودبلوماسياً فإنها لم تتمكن من استثمار كل هذه الامتيازات وأخفقت طوال السنوات السبع من عمر الحرب الأهلية في اليمن في تحقيق أي تقدم.
ويعزو عدد من السياسيين في اليمن سبب ذلك الى سيطرة قيادات جماعة الإخوان المسلمين على مفاصل الحكومة الشرعية والتفرد بقراراتها، ما أوصل الوضع الى حالة انسداد مع القوى الأخرى الفاعلة.
كما لم تفلح الحكومة اليمنية في وضع حد للانهيار غير المسبوق للعملة الوطنية وتداعياتها المؤلمة على شريحة واسعة من اليمنيين الذين تقول الأمم المتحدة إن أكثر من 70 بالمئة منهم بحاجة ماسّة إلى المساعدات فيما يعيش 30 بالمئة منهم تحت خط الفقر وفي طريقهم إلى منحدر المجاعة.
تغيير المعادلات
حمّلت عدد من الأحزاب السياسية في مدينة مأرب النفطية شمال شرقي اليمن قبل يومين الحكومة اليمنية المسؤولية عن الهزائم العسكرية التي مني بها الجيش الحكومي في مأرب وشبوة والبيضاء، حسب بيان نشرته وسائل إعلام رسمية وأهلية.
وتواجه محافظة مأرب الواقعة شرق اليمن هجمات مكثفة من قبل الحوثيين هي الأشد منذ مطلع العام الحالي في مسعى للجماعة المدعومة من إيران للسيطرة على هذه المحافظة الاستراتيجية الغنية بالغاز والنفط ولكونها آخر معقل للحكومة الشرعية المعترف بها دولياً في شمال البلاد، وتحوي كذلك قيادة وزارة الدفاع وهيئة الأركان العامة.
ويعتقد محللون عسكريون” إن استيلاء الحوثيين على المدينة سيمثل ضربة قاسية لحكومة الرئيس هادي.
وبحسب مصادر محلية فقد سيطر المتمردون الحوثيون المدعومون من إيران الأحد الماضي على معسكر الخنجر الاستراتيجي في محافظة الجوف المحاذية لمأرب؛ الأمر الذي سيمكّن الجماعة من التقدم لقطع الطريق الصحراوي الرابط بين محافظتي حضرموت ومأرب، ما سيضع قوات الجيش الحكومي والمسلحين القبليين المتحالفين معه في حصار مطبق من جميع الجهات.