المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس عن رأي الكومبس
الكومبس – مقالات الرأي: منذ بداية الشهر الفائت امتلأت شوارع مدن الاتحاد الأوربي بصور المرشحين لبرلمان الاتحاد القادم. وجوه وضاءة تعلوها ابتسامات رضية، وكأنها تطالع الناس لتحثهم على التوجه نحو صناديق الاقتراع للتصويت لها. الابتسامة هي الذخيرة الأولى التي يقدمها المرشح لجمهور واسع، تلتبس على البعض منه معالم وطبيعة وإستراتيجية البرلمان الأوربي ومثل ذلك وجوه المرشحين، وآخرون يعرفون جيدا الغاية المرجوة من ذهابهم نحو صناديق الاقتراع وإعطاءهم صوتهم بخيار حر وواثق.
الكومبس – مقالات الرأي: منذ بداية الشهر الفائت امتلأت شوارع مدن الاتحاد الأوربي بصور المرشحين لبرلمان الاتحاد القادم. وجوه وضاءة تعلوها ابتسامات رضية، وكأنها تطالع الناس لتحثهم على التوجه نحو صناديق الاقتراع للتصويت لها. الابتسامة هي الذخيرة الأولى التي يقدمها المرشح لجمهور واسع، تلتبس على البعض منه معالم وطبيعة وإستراتيجية البرلمان الأوربي ومثل ذلك وجوه المرشحين، وآخرون يعرفون جيدا الغاية المرجوة من ذهابهم نحو صناديق الاقتراع وإعطاءهم صوتهم بخيار حر وواثق.
قبل إعلان التشكيل الرسمي للبرلمان الأوربي في عام 1979 كانت هناك جمعية استشارية مكونة من 78 برلماني من أعضاء البرلمانات الوطنية، شكلوا مؤسسة برلمانية لم تكن لها أية سلطة تشريعية.
في عام 1979 ظهر للوجود أول برلمان أوربي منتخب ووضعت قواعد محددة لنظام الانتخابات لولايته مدتها خمس سنوات ثابتة.
البرلمان الأوربي هو مؤسسة منتخبة تتبع الاتحاد الأوربي وتشكل مع مجلس الاتحاد أعلى سلطة تشريعية. يتألف البرلمان الأوربي من 736 عضوا وتعد انتخاباته واحدة من أكبر وأوسع انتخابات ديمقراطية في العالم، يحق التصويت فيها لما يزيد عن 375 مليون ناخب من دول الاتحاد. تجري الانتخابات على وفق طريقة التمثيل النسبي التي عمل وفق قواعدها الانتخابية في عام 1999، وهي قاعدة من قواعد ومبادئ الديمقراطية التمثيلية، حيث يعطي للمجموعات المتنافسة عدد من المقاعد في الهيئة التشريعية مناسبة لعدد الأصوات التي نالتها المجموعة في الانتخابات وبما يتناسب وحجمها في منظومة الاتحاد. والبرلمان الأوربي يمتلك سلطة تشريعية إلا أنه يفتقد قواعد المبادرة التشريعية التي تمتلكها البرلمانات الوطنية للدول الأعضاء.
منذ عام 1979 حدثت الكثير من التحولات في تركيبة وقواعد العمل داخل البرلمان وضمن حدود الاتحاد الأوربي، فقد توسعت عضوية الاتحاد لتتكون من 28 بلدا، وقد ساعدت تركيبة الاتحاد الأوربي ومؤسساته على وضع ترتيبات مناسبة في أغلبها كانت ايجابية وساعدت على اجتياز العديد من المشاكل المستعصية داخل بعض بلدان الاتحاد، وساعدت المنح التي يقدمها لبعض بلدانه ذات المشاكل الاقتصادية على تطوير البنى التحتية وهيكلة الاقتصاد بما يناسب الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي لشعوبها. ولكن بعض التحولات والقواعد والنظم الاتحادية كانت لدى بلدان أخرى في الاتحاد مخيبة للآمال، فارتفعت الاحتجاجات ضد سياسات التقشف الأوربية التي نجم عنها ارتفاع معدلات البطالة والتهميش المجتمعي.
عام 2009 وهي الانتخابات الأخيرة التي أسفرت عن تشكيلة البرلمان الأوربي الحالي، كانت نسبة العزوف عن المشاركة لدى المواطن الأوربي ظاهرة مقلقة، حيث توقفت نسبة التصويت عند حدود 57 %، والبعض من السياسيين والمراقبين يتوقعون أن تكون نسبة الغياب قياسية خلال الانتخابات التي سوف تجري يوم الخامس والعشرين من الشهر الحالي.
هناك الكثير من الأسئلة تثار لدى أبن الشارع الأوربي، وهي أسئلة مقلقة في طبيعتها وغير مشجعة، تشكك بجدوى ذهاب الناخب نحو صناديق الاقتراع. فهل أن العازفين عن التصويت سوف يمثلون القوة السياسية الأكبر؟ وفي هذا الشأن فأن السؤال الذي يدور بين أوساط هؤلاء يتحدد في، لماذا التصويت ولمن؟ فهناك أغلبية صامته سئمت من عدم وجود شفافية ووضوح في طبيعة تركيبة البرلمان الأوربي، وكثيرون يجهلون صلاحيات هذا البرلمان، والبعض يؤشر لانقطاع تام بين الجمهور وبين ممثليهم من البرلمانيين وانعدام التواصل في الكثير من المسائل المتعلقة بالحياة العامة ومنها اليومية.
خلال استطلاع طريف ولكن يحمل الكثير من المعاني المحددة عند الناخب السويدي عن عملية الاقتراع في انتخابات البرلمان الأوربي القادم وحول المرشحين لخوض غماره، أجرت جريدة المترو اليومية الصادرة في العاصمة السويدية يوم 16 من الشهر الحالي استطلاعا شمل ما يقارب 200 شخصا من الرجال والنساء في العاصمة ستوكهولم ومدينتي يتوبوري ومالمو ومن شرائح مجتمعية مختلفة، وكان السؤال الذي وجه لهم مباشر ومباغت:
هل لديك معرفة بالمرشح الذي نعرض عليك صورته؟
جاءت طبيعة استطلاع الرأي على خلفية أن الوجوه ومعرفة الشخص المرشح تعد أحد الأسلحة المهمة لجلب الناخب، ولكن الاستطلاع أظهر مفاجأة غير سارة للكثير من المرشحين، وظهر بأن عدد ضئيل جدا قد تعرف على صورة المرشح وأسمه الأول. فمن بين 200 شخص شملهم الاستطلاع عشوائيا كان هناك فقط 14 شخصا قد تعرف على الاسم الأول لبعض المرشحين السويديين لانتخابات البرلمان الأوربي القادم. وكان الجهل بوجوه هؤلاء القادة ومرشحي الأحزاب، هو السمة البارزة عند المشاركين، ولم تستطع سوى نسبة لا تتجاوز 10% ممن شملهم الاستطلاع الإقرار بعلمهم عن المرشحين أو أوضاعهم وانتماءاتهم السياسية.
مالينا روزين سندستروم وهي محاضرة في قسم العلوم السياسية في جامعة لوند لا تستغرب نتائج الاستطلاع فهي تقول بأنها شاهدت هذه الوجوه فقط في الآونة الأخيرة، مقارنة بالعدد القليل الذي كانت عليه في انتخابات عام 2009، وهي تعتقد أن عدم معرفة المرشح لا يشكل عاملا غير مناسب لعدم انتخابه، وتعتقد أن تأثير ذلك على سلوك الناخب غير مؤكد.
ومن الذين شملهم الاستطلاع كرستينا ينبيرغ وهي من الحزب الاشتراكي الديمقراطي، حيث تشير قائلة، أن الأمر ربما يؤثر على شخصية تتأرجح بين طرفين أو حزبين، وأن التصويت حتما لا يتوجه للحزب الذي لا يتعاطف المرء معه، وهؤلاء الذين في الصور وبوسترات إعلانات المرشحين، هم جميعا من الناشطين السياسيين ومن العاملين في البرلمان أو الحكومات المحلية، وهذا يعني بأن هناك سهولة في التعرف عليهم.
ولكن لاش أدكتسون من الحزب الديمقراطي المسيحي وهو أيضا مرشح في انتخابات البرلمان الأوربي، قد كان المرشح الأفضل بالنسبة لمعرفة الجمهور في استطلاع جريدة المترو، فقد تعرف عليه 125 شخصا من مجموع من شملهم سبر الآراء وهم 200 شخص. حيث يعبر لاش أدكتسون عن ذلك بفرح ظاهر:
أعتقد أن ذلك ممتع جدا، فالسويد بلد صغير، وأن شخصا مثلي عمل لفترة طويلة في التلفزيون يمكن أن يكون معروفا عند الجمهور، ولكن من المستغرب أن العديد من الناس مازالت تتذكرني رغم تركي للعمل في التلفزيون منذ عام 2006 وكنت وقتها اعمل في قناة تلفزيونية صغيرة.
Jag tror på Europa مثل هذه العبارة التي تدلل على الاعتقاد الناجز بأوربا،أوربا موحدة وفاعلة ببرلمان مشترك يسعى لإنجاز العديد من المنافع والتقارب لشعوب أوربا ويعالج أبرز وأعقد المشاكل ويساهم في تطوير البنى الاقتصادية والسياسية والاجتماعية لأعضائه ،ومن هذا الخيار يطرح البعض فكرة الاعتقاد بأوربا ديمقراطية متطورة في سياق الالتزام العام بمعايير نجاح واعدة يترقبونها مع تطور هيئات ومؤسسات الاتحاد الأوربي. هذه العبارة في الغالب تبدو علامة مشتركة للعديد من مرشحي بعض الأحزاب السويدية الذين اختاروها لتكون شعارا مشتركا لحملتهم الدعائية فوضعوها في طرف يافطات صورهم كمحاولة لحث الناخب للتصويت وتذكيره بأهمية أوربا الموحدة.
من الجائر أن مثل تلك العبارة تدفع للتملي والتفكير ولكنها لن تكون حاسمة وتجبر الناخب على الذهاب والمشاركة في التصويت لأصحابها. فالوجوه الرضية الباسمة التي غزت شوارع أوربا بصورها الملونة تستطيع أن تدفع المواطن الأوربي للتمعن بألوانها وتملي سحنات الوجوه الباشة كمقدمة للتعريف الشخصي والجهة الحزبية التي ينتمي لها المرشح.
ولكن يبقى ذلكم السؤال الحائر، كيف للناخب أن يميز ويختار؟
من المنطقي القول إن الصورة أو البوستر الانتخابي لن يكون لوحده كافيا للتقييم مع وجود الأسئلة الأكثر إلحاحا عن الحياة الاقتصادية ومثلها الاجتماعية وأوضاع البلد السياسية ومصالح الطبقات الاجتماعية والهجرة والبطالة والبيئة وغيرها الكثير من المستحقات المجتمعية. ومثل هذه المواضيع تفرض وقائع ومتغيرات كثيرة على حراك الناس ورغباتهم وهواجسهم وتوجهاتهم بطبائعها المتباينة، وبمجموع ترابطها وتشابكها فأنها عوامل حاسمة تدفع المرء لاتخاذ قراره بين المشاركة أو الامتناع. ولكن عسى أن تكون للصورة هذه المرة حكاية وفعل أخر، تجذب الناخب وتطمئن المرشح ليرتفع معها رصيد انتخابات البرلمان الأوربي إلى نسب عالية من التصويت غير التي كانت عليه عام 2009، وليقرر الناخب عندها قبوله ورضاه وتألفه مع تلك الابتسامات الرضية الواعدة. فهل يتحقق مثل هذا؟
فرات الحسين