تعنيف النساء وقتل الأبناء في العراق.. والقانون يصفق للمعنفين

: 5/19/22, 10:01 AM
Updated: 5/19/22, 4:50 PM
تعنيف النساء وقتل الأبناء في العراق.. والقانون يصفق للمعنفين

المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس عن رأي الكومبس

الكومبس – رأي: في شهر فبراير الماضي رفضت المحكمة الاتحادية العراقية الطعن المقدم اليها بخصوص المادة 41 من قانون العقوبات العراقي والتي تنص على:

لا جريمة إذا وقع الفعل استعمالاً لحق مقرر بمقتضى القانون ويعتبر استعمالاً للحق، تأديب الزوج لزوجته وتأديب الآباء والمعلمين ومن في حكمهم الأولاد القصر في حدود ما هو مقرر شرعاً أو قانوناً أو عرفاً”.

كالعادة يتجاهل المشرع العراقي كمية التعنيف الذي تعاني منه المرأة والطفل العراقيين ويعلل رفضه لإلغاء القانون بكلمة “إن التأديب وتقويم المرأة من الإعوجاج هو حق مشروع للرجل”، كما وتم تحديد التقويم بما يناسب الشرع ثم القانون ثم العرف! وبهذه الطريقة هو لا يخالف الدستور الذي نص على أنه “لايجوز سن قانون يتعارض مع الحقوق والحريات الأساسية الواردة في هذا الدستور” باعتبار ان (تأديب الزوجة) هو حق من حقوق الزوج!

السؤال المطروح قبل مناقشة “ما يبيحه الشرع لنعرف ما يبيحه القانون والعرف على التوالي” هو: كيف يتم تحديد إعوجاج المرأة ووجوب تقويمها؟ هل هناك معايير نستطيع الاعتماد عليها وتعميمها على الأزواج والطلب منهم (تقويم نسائهم) اذا خرجن عن هذه المعايير؟

كيف سيتم السيطرة على قانون مطاطي لا يحمل بين طياته أي شروط للتعنيف الجسدي ؟ بل على العكس، فهو قانون يبيح إهانة المرأة والطفل بالاعتماد على معايير مزاجية من قبل الزوج والأب، يقوم تحديدها حسب خلفيته الأسرية وطريقة تربيته والعرف السائد في عشيرته .

نعود الأن إلى رأي الشرع في موضوع ضرب الزوجات، إذ يتفق معظم رجال الدين لجميع المذاهب على أن تعنيف الزوجة جائز لكن في إحدى الفتاوى يقول صاحبها لايجوز ترك أثر أو إحمرار ويقول الآخر بالسواك ويقول ثالث بالريحان وإلى اخره من محاولات تبرير العنف الجسدي ضد المرأة. فيما لم يتطرق أي رجل دين إلى منع العنف الجسدي ضد الزوجة اقتداءاً بالآية (فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ) على سبيل المثال! ونتساءل هنا ما الضرورة من وجود ضرب جسدي إذا كان لازاماً عليه أن يكون رقيقاً؟ وكيف يكون الضرب رقيقاً؟ وما الغاية منه؟

يستند رجال الدين وكتب الفقه بأحلية تعنيف النساء على الآية (واضربوهن) مع قطع مقدمة الآية التي تذكر بالصريح (واللاتي تخافون نشوزهن)، كلمة (تخافون نشوزهن) هو تأكيد أن النشوز لم يقع وإنما الفعل هذا يسبق وقوع جريمة النشوز! هل من العدل معاقبة شخص لمجرد الشك وقبل وقوع الفعل؟ ولماذا يصر رجال الدين على تحريف أحكام القرآن بطريقة مناسبة لعادات وتقاليد المجتمع؟ ولماذا يصرون على ايجاد تصريفات دينية لعادات القبائل؟

علماً أن كلمة النشوز بقاموس اللغة العربية وكما قالت العرب سابقاً (نشزت الارض = علت وارتفعت) ترمز الى التكبر والتعالي فقط وليس إلى أي فعل آخر! فهل من المعقول أن نعاقب بالضرب جميع النساء لمجرد الشك في أنها ستقوم بفعل (يزعج الزوج) ؟

بعيداً عن كون كلمة الضرب جاءت في القرآن في 58 موضع تحتوي على معاني مختلفة أهمها الابتعاد وخلق مسافة (واضربوا في الارض = سافروا) وإلى آخره من المعاني التي لا ترتبط بأي شكل من الاشكال بمعنى الضرب العامي المتداول ضمن اللهجة الدارجة محلياً والذي يعني التعنيف الجسدي .

أما على صعيد الطفل العراقي فنجد أن رجال الدين قد أفتوا بأحقية قتل الطفل من قبل أبيه ولا يجوز القصاص للأب لأن الأب هو الأصل أما الطفل لا يتعدى كونه (فرع) فكما جاء في الترمذي (لَا تُقَامُ الْحُدُودُ فِي الْمَسَاجِدِ وَلَا يُقْتَلُ الْوَالِدُ بِالْوَلَد) وقام لاحقون بتحديد عقاب الأب إذا كان القتل عمداً وليس لغرض التأديب فقط! طبعاً مع عدم وجود أي نص قرآني يشرعن للأب قتل ابنه بدون قصاص !

نصل في النهاية إلى استنتاج معين وهو: أن القانون العراقي لا يقوم بتحديد ماهية ومعنى كلمة الشرع، فهو لا يقيد الشرع بالآيات القرانية ولا يرفض الفتاوى ولا التفاسير المختلفة، وبهذا كلمة الشرع هي كلمة مطاطية أخرى وفي أول تحديد للشروط في المادة 41 من قانون العقوبات تعني وتعطي أحقية ضرب النساء وتجيز قتل الأطفال من قِبل أبيهم أيضاً. وبهذا نصل إلى أن ما يلي كلمة الشرع وهي كلمة قانوناً وعرفاً لا تتعارض لا مع التعنيف الجسدي ولا مع قتل الأولاد من قبل آبائهم وهنا سنفهم أيضاً لماذا تم الحكم بالإعدام على الأم قاتلة أولادها في مدة لا تتجاوز الـ 3 أسابيع ولم يتم ولا حكم إعدام واحد بحق الرجال الذين قتلوا زوجاتهم وأطفالهم في العراق.

إن ما يثير الحزن والحنق أننا نتحدث عن قوانين سارية المفعول في العام 2022 إذ نقوم بتطبيق أحكام الإعدام بتمييز جندري فاضح و تسري العقوبات فقط على النساء!

إيناس الربيعي

Alkompis Communication AB 559169-6140 © 2024.