المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس عن رأي الكومبس
مقال رأي: يعتبر مرض السكري من أهم أمراض العصر والذي يرتبط بشكل مباشر بعوامل عدة منها الوراثية و البيئية و انماط الحياة المتبعة، ويتميز المرض بارتفاع مستويات السكر في الدم نتيجة انخفاض في افراز هورمون الأنسولين او خلل في ألية عمله. والإهمال الناتج عن تجاهل معالجة المرض يؤدي الى العديد من المضاعفات الخطيرة مثل امراض القلب والأوعية الدموية وتلف الأعصاب والفشل الكلوي وأمراض العيون وبتر الأطراف.
ومن خلال النظر بصورة تحليلية لتطور المرض خلال العقدين السابقين، نلاحظ انه ومنذ منذ نشر التقرير الاول للفيدرالية الدولية للسكري قبل حوالي 20 عام تضاعف عدد المصابين بالمرض أكثر من ثلاثة اضعاف في الفئة العمرية بين 20-79 عامًا. حيث زادت الأعداد المسجلة من 151 مليونًا الى 537 مليونًا أغلبهم (أكثر من 90%) كانوا مصابين بالنوع الثاني من السكري.
وفي أخر احصائية صدرت عن الفيدرالية الدولية لمرض السكري (الطبعة العاشرة 2021) بلغ عدد مرضي السكري في العالم 537 مليون شخص بزيادة قدرها 74 مليون مريض عن اخر تقرير صدر قبل سنتين. ومن الجدير بالذكر ان المرضى من الدول النامية والمتوسطة الدخل شكلوا اغلبية المرضي من النوعين الاول و الثاني.
و الجدير بالذكر و بناءا على ما ورد في التقرير الأخير ان الوفيات الناجمة عن مرض السكري تمثل حوالي عشر حالات الوفاة في العالم ، نصفها كان نتيجة لمضاعفات السكري من أمراض القلب والأوعية الدموية لأشخاص تقل أعمارهم عن 60 عامًا. كما ساهم نقص الانسولين او تأخر التشخيص او التشخيص الخاطئ في ارتفاع حالات الوفاة المرتبطة بالمرض.
رئيس الفيدرالية د. أندرو بولتون أكد في مقدمة التقرير ان أهمية مرض السكري كونه و بما لا يدع مجالا للشك انه المرض الاكثر انتشارً في العالم , كما أوضح انه و بالرغم على مرور أكثر من 100 عام على اكتشاف الانسولين و الذي اصبح متاحا للمرضى لكن مرض السكري ما زال يعتبر جائحة تدعو للقلق و انه قد اصبح خارج نطاق السيطرة. كما اوضح انه يجب ان يؤخذ مرض السكري علي محمل الجد , ليس فقط من المرضي او المعرضين لخطر الاصابة به , ولكن من صانعي القرار و المختصين في الرعاية الصحية أيضا.
إحصائيات منطقة الشرق الاوسط و شمال افريقيا (نظرة تحليلية مثيرة للقلق)
بالنظر بشكل تفصيلي في التقرير الأخير المنشور حديثا, نلاحظ و بشكل مقلقل جدا ان معلدل انتشار مرض السكري في الشرق الاوسط و شمال افريقيا ضمن فئة البالغين (20-79 سنة) حالياً هو الأعلى في العالم ( 16.2%) و من المتوقع ان يرتفع الى 19.3% بحلول العام 2045. كما ستشهد المنطقة ثاني أعلي زيادة متوقعة (86%) في عدد المصابين بمرض السكري حيث من المتوقع ان تقفز الاعداد من 73 مليوناً في 2021 لتصل الي 136 مليوناً بحلول عام 2045. و من الجدير بالذكر و الملاحظة ( و بشكل يدعو للقلق ايضا) أن المنطقة لديها اعلي نسبة وفيات مرتبطة بالسكري ( 24.5% ) حيث بلغت اعداد الوفيات في عام 2021 حوالي 428000 حالة. و من المستغرب (بناءا على ما ورد في التقرير) ان مجمل ما انفقته دول الاقليم على الرعاية الصحية و التوعوية لمرض السكري بلغ حوالي 33 مليار دولار و هو ما يشكل فقط 3.4% من الإنفاق العالمي أخذين بعين الاعتبار ان المنطقة تشكل موطناً لحوالي 13.6% من مرضي السكري علي مستوي العالم.
عربياً , احتلت مصر الصدارة في اعداد المصابين بمرض السكري بين دول المنطقة وجائت ضمن اعلي عشر دول في العالم من حيث أعداد البالغين المصابين بمرض السكري في عام 2021 و بزيادة حوالي 11 مليون مريض , و من المتوقع ان يبلغ عدد المصابين 20 مليون بحلول العام 2045.
ختاماً: يعتبرهذا التقرير مهما لعرض واقع حال مرض السكري محليا و عالمياو و يدق ناقوس الخطر لما قد تؤول له الأمور على مستوى العالم عامة و في منطقتنا خاصة اذا لم يتدارك اصحاب القرار و المختصين في الرعاية الصحية. و يوصى ان تؤخد مخرجات هذا التقرير لبناء خطة صحية و اقتصادية على مستوى الأقليم للحد من الأثار الصحية و الاجتماعية و الاقتصادية المصاحبة لمرض السكري. كما يساعد هذا التقرير الدول التي ليس لديها بيانات و بائية حول انتشار المرض على العمل لبناء قاعدة بيانات تهدف لفهم واقع حال المرض في تلك البلدان و تأثيره علي استراتيجيات الدول في تحسين الرعاية الصحية المقدمة للمرضي .
المصدر :
بقلم د. جلال تنيرة
كلية الطب، جامعة الشارقة
معهد الشارقة للأبحاث الطبية
منسق المجموعة البحثية لمرض السكري
د. جلال تنيرة (سويدي- فلسطيني) حاصل علي درجة الدكتوراه في مرض السكري من جامعة لوند – السويد. عمل حوالي 10 سنوات كباحث في قسم السكري والغدد الصماء في جامعة لوند وكمنسق لمركز الأنسجة البشرية في مركز السكري بجامعة لوند. انصب تركيزه على تحليل النمط الجيني لخلايا لانجر هانس في البنكرياس و اكتشاف الجينات المسببة لمرض السكري من النوع الثاني. قام بنشر اكثر من 60 بحث علمي في كبري المجلات العلمية العالمية. تم اختياره كأفضل عالم شاب في الدول الاسكندنافية عام 2013 .
في عام 2016 انتقل للعمل كأستاذ باحث في كلية الطب جامعة الشارقة في الامارات العربية المتحدة.