المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس عن رأي الكومبس
اليوم لا تزال 130 مليون فتاة محرومة من حق التعليم
الكومبس – رأي: في السابع من نوفمبر، من كل عام، يحتفي العالم بالإرث الاستثنائي الذي تركته العالمة “ماريا سكلودوفسكا كوري” المرأة التي لم تكن فقط رائدة في العلم، بل رمزًا للصمود والعزيمة. وُلدت ماريا في بولندا في عام 1867، في ظل نظام حكم يحرم النساء من التعليم الرسمي.
رغم ذلك، لم تتخلَ ماريا عن حلمها في التحصيل العلمي والدراسة، فالتحقت بجامعة “غير رسمية” تُعرف بـ “الجامعة الطائرة” وهي مؤسسة تتحدى القيود وتوفر التعليم للنساء والرجال على حد سواء. ورغم هذه الظروف الصعبة، حققت ماريا إنجازات عظيمة، فكانت أول امرأة تفوز بجائزة نوبل، والشخص الوحيد الذي حصل على هذه الجائزة في مجالين علميين مختلفين. لتُصبح واحدة من أهم العلماء البارزين في التأريخ. وجوائزها الكبيرة والكثيرة هي خير دليلٌ على تأثيرها الواسع.
تذكرنا قصة ماريا بنضال الملايين اليوم الذين يُحرمون من حقهم الأساسي في التعليم بسبب سياسات تمييزية وأزمات اجتماعية. في عام 2023، أفادت الأمم المتحدة بأن 130 مليون فتاة حول العالم يُحرمن من التعليم بسبب التمييز الجندري، والفقر، والصراعات. في بعض البلدان، تمنع السياسات الجائرة الفتيات من دخول المدارس، فتعيق أحلامهن وتحد من طموحاتهن. وقد ذكرت اليونسكو في تقريرها الصادر في أغسطس 2024 أن 1.4 مليون فتاة في أفغانستان ما زلن ممنوعات من التعليم بسبب قرارات السلطات هناك، مما يعرض مستقبل أجيال بأكملها للخطر.
بالإضافة إلى ذلك، يعاني الطلاب من بعض الأديان أو المعتقدات من تمييز متواصل يحرمهم من التعليم. في إيران، على سبيل المثال، أشار النائب السويدي أولي توريل مؤخرًا إلى أن الآلاف من الطلاب البهائيين في إيران مُستثنون بشكل منهجي من دخول الجامعات*
هذه الأنظمة التمييزية تُبعدهم عن التعليم وتُحرم المجتمع من إسهاماتهم وقدراتهم.
الصراعات والحروب تعرقل كذلك حق الأطفال في التعليم من جميع أطراف النزاع، فتجعلهم محرومين من المدارس والبيئة التعليمية التي يحتاجونها للنمو. هذا الحرمان لا يؤثر على حاضر هؤلاء الأطفال فقط، بل يؤثر على شخصياتهم ومستقبل مجتمعاتهم، حيث يؤدي إلى جيل قد يكون محروما من أدوات الإبداع والمعرفة التي يحتاجها المجتمع لتقدمه واستقراره.
إن التعليم يجب أن يخدم المجتمع ككل، فيعلّم الأفراد احترام حقوق الآخرين وتعزيز روح التعاون والعدل. عندما يُصبح التعليم موجهًا فقط لتحقيق النجاح الشخصي دون تعزيز المسؤولية تجاه الآخرين، فإنه يزيد من الفجوة بين الأغنياء والفقراء، ويؤدي إلى المزيد من عدم الاستقرار في العالم.
إن إرث ماريا سكلودوفسكا كوري يلهمنا لإعادة التفكير في معنى التعليم وأهدافه. رحلتها تدعونا إلى الوقوف مع تعليم يُمكّن الجميع، بغض النظر عن جنسهم أو معتقدهم، لبلوغ إمكاناتهم الكاملة والمساهمة في بناء عالم أكثر عدلاً وتماسكًا.
لنكّرم ذكراها بدعم رؤية للتعليم تغذي العقل والقلب، وتجعل من كل فرد قوة إيجابية تخدم المجتمع برحمة ونزاهة.
د. زياد الخطيب