ثرثرة تحت النيــل

: 7/31/13, 2:17 PM
Updated: 7/31/13, 2:17 PM
ثرثرة تحت النيــل

المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس عن رأي الكومبس

الكومبس – مقالات الرأي : ((رجعوا التلامذة/ يا عم حمزة للجد تاني/ يا مصر إنتي اللي باقية/ وأنتي قطف الأماني/ لا كورة نفعت/ ولا أونطة/ ولا المناقشة و جدل بيزنطة/ ولا الصحافة والصحفجية/ شاغلين شبابنا/ عن القضية/ قيمولنا صهبة يا صهبجية/ ودوقونا طعم الأغاني/ رجعوا التلامذة للجد تاني/ طلعوا التلامذة ورد الجناين/ اسمع يا ميلص و شوف وعاين/ ملعون أبوك ابن كلب خاين/ يا صوت أميركا/ يا أمريكاني/ رجعوا التلامذة يا عم حمزة للجد تاني/ يا مصر إنتي اللي باقية وأنتي قطف الأماني))

(هذي مصر جايه تعلن كلمتها نصر)

الكومبس – مقالات الرأي : ((رجعوا التلامذة/ يا عم حمزة للجد تاني/ يا مصر إنتي اللي باقية/ وأنتي قطف الأماني/ لا كورة نفعت/ ولا أونطة/ ولا المناقشة و جدل بيزنطة/ ولا الصحافة والصحفجية/ شاغلين شبابنا/ عن القضية/ قيمولنا صهبة يا صهبجية/ ودوقونا طعم الأغاني/ رجعوا التلامذة للجد تاني/ طلعوا التلامذة ورد الجناين/ اسمع يا ميلص و شوف وعاين/ ملعون أبوك ابن كلب خاين/ يا صوت أميركا/ يا أمريكاني/ رجعوا التلامذة يا عم حمزة للجد تاني/ يا مصر إنتي اللي باقية وأنتي قطف الأماني))

تحية لشعب مصر ولمصر أم الدنيا، هكذا يرددون ورددناها معهم، كلنا يحب مصر ولها فضل علينا، ونحمل في مخيلتنا صورة بهية وبهاء مصر وشعبها العظيم، (شعب أحمد فؤاد نجم والشيخ إمام، ونجيب محفوظ ومصطفى لطفي المنفلوطي وأحمد شوقي، ومحمد عبد الوهاب وأم كلثوم وإسماعيل ياسين، ونجاة الصغيرة، ومحمد زويل، وغيرهم وغيرهم الآلاف من المبدعين والفنانين والعلماء).

مصر أم العطاء والخير لكنها مسلوبة من أبناء جلدتها ولكن شعب مصر كان دائما رغم القهر شعباً معطاءاً.

((ناح النواح والنواحة على بقرة حاحا النطاحة والبقرة حلوب/ حاحا/ تحلب قنطار/ حاحا/ لكن مسلوب/ حاحا/ من أهل الدار/ حاحا/ و الدار بصحاب/ حاحا/ واحداشر باب/ حاحا/ غير السراديب حاحا…))

منذ الطفولة تفتحت أعيننا على اللهجة والثقافة المصرية ونهلنا من نتاجات مبدعيها الكبار، وكان للإنتاج التلفزيوني الفني والثقافي المصري الكثيف والمميز دوره في خلق صورة زاهية لمصر وشعبها، وكنا نحلم بزيارتها.

وكانت الزيارة الأولى إلى مصر أرض الكنانة ولو جاءت متأخرة فهي أفضل من عدمها، وبين الصورة المنسوجة والحلم وبين الواقع آهاتٍ وآهات، حسراتٍ وحسرات…وهذا حال بلداننا العربية قاطبة.

((يسبق كلامنا سلامنا يطوف ع السامعين معنا/ عصفور محندق يزقزق كلام موزون وله معنى/ عن أرض سمرة وقمرة وضفة نهر/ ومراكب ورفاق مسيرة عسيرة وصورة حشد…))

هنا النيل الخالد يفرش ذراعيه لاحتضاننا، يجري بوداعةٍ وهدوء، وعلى ضفافه انتشرت الأشياء والناس… طيبتهم اللامتناهية وبساطتهم ومسالمتهم وحبهم للآخر…ربما ارتجت الصورة ولكن ليس معهم…، هنا المتحف الوطني المصري العريق، تدخله فتبهرك الآثار الخالدة، مصر الفرعونية، مصر التاريخ العظيم والمجد التليد، هنا شوارع متآكلة يعلوها الغبار والدخان الأسود المتصاعد من عادم السيارات القديمة التي انقرضت موديلاتها منذ عقود من بلدانها المصنعة وها هي هنا تسير وتنفث وتنفث ويعلو في الفضاء عادمها مع زفرات وآهات البسطاء، التي تحسها وأنت تدخل إلى الأنفاق المؤدية إلى المترو… حيث تلسعك نفحة من الهواء الساخن الفاسد… زفير الملايين التي تستخدم هذه النعمة العصرية التي حلت جزءاً كبيرا من زحام المدينة صاحبت الخمسة والعشرون مليون نسمة وقد يرتفع أو يقل بين يوم وآخر مليونان وهذا حال المدن الكبرى…

مصر الأمس ومصر اليوم…..

((و رفاق مسيرة عسيرة

وصورة حشد و مواكب

ف عيون صبية بهية

عليها الكلمة والمعنى))

عربات مكتظة بأجساد البسطاء المتعبة سعياً وراء لقمة العيش الصعبة المنال…شوارع المدينة المزدحمة، أربعون شرطيا ينظمون عبور الناس في بداية شارع رمسيس، لا تستغرب، لأنه من الصعب أن تنجح هنا الإشارات الضوئية، لتقوم بذلك، فكثرة البشر وعدم تعودهم على هكذا تكنولوجيا، فجلهم من البسطاء والفقراء والأميين، وهم يسعون من أجل البقاء,لا تستغرب وأنت تسير في شارع رمسيس المشهور أن تجد عبارات غير لائقة على الحيطان مثلا ((البول للحمير))، أو غيرها من العبارات والإعلانات المختلفة التي تشوه الشارع.

في المترو عربات خاصة لركوب النساء وأخرى خاصة للذكور، لم أكن اعلم بذلك فركبت لأول مرة دون قصد مني العربة الخاصة بالنساء، فوجدت العيون تتوجه عليّ، وعندما وقف المترو في المحطة التالية وجدت من يوجه ليّ الدعوة للترجل والتحول إلى عربة أخرى، مقدراً كوني غريب عن قوانين وعادات أهل البلد، والأغرب وجدت دعاءاً معلقاً في عربة النساء يحرم التبرج واستخدام العطور من قبل النساء.

((مصر يا أمة يا بهية/ يا أم طرحة و جلابية/ الزمن شاب وأنتي شابة/ هو رايح وأنتي جية/ جية فوق الصعب ماشية/ فات عليكي ليل وميه/ واحتمالك هو هو/ و ابتسمتك هي هي/ تضحكي للصبح يصبح/ بعد ليلة و مغربية/ تطلع الشمس تلاقيكي/ معجبانية وصبية…))

أينما تسير تجد ظاهرة التسول منتشرة بأشكالٍ غريبة وعجيبة، وبالضد تجد معوقين يعملون رغم عاهاتهم وصعوبة تدبير حالهم، لكنهم يبذلون جهوداً من أجل لقمة العيش الشريف.

مصر الأهرامات، هناك في الجيزة تجد عوالم أخرى، عوالم ليس لها أول وليس لها آخر، الغوص في تلك العوالم يحتاج إلى مؤلفات وكتب وبحث ومتابعة، يحكيها أبو الهول كل يوم، باعة متجولون يجوبون الشوارع يبيعون كل شيء يخطر ببالك.

الشوارع تزدحم بالمارة وخلال لحظات تتجمع المئات الآلاف الملايين، من كل الفئات من كل الطوائف، تتحدى تهتف تصارع، ترفع شعارات، ترقص تهزأ تتكاتف…

كسبة، عمال، موظفين، فلاحين، صحفيين، فنانين، وتزدحم الساحات، ظن الجميع أن مصر نامت ولن تستيقظ بعد اليوم، فالكل مشغول بهمهِ، ليس لديه الوقت للتفكير حتى بالتغيير، لكن يناير 2011م، كان مدوياً، نعم سرقت الثورة، سرقت ولن تعود بهية بعد اليوم، لكن ناطحات السحاب ستنحني يوما لتمجد هذا الشعب من جديد، وستحترم الشعوب إرادة هذا الشعب العظيم.

(( الليل جزاير جزاير/ يمد البحر يفنيها/ والفجر شعلة حتعلا/ وعمر الموج ما يطويها/ والشط باين مداين عليه الشمس طوافة/ أيدك ف أيدنا ساعدنا/ دي مهما الموجة تتعافى/ بالعزم ساعة جماعة/ وبالإصرار نخطيها…)).

عند صلاة الظهر أو العصر، يفترشون الطرقات لأداء فرض الصلاة، وسط شوارع القاهرة المزدحمة دوما، ينهون الصلاة ويعودون لممارسة عملهم من جديد، أطفال يبيعون مختلف البضائع في الشوارع، لقمة العيش تصعب على النساء، يكدحن في ظروفٍ صعبة للغاية، الحجاب أصبح ظاهرة عامة، فالخشية من المتزمتين والخوف من سلوكهم ضد النساء الغير محجبات يجبر حتى بائعات الهوى على ارتداء الحجاب، فما بالك بالكادحات وحتى المثقفات والطالبات.

لقد أعادوا مصر قروناً إلى الوراء، جوعوا شعبها، وحاولوا تطويعه، مصر التي كانت قبلة للجميع، جعلوا شعبها ينفر منها، ملايين المصريين يهاجرون خارجها، فقد ضاقت بهم مصر وتبددت أحلامهم، يعملون في مختلف دول العالم، تاركين ورائهم عوائلهم، لماذا ومصر هيّ التي كانت أم الخيرات…؟؟؟

((ويعود كلامنا بسلامنا يطوف ع الصحبة حلواني/ عصفور محني يغني على الأفراح ومن ثاني/ يرمي الغناوي تقاوي/ تبوس الأرض تتحنى/ تفرح وتطرح وتسرح/ و ترجع ثاني تتغنى/ اللي بنى مصر كان ف الأصل حلواني…)).

كان الناس يخشون من السلطات، أما اليوم فالموازين قد انقلبت فلم يعد الخوف يقف حاجزاً من المطالبة بالحقوق، وضمان العيش الكريم للإنسان المصري، نعم كلنا يعرف أن العديد من الدول لها مصالح إستراتيجية في مصر، فمصر لها تاريخ يمتد لآلاف السنين، وحاضر مؤثر في المنطقة والعالم.

في زيارتي الأخيرة لمصر كان الغليان وكانت الانتخابات بعد الإطاحة بالنظام السابق وأعوانه، كانت مصر جميلة بأهلها وطيبتهم، مصر ليست القاهرة فقط، مصر الصعيد والإسكندرية ووو، فلاحيها البسطاء، عمالها البواسل في المحطات والمعامل، يكدحون لكن العوز هو الغالب على الجميع، ومتطلبات الحياة تزداد كل يوم.

خرج الشعب المصري وخرجت معه فرحتنا المكبوتة لعقود، وتأملنا كما تأمل شعب مصر العريق بالتغيير نحو الأفضل وهاجت الأرض في كل مكان وماجت الأفكار ودارت الرؤوس، وانطلق جدال في كل مكان، التهبت تونس واليمن وليبيا وسوريا، وسكت الجميع برهة وسرعان ما سرقت الأحلام، لكن العرافة المصرية قالتها نعم قالتها، لن نسكت بعد اليوم على أية ظلم سنخرج وسنخرج ضد أي اعوجاج وضد أي ظلم، انتهى زمن الخوف انتهى زمن الخنوع، انتهى زمن اليأس، بهية المصرية تتفوه تتحدى تقاتل، وتجيد العزف والغناء وحتى الرقص، بهية هي شعب مصر هي مثقفيه، هي فلاحيه وعماله وطلابه، هي نساءه ورجاله، تخرج اليوم عن بكرة أبيها لترسم مستقبلها، رغم كل الظروف المعقدة المحيطة بمصر، رغم كل التدخلات الخارجية.

الكل ينظر اليوم لهذا الشعب بإعجاب، بل ننصت صاغرين لنتلقى درسا تاريخيا، وهو ان الشعوب هي صانعة المستقبل، شرط تحررها من الخوف وعدم رضوخها للطغيان والاستلاب.

لقد أوجز الشاعر أحمد فؤاد نجم في قصائده كل تاريخ مصر المعاصر، وأمام كلماته تصغر الكلمات الأخرى مهما كانت رصينة وبليغة فهي خير من يعكس ضمير شعب مصر الحي.

((مصر يا أمة يا سفينة/ مهما كان البحر عاتي/ فلاحينك ملاحينك/ يزعقو للريح يواتي/ اللي ع الدفة صنايعي/ و اللي ع المجداف زناتي/ و اللي فوق الصاري كاشف/ كل ماضي وكل آتي/ عقدتين والثالثة ثابتة/ تركبي الموجة العفية/ توصلي بر السلامة/ معجبانية وصبية/ يا بهية….)).

سلاماً شعب مصر العظيم.

بقلم: محمد الكحط

Alkompis Communication AB 559169-6140 © 2024.
cookies icon